هنادي محمد عبد المجيد

قِصَر الأمل وطول الأمل‏

قِصَر الأمل وطول الأمل‏
حديثي اليوم عن أحد المهلكات ،، الموقعات في فتنة الدنيا ، وهو طول الأمل، وأبدأ بالوصف للمعنى الإيجابي ، والذي يحمل التبشير أولا ويشرح الجانب المضيء المستحب ،ألا وهو :<قِصَر الأمل> قال سفيان الثوري عن قصر الأمل : هو الزّهد في الدنيا ،قال تعالى:[ كلُّ نفسٍ ذائقةُ الموت وإنَّما توفُّون أجورَكم يوم القيامة فمن زُحزِحَ عن النار وأُدخل الجنَّة فقد فاز وما الحياةُ الدنيا إلا متاعُ الغُرور] وقال تعالى:[ أينَما تكونوا يُدرِككم الموت ولو كنتْم في بروج مشيَّدة] وقال تعالى:[ فاصْبر كما صبَر أوُلوا العزمِ من الُّرسُل ولا تسْتعجِل لهم كأنَّهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلَّا ساعة من نهار بَلَاغْ فهل يُهلَك إلا القوم الفاسِقون] وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أَتيْتُ النبي صلى الله عليه وسلم عاشر عشرة ،فقام رجل من الأنصار ،فقال: يا نبي الله ،من أكيس الناس وأحزم الناس؟ قال: { أكثرهم ذكرا للموت ،وأكثرهم استعدادا للموت ،أولئك الأكياس ذهبوا بشرف الدنيا وكرامة الآخرة} وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :{استكثروا ذكر هادم اللذات فإنه ماذكره أحد في ضيق إلا وسَّعه، ولا ذكره في سعة إلا ضيَّقها عليه} وعن مطرف بن عبد الله بن الشخير رحمه الله قال:” القبر منزل بين الدنيا والآخرة ،فمن نزله بزاد ارتحل به إلى الآخرة، إن خيرا فخير وإن شرا فشر] وعن أبي معاوية قال:” ما لقيني مالك بن مغول إلا قال لي: لا تغرَّنك الحياة واحذر القبر إن للقبر شأنا” الخلاصة هنا أن توطين المرء نفسه على قصر أمله يزهِّد في الدنيا ،ويُرغِّب في الآخرة، ويحمله على اغتنام هذه الحياة فيما يقرب إلى مرضاة الله تعالى،وأكيس الناس وأحزمهم لشأنه أكثرهم ذكرا للموت، واستعدادا له .
<طول الأمل> قال ابن حجر:” في الأمل سرٌّ لطيف لأنه لولا الأمل ما تهنىَّ أحد بعيش، ولا طابت نفسه أن يشرع في عمل من أعمال الدنيا، وإنما المذموم منه الإسترسال فيه وعدم الإستعداد لأمر الآخرة، فمن سلم من ذلك لم يكلَّف بإزالته ،”لذلك قلنا إن طول الأمل يعد فتنة إن فقدنا توازن الأخذ به ،واليهود خير مضرب لمثل هذا الأمر ففيهم أنزل الله تعالى قوله:[ ولتجدنَّهم أحرص الناس على حياةٍ ومن الذين أشركوا يودُّ أحدَهم لو يُعمَّر ألفَ سنةٍ وما هوَ مُزحْزِحَهُ من العذاب أن يُعمَّر والله بصيَر بما يعمَلون] وقال:[ آلر تِلك آياتُ الكتاب وقرآنٍ مُبين ، رُبَّما يودُّ الذين كفروا لو كانوا مسلمين ، ذَرْهُم يأكلوا ويتمتَّعوا ويُلهِهِم الأمَلُ فسوْف يعلمون] وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: خط النبي صلى الله عليه وسلم خطا مربعا وخط خطا في الوسط خارجا منه وخط خططا صغارا إلى هذا الذي في الوسط من جانبه الذي في الوسط وقال:{ هذا الإنسان وهذا أجله محيط به – أو قد أحاط به – وهذا الذي هو خارج أمله، وهذه الخطط الصغار الأعراض، فإن أخطأه هذا نهشه هذا ،وإن أخطأه هذا نهشه هذا} وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:{ لا يزال قلب الكبير شابا في اثنين: في حب الدنيا ،وطول الأمل} ،، إن لطول الأمل أسبابا فأحذروها منها: الجهل، وحب الدنيا، والأنس بها، والغفلة عن الآخرة ،وما أعد الله فيها من النعيم المقيم لأهل طاعته ومن العذاب الأليم لأهل معاصيه، وقلة الصبر عن الشهوات، وشدة الغفلة عن الطاعات، وهو باب عظيم يلج منه الشيطان للإنسان كي يقعد به عن اللحاق بركب المسارعين في الخيرات الطامعين في جنة عرضها الأرض والسماوات ، نسأل الله بمنه وكرمه أن يجعلنا منهم ،،اللهم آمين.

هنادي محمد عبد المجيد
[email]hanadikhaliel@gmail.com[/email]