الطاهر ساتي

رائحة قناديل الذرة …!!


[ALIGN=JUSTIFY][ALIGN=CENTER]رائحة قناديل الذرة …!![/ALIGN] ** برلماني، كان قد حذر في الصحف قبل شهرين تقريبا بأن محلية طوكر تمر بفجوة غذائية ..وخرج آخر اسمه من ذات البرلمان – بعد شهر من تحذير ذاك – منوها بأن تلك المحلية تشهد فجوة غذائية ..ثم ثالث في ذات البرلمان يتأهب هذه الأيام لتقديم مسألة مستعجلة للبرلمان لمناقشة ما أسماه بنذر مجاعة في محلية طوكر .. فالبرلماني الثالث هذا كان واضحا في تسمية الأشياء بأسمائها ، بحيث لم يطلق لقب الفجوة الغذائية على المجاعة ..وعليه ، حسب حديثهم ، محلية طوكر تعاني الأمرين ، ضيق حال أهلها وإهمال ولاة أمرها ، حتى ارتقى الضيق والإهمال الي مرتبة البوح البرلمانى .. وهذا ليس بكل الحدث الذي نتحدث عنه اليوم ياصديقي القارئ ، بل تلك الفجوة هى ذيل الحدث ، فلنذهب معا الي رأس الحدث و..مربط الحديث ..!!
** مستشار بالقصر الرئاسي تقدم بطلب مصدق لجهاز المخزون الإستراتيجي في منتصف فبراير الماضي، طالبا دعم عاجل للأهل بولاية البحر الأحمر، فوافق له جهاز المخزون – بتاريخ 18 فبراير ـ بعدد إثنين الف جوال ذرة ، سعة الجوال 90 كيلوجرام ، مجانا ، وسلم مندوب المستشار إذن تسليم وسحب – نمرة 2187 – مختوم بختم إدارة التخزين بالجهاز ، علما بأن المندوب المستلم برلماني أيضا ..ومشكور كتب فى وثيقة الاستلام اسمه الرباعي وورقم هاتفه الجوال وبطاقته البرلمانية ..كتب هذا أسفل إقرار بارز نصه : استلمت السلعة الموضحة بهذا الاذن تماما وتحققت منها نوعا وعددا ..هكذا نص الإقرار ..!!
** بعد إستلامه لاثنين الف جوال ذرة ، قدم المندوب البرلمانى للمخزون ذاته ، فى نفس اللحظة ، طلبا آخر به تصديق آخر للأهل بولاية البحر الأحمر بعدد ثمانية آلاف جوال ذرة ، سعة الجوال 90 كيلوجرام ، فسلمته إدارة التخزين بالمخزون إذن سحب العدد المصدق به – نمرة 2187 – مقابل ثلاثين جنيها فقط لاغير سعرا للجوال ، أي مئتان واربعين الف جنيه للثمانية آلاف جوال ، دفعها المندوب البرلماني عدا نقدا لحسابات المخزون ( بايصال رقم 5979726 ) ..وعليه ، تشير الوثائق الضاجة بالأسماء والأرقام والأختام ، بأن مستشارا وبرلمانيا إستلما من المخزون عدد عشرة آلاف جوال ذرة تحت مسمى دعم مواطنى ولاية البحر الأحمر ، وكما تعلمون هي الولاية التى بها محلية طوكر ..!!
** تلك حقائق موثقة ، فدع عنك شوائبها التي تطرح أسئلة ثانوية حول النظام المتبع في كيفية سحب السلعة الغذائية من مخازن المخزون الإستراتيجي ..هل لأي مستشار أوبرلماني سلطة تقديم طلب دعم عاجل أوآجل لأية منطقة في السودان ..؟..وهل للمخزون ومن يتولى أمره سلطة تسليم إذن استلام السلعة وسحبها من المخازن لأى مستشار أو من ينوب عنه ، برلمانيا كان أو مواطنا أو تاجرا ..؟..ما لم أكن مخطئا ، فإن الدولة السودانية الراهنة تحكمها نصوص دستور هى التي تحدد لشاغلى الأجهزة التشريعية والتنفيذية مهامهم الوظيفية ، وكذلك هى التى تقسم السلطتين -التنفيذية والتشريعية – الي ثلاثة مستويات ، اتحادي ولائي محلي..!!
** وما لم أكن مجنونا فى وادى العباقرة فإن سلطة مخاطبة وزارة المالية الاتحادية ومخزونها الإستراتيجي ثم استلام وسحب السلعة الغذائية من مخازنها القومية هى سلطة ولائية تتوقف عند عتبة سلطة المحلية التي لها فقط حق التوزيع والاشراف حتى تصل السلعة لذوى الحاجة مباشرة ، وليس للتجار وغيرهم ..هكذا تقريبا ينظم الحكم الفيدرالي نظام الناس والبلد ، وإذا تتبعت مفاصل النظم والنظام التنفيذية فى هذا الحكم المسمى بالفيدرالي فلن تجد موطئ قدم لمستشار فى القصر أو برلمانى فى المجلس الوطني ، فهذا وذاك لهما مهام أخرى ليست من بينها استلام السلعة وتوزيعها على مواطن أو تاجر ..أليس كذلك ..؟..دع عنك تلك الأسئلة الثانوية ، فليكن الطالب والمستلم مستشارا وبرلمانيا ، فليكن ..فالسؤال الأساسي : هل وصلت الكمية – عشرة آلاف جوال ذرة ، سعة الجوال 90 كيلوجرام – لمستحقيها فى طوكر وغيرها من محليات ولاية البحر الاحمر السبع ..؟..لو كانت الإجابة نعم صريحة ، لما شكلت حكومة الولاية قبل يومين لجنة تحقيق لمعرفة الإجابة ..وإن كانت الحكومة ذاتها هناك لاتعلم أين ذهب قوت رعيتها ، فمن الذي يعلم ..؟.. الله أعلم ..!!
إليكم – الصحافة -الاربعاء 2008م،العدد5507
tahersati@hotmail.com [/ALIGN]