تحقيقات وتقارير
اعتماد السودان على البترول القشة التى ستقصم ظهر البعير
الخبير الاقتصادي بروفسير عصام الدين عبد الوهاب بوب، وصف العاصفة المالية بالمتوقعة ومنذ ثلاثة عقود حسب تحليلات الخبراء الماليين، وارجع اسبابها للتغيير الذي انتجته العولمة اضافة لكثافة الانتاج، مشيرا الى ان أزمة عام 1929 نشأت لنفس الاسباب وانتهت بحرب عالمية ساهمت فى وقف الانتاج فى عدد من دول العالم ، وعن الوضع على الصعيد الافريقي قال بوب برغم ان بداية الأزمة كانت فى الولايات المتحدة الامريكية بانهيار اسواق العقارات الذي تبعه انهيار لمؤسسة «بيرلينش» التى تمثل قمة جبل الجليد للمؤسسات العقارية الا ان هذا السقوط تبعه انهيار للاسواق المالية فى اسيا فلاول مرة تفشل شركة تايوتا اليابانية فى بيع منتجاتها، ماضيا بالقول ان الانهيار لن يتوقف على اسيا، وبالتأكيد سيمتد لافريقيا ، معتبرا ان الاشكالية فى افريقيا جنوب الصحراء لانها موطن انعدام الغذاء اضافة الى اعتمادها على نظام اقتصادي ضعيف و مؤسسات مالية هشة «لم تنضج بعد »حسب وصفه، مستدركا بالقول ولكن رغم ذلك يصعب التنبؤ بالاثار المتوقعة من تداعيات هذه الأزمة على افريقيا .
ووفقا لاستاذ الاقتصاد بجامعة الخرطوم مصطفي محمد عبد الله، فان الاضطرابات الاقتصادية عادة ما ترتبط بالانظمة الرأسمالية لهذا يصبح من السذاجة الاعتقاد فى مقولة الرأسمالية هي نهاية التاريخ، واضاف بناء على اراء وتحليلات روبرت جانغ واندري فلاسكو فان عدم توفر السيولة يعتبر الشرط الاساسي والضروري لبروز الأزمات الاقتصادية وهو ما حدث فى أزمة شيلي 1982م والمكسيك 1995م والأزمة المالية الاسيوية 1997م ، وقال عبد الله ان الباحثين توصلا الى ان الأزمات السابقة ارتبطت بشكل وثيق بحركة رؤوس الاموال بين الدول بجانب انفتاح الدول على عمليات الائتمان الدولية وانعدام السيولة الذي يعتمد على درجة التحرير المالي .
وشبه عبدالله الأزمة الاخيرة بالأزمة الاقتصادية التى حدثت فى العام 1929 و التى انتهت بانهيار اقتصادي حقيقي، وتساءل هل تصير الاخيرة الى مآلات الاولي ؟ ام تكون أزمة محدودة تنتهي باستعادة الثقة فى النظام الاقتصادي الدولى ؟
وعن الاثار المترتبة على افريقيا، قال عبد الله من المبكر الحديث عن اثار اقتصادية مباشرة على افريقيا، وعزا ذلك الى صعوبة التكهن بحجم الأزمة لان هنالك جهودا وسياسات من الدول الكبري لاحتوائها ، ولكنه عاد وقال من المؤكد ان افريقيا لن تكون بمعزل عن تأثيرات هذه الأزمة بسبب عدد من المؤشرات كالمديونية الخارجية والمساعدات واحتياطيات النقد الاجنبي والاستثمارات الاجنبية بجانب الاعتماد على البترول والانفتاح الاقتصادي، اضافة الى عجز الموازنات الحكومية ، وذهب عبد الله الى انه نتيجة لذلك سترتفع معدلات الفقر فى كثير من الدول الافريقية وتحديدا التى تعتمد وبشكل اساسي على التكامل بين اقتصاديات الدول فى اطار النظام الدولي .
وتوقع عبد الله تفشي المجاعة بجانب ارتفاع معدلات الفقر فى افريقيا جنوب الصحراء مالم تتصدى المنظمات الدولية والحكومات لمجابهة الأزمة، مشيرا الى ان تحقيق اهداف الالفية الجديدة اصبح بعيد المنال مع تفاقم أزمة الغذاء وبروز الأزمة المالية .
ويري دكتور الاقتصاد بجامعة الزعيم الازهري على الله عبد الرازق ان سبب الأزمة الاقتصادية التوسع فى النظام المصرفى المالى من خلال زيادة الاصول المالية «اوراق مالية وسندات واسهم » مع انعدام الرقابة لاعتبارات سياسية او اخري متعلقة بكتل اتخاذ القرار «اللوبي » ، مشيرا الى ان هذا التوسع ادي الي زيادة اعداد المستدانين مما شكل خطورة كبيرة للعجز الذي صاحب عملية السداد .
ومضي عبد الرازق متسائلا هل نحن فى السودان بعيدون عن تطورات هذه الأزمة ؟وتابع قائلا:بلاشك ان تأثيرات هذه الأزمة ستنعكس على اقتصاديات الدول بصورة عامة والنامية بصورة خاصة والتى وزعها الى ثلاث مجموعات الاولى المنفتحة على الاقتصاد العالمي وتمثلها دول الخليج، والثانية المتوسطة الانفتاح كمصر وتونس، والثالثة والاخيرة وصفها بالمنغلقة والتى من بينها السودان ، ويعتقد عبد الرازق ان تأثير الأزمة المالية سينعكس على السودان بسبب اعتماده على الصادرات البترولية الموجهة لاسواق معينة هى شرق اسيا وتحديدا «الصين» هذا بجانب العقبات التى تواجه سوق الاوراق المالية بالخرطوم والتأثير المباشر الذي يأتيه من سوق الاوراق المالية فى دبي مما يعني ان الركود الاقتصادي المتوقع سينعكس على معدلات النمو فى الداخل ، وهذا الركود حسب عبد الرازق سيتبعه ركود على مستوي الصادرات السودانية للاسواق العالمية اضافة الى التأثير على استقطاب مشاريع الاستثمار فضلا عن انخفاض تدفقات رؤوس الاموال الاجنبية المباشرة .
وخلصت الندوة الى ان السودان سيبقي على المدى القصير في مأمن وغير معرض لتبعات هذه الأزمة بسبب علاقاته المحدودة مع المجموعة المالية الدولية.
سارة تاج السر :الصحافة [/ALIGN]