جعفر عباس

مسكينة بنتي

مسكينة بنتي
عندما أكملت كبرى بناتي تعليمها الجامعي ونالت البكالوريوس بامتياز، قلت لها: مبروك طالعة لأبوكِ،.. كيف ستحتفلين بالمناسبة؟ أنت تأمرين وأنا أنفذ، وكنت صادقا في كلامي، فكان ان دعت بعض قريباتها وزميلاتها، وأطعمناهن أكلا جلبناه من مطعم مشهور، بمبلغ مهول يقارب 600 ريال!! وكانت في منتهى السعادة بكل ذلك، ثم قرأت بعدها بأيام ما جاء في صحيفة سعودية بأن بعض طالبات المنطقة الشرقية في السعودية احتفلن بالتخرج قبل اعلان النتائج، في فنادق خمسة نجوم بكلفة ناهزت 300 الف ريال للحفلة الواحدة، وكان بعضهن قد استعد للمناسبة بفساتين قيمة الواحد منها 6 آلاف ريال!! ما هذا؟ فلو وجدت الواحدة منهن وظيفة لن يكون راتبها أكثر من خمسة آلاف ريال في الشهر، ولو وضعت راتبها ذاك بالكامل شهرا بعد شهر تحت المخدة، فإنها ستحتاج الى خمس سنوات لتغطي قيمة حفل التخرلاج، تذكرت حفل تخريجي في الجامعة، وما أعقبه من احتفال شخصي: كلفني ذاك الحفل ما يعادل راتب نصف شهر، لأن تقاليد جامعة الخرطوم كانت تقضي بأن يكون حفل التخريج بعد عدة أشهر من نهاية العام الدراسي بحيث يكون معظم أو جميع الخريجين قد حصلوا على وظائف، وبالتالي كان كل خريج ملزما بوضع ميزانية ليوم تخرجه لإطعام ــ بل أحيانا ــ كسوة أصدقائه وزملائه الذين لم يكملوا دراستهم.ومضى التقرير الصحفي في استفزازي وبنتي قائلا ان بعض الطالبات يتفقن مع فنان معروف كي يؤلف ويلحن أغنية يتردد فيها اسم الطالبة وسنة التخرج،.. وبما انني صاحب باع طويل في مجال تأليف الأغاني، وكتبت وأنا في سن الحادية عشرة تقريبا قصيدة: من نارك يا جافي/ انا طالب المطافي!! وهي نفس السن التي كتب فيها المتنبي: أرقٌ على أرقٍ ومثلي يأرقُ/ وجوى يفيض وعبرة تترقرق،.. المهم انني على استعداد لكتابة أغاني التخرج لمن ترغب بواقع عشرين الف ريال للخريجة الواحدة، وكي أؤكد براعتي في هذا المجال إليكم مطلع القصيدة التي ألفتها لقريبتنا «وافية» التي تخرجت حديثا في الجامعة: يا وافية/ يا بتاعت الجغرافيا/ خريجة عام الفين وثلاثة/ وأبوك طلق أمك بالثلاثة!! وإذا كانت الخريجة اسمها نورة مثلا ستكون القصيدة: يا نورة.. يا أحلى من ايمان بنورة.. لما أخدت البكالوريوس/ احتفل العلوج والهندوس! وإذا كان اسمها صافي: مبروك يا بنت يا صافي/ يا أحلى من القذافي / نظيرك في الدنيا «ما في».
وفي نفس الصفحة التي سَمّ فيها التقرير بدني، قرأت تقريرا آخر مفاده ان هناك فساتين زفاف قيمتها 100 الف ريال، وأن بعض الشبان يقدمون للعروس ساعات قيمة الواحدة منها 150 الف ريال! وسؤال بريء: هل الفستان ابو100 الف يأتي ومعه ضمان خمس سنوات على الأقل بأن الزيجة ستنجح؟ هل مزود بمواد «خصوبة» أو «منع حمل»؟ وهل الساعة أم 150 الف يقود تروسها آدمي يجلس بداخلها؟ عندما تزوجت أتيت لزوجتي بفستان زفاف من لندن ليس لأنني شخص «راقي»، بل لأنني كنت وقتها ادرس في لندن، وبعد الزواج جعلنا الفستان «وقفا».. وكلما سمعنا بان فلانة التي نعرفها ستتزوج غسلناه، وقدمناه اليها، وهكذا ظل الفستان متداولا من عروس إلى آخر حتى انتهت موضته وصلاحيته بينما استمرت صلاحية الزيجات التي شارك فيها،.. وذلك الفستان الذي أدخل السرور على العديد من العرائس لم تكن قيمته تزيد على 600 ريال!!! بأسعار الزمن الراهن.

[EMAIL]jafabbas19@gmail.com [/EMAIL]