اقتل بس إياك والأمريكان!
من اكبر المشكلات التي تواجه الشباب الذين يحلو لهم الاستهتار بأرواح الناس في الشوارع، لاثبات كفاءتهم في قيادة السيارات بالاساليب غير المألوفة، دفع الديات والغرامات عند وفاة ضحاياهم او اصاباتهم على نحو خطير، ولكن في عصر العولمة، هناك مخارج سهلة، فقد بات بمقدور المستهترين هرس العظام بسعر الكلفة، بموجب تسعيرة امريكية لا يتجاسر كائن على وجه الارض على رفضها او استنكارها، فكما نعرف فقد قامت طائرة امريكية بقصف حفل زواج في افغانستان، مما ادى الى مصرع ثمانية واربعين شخصا، وجرح نحو 120 آخرين، وقبل يومين سلم الامريكيون اسر الضحايا مبالغ التعويضات بواقع 100 دولار لكل قتيل و75 دولارا لكل جريح، وهكذا فانك باستهداف الافغان في الطرقات تتفادى دفع ديات باهظة، لان دية العولمة تتيح لك قتل عشرة افغان بالف دولار، وتسبيب اعاقات دائمة لعشرة اخرين منهم بسبعمائة وخمسين دولارا.. يا بلاش! (مرت سنوات على الحادث ولكن أبا الجعافر مثل البعير لا ينسى الظلم) وبالمقابل اياك ان تصيب امريكيا او غربيا بسيارتك لان ديته بحسب شرع العولمة 3500000 دولار.. فاهم؟ ثلاثة ملايين ونصف المليون دولار أمريكي مش صومالي أو زيمبابوي (رغيف الخبز الواحد في زيمبابوي بتريليون دولار محلي، ولهذا فإن أصغر ورقة عملة في تلك البلاد من فئة الـ100 مليون، وهي ورقة لا تصلح إلا لشراء قطعة حلوى مصاصة أو قلم رصاص مستعمل)، وذلك المبلغ المهول هو الذي دفعته الحكومة الأمريكية لكل ضحية من ضحايا الهجوم على مركز التجارة العالمي في نيويورك في الحادي عشر من سبتمبر من عام 2001!! ولم يكن ذلك المبلغ من فئة «الدية» لأن الحكومة الأمريكية لم تكن مسؤولة عن وقوع قتلى في ذلك الحادث الأهوج، وهكذا عندما اعترف معمر القذافي بأنه رتب تفجير طائرة شركة بان امريكان فوق لوكربي في اسكتلندا مما أدى الى مقتل أكثر من 220 شخصا، ثم طلب القذافي «السماح» وأعلن توبته عن المشاغبة، جعلوه يدفع أكثر من عشرة ملايين دولار عن كل واحد من الضحايا.
وبصفتي سودانيا قلبه على بلده فإنني ادعو ابناء وطني إلى السعي للحصول على تسعيرة مجزية لابن آدم السوداني، بعد ان دخل الامريكان بلدنا من ابوابه العريضة، وباتوا مسؤولين عن اقرار السلام وفك الاشتباك بين الاطراف المتحاربة، والبت في وحدة او تقسيم السودان بما يتوافق مع اهوائهم، ولابد لنا نحن السودانيين ان نرفض التسعيرة الافغانية ولكن اي تسعيرة نطلب؟ العربية؟ لا، فالانسان العربي ارخص كائن على وجه الارض وهو لا يساوي الكثير حتى في نظر ولي أمره! هل نطالب بالتسعيرة الافريقية؟ معاذ الله، فالافريقي هو الكائن الوحيد الذي ينافس العربي في التعاسة وبؤس الحال والمآل!! ولكن الافارقة على الأقل ملكوا الشجاعة ليعترفوا بان منظمة الوحدة الافريقية ظلت تنظيما عاجزا مقعدا كسيحا شديد الاعاقة، بينما صدق العرب ان جامعتهم العرجاء «جامعة»!! في حين ان الكلية الوحيدة التي اثبتت جدواها في تلك الجامعة هي كلية البلاغة والعنتريات التي ما قتلت ذبابة، ولكنني سمعت انباء طيبة عن الجامعة مؤخرا، ومؤداها انها افلست ماديا وعجزت عن دفع رواتب العاملين فيها مما يحتم احد امرين: إما إغلاقها نهائيا وتدمير كل ملفاتها ومستنداتها حتى لا تعرف الاجيال المقبلة الجرائم التي ارتكبناها بحقها، وإما خصخصتها!! انا شخصيا افضل خصخصة الجامعة العربية بشرط ألا يسمح لاي عربي باقتناء اسهم فيها!! فلو تملكها مستثمرون من الصين وفيتنام وكوريا والمانيا فانهم قطعا سيغيرون وجهها ووجهتها، وبامكاننا استثمار عائد الخصخصة في اقامة قنوات تلفزيونية فضائية ناطقة بالانجليزية تأهبا للخصخصة الوشيكة للغة العربية بعد ان بدأ ابناؤها يتبرؤون منها!!
جعفر عباس
[EMAIL]jafabbas19@gmail.com [/EMAIL]