صلاح شكوكو

المسخ والمماحقة الرياضية


المسخ والمماحقة الرياضية
قضية تأجيل مباراة القمة بين الهلال والمريخ، أضافت مسخا جديدا على المسخ الذي يلازم وجه الكرة السودانية، ليبدأ فصل جديد من المماحقة الرياضة، التي تدلل دون عناء على أن الكيد الرياضي هو الصيغة التي تحتكم إليها فرق القمة، والتي تعمل على أن إزكاء روح العداء، وذلك دون مراعاة للقيم الرياضية النبيلة، وفي ذات الأوان تكشف الحالة والطريقة التي يتعامل بها الإتحاد العام مع فريقي القمة.

فقد نضحت الأنباء التي تعكس هذه الحالة والتي تؤكد أن اللجنة المنظمة بالاتحاد السوداني لكرة القدم كانت قد عقدت اجتماعاً برئاسة مجدي شمس الدين وناقشت فيه مسألة تأجيل مباراة القمة بين الهلال والمريخ في نهائي كأس السودان، والتي كان مقررا لها (الجمعة) الماضية على أن تلعب في نهاية الموسم، وذلك بعد ان أبدت رئاسة الجمهورية رغبة الرئيس في حضور المباراة، مستصحبة معها موافقة رئيس نادي الهلال (الأمين البرير) على التأجيل والذي كان قد أكدها عبر مكالمة هاتفية جمعت بينه وبين رئيس الاتحاد.

وأكدت الأنباء أن البرير كان قد وعد بإرسال خطاب للإتحاد يؤكد فيه موافقة ناديه على التأجيل، ولكن اللجنة تفاجأت بأن خطاب الهلال جاء معاكسا تماماً للاتفاق الذي تم بين الطرفين، بأن أكد في خطابه إنهم يرفضون مبدأ التأجيل وأنهم متمسكون بالموعد المحدد سابقا للمباراة، بينما أكد رئيس نادي المريخ جمال الوالي تمسك ناديه بالتأجيل، وهنا كان يمكن للبرير أن يدفع بأن المؤسسية غلبت على رأيه الشخصي دون أن يتحدث عن أسباب أخرى.

في غمرة هذه التداعيات تم إلغاء معسكر المريخ وتسريح اللاعبين، في خطوة المراد منها الضغط في إتجاه التأجيل، لكن الإشارة الأقوى في هذه الأحداث جاءت من سعادة المشير عمر حسن احمد البشير رئيس الجمهورية حينما وجه رئيس الاتحاد السوداني لكرة القدم بضبط الفوضي في الوسط الرياضي.

وعبارة (ضبط) قالها السيد الرئيس من قبل للدكتور كمال شداد حينما طالب بأن يسود الرياضة قدر من الإنضباط.. وهاهو الرئيس يؤكد على أحقية اتحاد كرة القدم في تحديد مواعيد مبارياته في البطولات التي يشرف عليها، وضرب مثلا بالاتحاد الدولي لكرة القدم عندما الزم الاتحاد السوداني بقيام مباراة السودان في نهار رمضان.. وبالاتحاد الافريقي في المباراة الاخيرة امام غانا وانتقد سعادته هيمنة أندية القمة وسياستها ضد الاتحاد السوداني لكرة القدم ووجه باتخاذ التدابير المناسبة وتوقيع اقصي العقوبات علي المخالفين للوائح والنظم والقوانين، وكأن الرئيس قد عاتب الإتحاد على تهاونه في تنفيذ القانون على فريقي القمة، لأن التعامل معهما يقوم على أسلوب الترضية والإتصالات الشخصية.

وشدد في حديثه عن المنتخب الوطني مؤكدا أن اللاعب من حق المنتخب.. وأن الهدف الاول هو دعم المنتخبات التي تحمل إسم الوطن في المحافل الدولية.. واكد سعادة المشير عمر حسن احمد البشير رئيس الجمهورية انه متابع للرياضة بصورة جيدة.

ودعا سيادته الى تفعيل المبادرة القطرية، التي تهدف لدعم المنتخب الوطني الاولي في مشواره المرتقب بنهائيات كاس الامم الافريقية 2012م، كما وجه سيادته الدكتور معتصم جعفر بالتنسيق مع رئيس الاتحاد القطري لكرة القدم لتفعيل المبادرة، ووجه بالإهتمام بالمنتخبات الوطنية خاصة اعداد صقور الجديان للنهائيات المرتقبة، وكأنه يشير الى أن هذه المماحقة كانت ضجرا من مشاركة بعض لاعبي أندية القمة مع المنتخب الوطني وهو يعبر عن الوطن.

في هذا الجو المشحون أقام نادي المريخ حشدا كبيرا حول احداث الساعة وتداعيات كاس السودان، تحدث فيه الدكتور جمال الوالي رئيس مجلس ادارة نادي المريخ حول الأزمة الراهنة في كاس السودان مع اتحاد الكرة.

حيث ذكر ان المريخ تضرر كثيرا من هذا الاتحاد الذي اخذ نصف لاعبي الفريق منذ نهاية الموسم السابق في معسكرات متواصلة باثيوبيا واريتريا ومصر وبطولة حوض النيل بمصر، وبطولة الشان بالسودان مما أضر بالمريخ.

أما الهلال فقد تمسك بحقه القانوني في إقامة المباراة في موعدها، وتصبح المهاتفة التلفونية الأولى هباءا منثورا، ليصبح لزاما على الإتحاد العام عدم التعامل مع المؤسسات الرياضية عبر المواقف الشخصية والأفراد، خاصة في أمور حاسمة يتطلب الأمر أن يكون التعامل فيها عبر المكاتبات الرسمية.

لكن أمرا واحدا ظل يؤرقني ذلك أن الهلال يشكو مر الشكوى من إستهداف الإتحاد له بذات الكم والكيف الذي يرى فيه أهل المريخ أنهم مستهدفون كذلك من هذا الإتحاد، ولو كنت قاضيا لحكمت بحيادية الإتحاد لمجرد هذه الشكوى المزدوجة منهما، مالم يكن هناك تخبط في تسيير عمله بالصورة التي يتضرر منها الجانبين، لكنني في ذات الأوان أحمله الخطأ الكبير في عدم التعامل مع هذه الأندية عبر الصيغ الرسمية، حتى لا تصبح المواقف شخصية، فتقود هذه الصور الهلامية الى حرج عام وأزمة كبيرة، لأن المستندات حالة تعبر عن المواقف والمراكز القانونية للأطراف.

لقد تعودنا دائما أن نجعل الخواتيم مسخا، والممارسة وبالا، وأن نؤكد في كل مرة أننا بعيدين كل البعد عن المؤسسية، فإعتدنا أن نسير رياضتنا بإسلوب الترضيات حتى أصبح القانون مجرد لائحة تأبى أن تكون في أرض الواقع، لأننا بذات الكيف نجنس الأجانب، ونحتكر المحترفين للقمة، ونتحايل على أنفسنا، ونسير ممارستنا بالجودية، محيّدين المؤسسية عن دنياواتنا، وحينما يحتدم الوطيس نلطم الخدود ونتباكى جميعا.. نحن في حاجة ماسة الى تقييم حالنا وإعادة رسم خارطة لممارستنا الرياضية كلها، وحينها يمكن أن تكون المواقف واضحة وميزان العدل يسرى على الجميع..

 التهنئة نسوقها لكل الرياضيين والقراء الأكارم، بمناسبة إعياد الفداء، داعين الله العلي القدير أن يجعل كل أيامهم أعيادا وأن يبصرنا الى سبل الخير والرشاد.. وكل عام وأنت جميعا بألف خير.
 كثيرون بدأوا يحنون الى حقبة الدكتور كمال شداد، والحنين الى الماضي مؤشر الى نوع من الإحباط، لكنني أنتهز هذه السانحة لأحيي الرجل تحية خالصة لأنه قانوني أكثر من القانونيين أنفسهم، رغم أنه كان يمكن أن يكون فيلسوفا يعبر عن تخصصه، ترى هل أصبح القانون نفسه مسخا؟؟.
 شكى أحدهم لآخر أن عينه (مُحمرّة) فقال له الآخر: دعها تتحول للون الأخضر وعندها تحرك وسير للأمام دون توقف.
…………………..
ملء السنابل تنحني بتواضع .. والفارغات رؤوسهن شوامخ
………………….. صلاح محمد عبد الدائم (شكوكو)
[email]shococo@hotmail.com[/email]