الطاهر ساتي

قطن هذا الموسم .. بعض الأمل ..!!.


قطن هذا الموسم .. بعض الأمل ..!!.
الدنيا عيد، كنت بالجزيرة يوم السبت الفائت، حيث الحكومة والناس والمشروع والزراع وتفاصيل الحال التي – كما الكوب – يشكلها ذاكما النصفين، فلندع النصف الذي يزعج أحمد المصطفى إلى ما بعد العيد إن شاء الله، ونعرض النصف الذي يهواه، وكل عام وحال كل الأهل – شرقا، غربا، شمالا، جنوبا، وسطا – كما نهواه، حالا ومآلا وأملا ..!!

** في مزارع بركات، سألت زميلي أحمد الشريف مداعبا : ( سودان ما بعد إنفصال الجنوب ده كم ميل مربع؟، وعلى فكرة أنا أصلا حكاية المليون ميل مربع ديك ما كانت واقعة لي)، وضحكنا..أرض الخير والطيبة هناك على مد البصر، فقط بحاجة لمن يفلحها بحسن الإدارة، وكما تعلمون أن إدارة مشروع الجزيرة بعيدة – منذ زمن ليس ببعيد – عن حسن الإدارة، أي كما حال الإدارة العامة للبلد ، ولذا لم يكن مزارع المشروع يزرع ويحصد غير (الشكاوي)..ولذلك، تجربة القطاع الخاص في حقول قطن هذا الموسم جديرة بالتوقف عندها و يجب فحصها ولقيط محاسنها و فرز شوائبها ثم حلج هذه وتلك، بحيث ترافقنا المحاسن كل موسم ولانعيد إنتاج الشوائب في أي موسم، أو كما نفعل دائما مع سبق الإصرار والترصد..!!

** شركة الأقطان فقط هي تجربة القطاع الخاص التي أعنيها، وليتها كانت عدة شركات تتقن المنافسة في التجويد ..ولكن تلك وحدها حظيت بتمويل قطن هذا الموسم، والبقية زراع إجتهدوا في تمويل زرعهم ذاتيا، فمنهم من نجح وزرع قطنا شاسعا ومنهم من أرهقته التكاليف فقزم مساحة قطنه، وهناك من لم تحدثه نفسه بزراعة القطن، ربما لعدم ثقته في شركة الأقطان أو لزرعه بدائل نقدية أخرى، كالبطيخ والبصل وغيره..ولكن موسم القطن- وهو في بدايات الحصاد- يبدوا ناجحا بفضل الله، ليس في الجزيرة فحسب، بل في كل السودان، وتضاعفت المساحات عما كانت عليها في العام الفائت.. وهنا أغض الطرف عن لغة الإنشاء لتحل محلها لغة الأرقام، فالزراع يحبون لغة الأرقام ويؤانسونك بها، مساحة كانت أو عائدا ربحيا مرتقب باذن الله..فالشركة زرعت في العام الفائت بالجزيرة (38 الف فدان)، وبحلفا الجديدة (34 الف فدان)، وبالرهد ( لم تزرع ولا فدان)، وبسنار( 7 الف فدان)، وبالنيل الأبيض(11.300 الف فدان)، وبخور أبوحبل (3 الف فدان)، وبدلتا طوكر (2.700 فدان) ..ذاك جهد العام الفائت، ولكن منذ أسبوع ونيف الشركة وزراع السودان شرعوا يحصدون بالجزيرة (163.244 فدان)، بحلفا الجديدة (75 الف فدان)، بالرهد (51.212 فدان)، بسنار (33.342 فدان)، بالنيل الأبيض ( 30 الف فدان)، بخور أبوحبل ( 11.500 فدان)، بدلتا طوكر تقزمت المساحة – لأسباب إدارية – بحيث صارت ( 1.400 فدان)..وعليه، زادت المساحة من (56.200 فدان) في الموسم الفائت، إلى (347.696 فدان) في هذا الموسم، وذلك فضل من الله ثم بجهد مشترك بين الشركة والزراع، وكذلك هذا التمدد يعكس وعي الزراع الذي يتابع تصاعد سعر القطن عالميا..سعر القنطار قاب قوسين أو أدنى من خمسمائة دولار، ولكن من ينتبه لذلك؟، وليتهم إنتبهوا، وأعني الذين يتقنون ( فن الشحدة) ..!!

** المهم..كما قلت، تجربة القطاع الخاص- شركة الأقطان نموذجا- جديرة بالنقاش، إذ بجانب تضاعف المساحات والإلتزام بعمليات التمويل، هناك ثمة أشياء رصدتها ببركات، وأهمها توفر الثقة التي كانت مفقودة بين الزراع وجهة التمويل .. سابقا كانت تأتي الجهة الممولة وتستلم القطن ثم يسلم المزارع مبلغا فحواه ( هاك ده ثمن قطنك)، ولم يكن المسكين يعلم تفاصيل تكاليف الإنتاج ولا تفاصيل اوزان قطنه ولا تفاصيل العائد، وكأنه أجير وليس صاحب حق..ولكن حاليا، كل زائر للحقول يرصد خيمة يحرسها ثلاثة عمال في كل ألف فدان، وفي تلك الخيمة يُملك المزراع إيصالا يحوي أنواع قطنه وأوزانه عند لحظة التسليم، وكذلك يستلم مبلغا من المال – خصما من العائد – ليدفعه ل(عمال اللقيط)، وهذا ما لم يكن مألوفا، أي لم يعد المزارع يبيع بقره أو غنمه ليحصد قطنه، أو كما كان يفعل.. و..عفوا، هذا بعض (الكوب الملئ) من قطن هذا الموسم، فليكن السبت القادم – بإذن العلي القدير – تواصلا، حيث بالكوب ( نصف آخر) ..!!

إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]