قبل أن نبكي على الفرص الضائعة ..!!
نحن نعيش حالة من اليأس والقنوط من حدوث تغيير حتمي في طريقة التفكير وإدارة الشأن العام، بما يخرجنا إلى الضفة الأخرى وبر الأمان.
لماذا نجد في كل مجال أزمة طاحنة؟ لا تكاد ترى بارقة مضيئة تنبي بأن مغالبة الإخفاق قد تنجح وتستوي السفينة على الجودي وتهدأ الأمور وتستقر الأحوال، ويشعر المواطن بأن قضاياه وهمومه تتلاشى كقطع من دخان!!
إذا لم يفكر ولاة الأمر في كيفية الخروج من المأزق المركَّب في أمديته الطائشة، السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني، ومعالجتها بترياق ناجع، فإن الوطن كله سيلتهمه الحريق ولن نعثر عليه ساعتئذٍ!!
للموطن ألف حق في الحديث عن كل شيء.. خاصة إن كان لا يرى أي شيء يجعله يطمئن إلى مستقبله ووجوده وقوت أبنائه وأيامهم القادمة وفرص عيشهم بسلام واستقرار ورغد.
فالخوف ليس في بعده الأمني والعسكري فهذا مقدور عليه، لكن خوف الضياع وسط أنواء المطامع وسوء الإدارة وخطل بعض السياسات والنماذج غير المطمئنة لكثير من المسؤولين في الولايات والحكومة الاتحادية الذين ولوا رقاب الناس وساسوا أمرهم ويتصاعدون بهم من فشل إلى آخر ومن محنة إلى محنة أكبر، دون أن يُزاحوا ليتركوا الفرصة لغيرهم علَّ الله يجعل الخير على أيادي القادمين.
ليس في السياسة شبه الخلود، بالرغم من أن تجارب البشرية في ممارسة السلطة، فيها مقاربة بين الخلود والبقاء المطلق، وممارسة السلطة دون قيد ورادع مع توهم مقيت بأنه لا نهاية للتلذذ بلذائذ السلطان وشبق الصولجان. ولكم تبدو هذه الصورة واضحة في بعض الولايات وكثير من الوزراء الذين يظنون أن لا مناص من امتطائهم سروج ركائب الحكم حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
ولذلك فأولى عثرات الإصلاح تبدأ وتنتهي عند المفهوم المغلوط لحدود السلطة وإحداثيات تمددها، واعتقاد البعض أنهم هم المجداف والملاح والأشرعة والرياح والمركب السابح فوق الأمواج!!
ولن يستقيم الحال دون خطوات جريئة للغاية تنهي حالة التكلس والعجز وقلة الحيلة ونفاد القدرة ونضوب المبادرة، فتغيير الوجوه سنة من سنن الحياة، فما بالك بالحكم والإدارة وفنونها، واستدامة الاستقرار السياسي تمر تحت قوس الإحلال والإبدال والانتخاب للأصلح والأقدر، وينبغي في فلسفة رشد الحكم وصلاح أي نظام، أن تكون له خاصية التغيير والإصلاح الذاتي وتجديد الدم والرؤى والأفكار والقدرة على توليد المواقف والسياسات الفعالة التي يتمخض عنها إكسير الحياة المطلوب.
المواطن اليوم مهما كانت درجات تماسكه وانفعالاته، يفكر الآن بصوته المسموع في مجالسه ومنتدياته ومناسباته الاجتماعية وفي كل مكان، عن حاجته الفعلية لقيادات قادرة على العطاء المخلص واجتثاث كل أشكال التكسب غير المشروع والفساد المالي والإداري، وتقديم القدوة الصالحة ذات الإلهام وهي تبعث في النفوس الثقة والطمأنينة وتفجِّر الطاقة المعنوية الكافية لتعميق الشعور بقيمة الوطن والتراب.
لا بد من ردم الفجوة التي تتسع يوماً بعد يوم، فالإنقاذ التي نشاهدها اليوم ليست هي الإنقاذ التي عرفناها قبل ثلاث وعشرين سنة، لقد خبا كثير من الحماس وخمدت نيران جارفة، فإن أردنا استعادة ذلك فلنصلح ما بالأنفس حتى يتغير الحال العام وتستقر البلاد وتهدأ الأوضاع ويتحقق المرتجى والمرادات العصية!!
ولذلك لا سبيل دون التفكير الجاد في الإصلاح السياسي الشامل بكل معانيه وأبعاده واستحقاقاته الواجبة، ومعالجة الكثير من الأعطاب في الاقتصاد والإدارة.. ونخشى أن نبكي على الفرص الضائعة!!
صحيفة الإنتباهة
[/JUSTIFY]