الأوضاع السياسية والاقتصادية المتردية بجمهورية جنوب السودان ، تضع الدولة الوليدة تحت رحمة ثلاث سيناريوهات محتملة قد تغير من شكل اتوقراطية البنية السيادية بصورة جذرية تفوق تصورات أكثر المتشائمين بالمستقبل القاتم الذي يبدو منطقيا في ظل الظروف والتعقيدات القبلية الملحة التي تسيطر علي عقلية الأحرار الجدد أن جاز التعبير … فالجنوبيون كشعب يدمن عشق السياسة حد الوله ويمارسها كهواية دون مرجعيات فكرية عادلة تشذب اعتقاده فيها وتبصره بحقيقة كونها مصطلح لغوي ناهض علي دلالات انسانية قبل ان تكون مجرد معني فارغ من كل محتوي يعزز الثقة بين الأفراد … لهذا ستظل فرضية السيناريو الأول المتمثل في الانشقاقات العميقة داخل النظام هو السيناريو الأكثر ترجيحا الذي سيلقي بالظلال الكثيفة علي شكل ومستوي الأداء السياسي للدولة ، فالأوضاع الاقتصادية المتفاقمة الناشئة من تعطيل ضخ النفط عبر مواني الشمال ستدفع بالطامعين أمثال باقان اموم وما يسمي بزمرة ابناء قرنق بتبني جديا الهمس الشعبي القائل بضرورة التخلص من سلفاكير بوصفه زعيم لعصابة فاسدة من اللصوص الذين سرقوا أموال الشعب ونهبوا قبل الانفصال من عائدات البترول مبلغ أربعة مليار دولار امريكي كانت مخصصة من قبل حكومة الشمال لأعمار الجنوب ، ما يثير من حفيظة المواطنين الذي تابعوا الفضيحة بكل التفاصيل المملة وراقبوا فيها ألأداء المتواطئ للرئيس سلفاكير الذي دافع ضمنيا عن عصابته بفتح حساب جاري بأحد البنوك الكينية وترك فيما اعتبره بنخوة الضمير ان تفعل مفعولها بالجناة وتحث اللصوص بفداحة الجرم المرتكب ،فيسترجعوا المبلغ المنهوب سرا ، ولكن هيهات فاذا كان رب البيت بالدف ضارب فشيمة اهل بيته الرقص والطرب ؟ فالمبلغ المعني ذهب أدراج الرياح واغلق ملف القضية ضد معلوم يجهله الشعب ومجهول يعلمه ريك مشار و باقان اموم ولوكا بيونق يانق واخرين ؟ مما سيرجح من حقيقة تكرار حادثة المنصة الرئاسية في مصر يوم 6 اكتوبر 1981م بكل حذافيرها المؤلمة وعلي الأشهاد في ميدان الحرية بوسط جوبا عاصمة الجنوب ومن خلال عرض عسكري احتفالي كما حدث لأنور السادات الذي راح ضحية لرغبات ومطامع نائبه محمد حسني مبارك ؟ فالمصلحة الثمينة لكل الوان الطيف الجنوبي تكمن في غياب سلفاكير نهائيا من المشهد السياسي ولن يتأتي ذلك الا عن طريق الاغتيال لتكون دولة الجنوب رقعة حرة تحوز علي احترام الدول المجاورة … أما السيناريو الثاني المتوقع بعد ان يغرز الفقر أنيابه الصدئة علي صدر المجتمع الجنوبي هو ان يقوم اصحاب المصلحة في غياب سلفاكير بتأليب الشعب للخروج ضد السلطة والتظاهر في الميادين العامة لا شاعت الفوضى الخلاقة والضغط بشراسة علي سلفاكير ليجابه المحتجين بقوة الردع الباهظة التي ستجد الاستهجان من كافة المراقبين والمنظمات الدولية المهتمة بحقوق الانسان ما يجبر بعض القادة العسكريين تحت رتبة عميد فما دون من التدخل لوقف المجازر ومحاصرة الأوضاع المتفلته بتنفيذ انقلاب عسكري ابيض يضع النهايات الختامية المجيدة لطاغية أورد شعبه الصابر موارد الهلاك … وفيما يتعلق بالسيناريو الثالث والأخير هو ان فسيفساء المجتمع الجنوبي مشهد يضج بالتناقضات الغريبة التي جبلت علي الاختلاف كثقافة مجتمعية مهمة تجعل للقبيلة الوزن المحترم الذي يرهب بقية القبائل المناوئة ، ما يرسخ من فكرة ( الصوملة ) ويشعل من اتون الصراعات العسكرية الجهوية بحيث سيطالب كل اقليم جنوبي بحكم ذاتي او انفصال كامل يدرا عنه سيئات المركز ويجنبه ويلات التخبط الأداري الذي يلازم عقلية الساسة الجنوبيون ، ولعل في نزر التفلتات باقليم بحر الغزال واعالي النيل وبعض المناطق النائية باقليم الأستوائية ما يعضدد من حقيقة ان الجنوب يتجه نحو الهاوية وهو علي موعد بأن ينشطر الي ثلاث دول متناحرة فيما بينها تكون الغلبة فيها لدولة السوباط ثم تليها دولة الاماتونج واخيرا دولة جنوب السودان ذات المساحة الضيقة التي تشمل القليل من اجزاء اقليم الاستوائية ؟