الطاهر ساتي

معجزة اقتصادية ..!!

[ALIGN=JUSTIFY][ALIGN=CENTER]معجزة اقتصادية ..!![/ALIGN] ** ترجع إلي بيتك آخر النهار وتجد زوجتك قد جمعت ملابسك وسلمتها لغسال الحي للغسيل ، أو لبائع الأوني المنزلية للاستبدال ، وفيما بعد تكتشف بأن لك ورقة من فئة الخمسين جنيها بجيب قميص أو بنطال غادر غرفتك مع تلك الملابس ، فتجلس ملوما محسورا متسائلا : هل الخمسون جنيها صارت من نصيب غسال الحي أم البائع المتجول أم نامت بها زوجتك ..؟..أوهكذا نفقد بعض أموالنا ، وهذا شئ طبيعي ولاغبار عليه ..!!
** دع هذا .. قد يوقظك آذان الفجر، فتقصد المسجد وتعود لتجد فراغا قد حل محل مذياعك ، و كذلك تلاشى تلفازك الصغير، وتبخرت ملاءات زوجتك الغالية الثمن وبعض من ملابسها التي تركتها في حبل الغسيل ، ثم تفقد أشياء آخرى صغيرة وذات قيمة.. لا عليك ، إنها زيارة طارئة من لص لايعلم أن ظرفك الاقتصادي لايختلف عن ظرفه إلا بمقدار صبرك على ظرفك .. لا عليك .. شئ طبيعي أن تفقد بعض مالك هكذا ..!!
** وهناك أيضا وسائل أخرى معقولة ومقبولة نفسيا حين تكون سببا في إختفاء بعض أموالنا .. ولكن يجن العقل حين يسمع المرء بأن مبلغا يقدر بأثني عشر مليار وخمسمائة مليون جنيه قد اختفت من ميزانية حكومة الولاية الشمالية ، وتحديدا من ميزانية العامين ( 2006.. و.. 2007 ) ..(12,5 مليار جنيه ) .. بالقديم ، عدا نقدا – ورق ينطح ورق ، كمايقول الجوكية – لم تدخل بند صرفها، واختفت من ميزانية الولاية ..أوهكذا جاء الخبر المشمئز – بصحيفة الوسط الاقتصادي – على لسان د. صلاح قرناص ، المفوض العام لمفوضية تنمية بحيرة النوبة ، وهى الجهة المناط بها استلام المبلغ وتطوير بحيرة النوبة ( محلية وادي حلفا ) ..!!
** وقرناص الذي اتصلت به بعد النبأ الأليم يؤكد بأسى : ..المفوضية التابعة إداريا لوزارة الزراعة الاتحادية تأسست بقرار رئاسي عام 2005 ، لتعمل على تخطيط وتنفيذ مشاريع زراعية وسياحية وقرى نموذجية بوادي حلفا تحت إشراف ومتابعة وزارة الزراعة الاتحادية ، وبناءً على تلك المهام صدقت لها وزارة المالية الاتحادية بمبلغ عشرة مليارات جنيه في العام 2006 من صندوق دعم الولاية أضيفت لميزانية حكومة الولاية الشمالية التي لم تدفع منها غير مبلغ ثلاثين مليون جنيه فقط لاغير في ذاك العام ، ثم صدقت وزارة المالية الاتحادية للمرة الثانية ، قبل افتتاح مشاريع تصديق المرة الأولى ، بمبلغ اثنين ونصف مليار جنيه عام 2007 عبر ذات الحكومة الولائية التى لم تسلم المفوضية ولا جنيها ..وفجأة تم حل المفوضية ثم إعفاء الحكومة الولائية ..!!
** المدهش ليس عدم استلام المفوضية كل تلك المليارات ، بل حتى بحيرة النوبة التي تحت غطائها خرجت تلك المليارات لم تتهنأ بجنيه من تلك المليارات ، لا مشاريع زراعية ولا مشاريع سياحية ولا قرى نموذجية ولا حتى مدماك فى بيت جالوص نوبي لم يخصم جنيها من ال ( 12,5 مليار ) ..أوهكذا يغضب د. قرناص بعد قضاء ليلتين بإحدى حراسات الخرطوم لعجز مفوضيته عن سداد إيجار مقرها وعرباتها ورواتب العاملين عليها..حيث يبلغ العجز الكلى المطلوب سداده للدائنين كمايقول قرناص : ( 350 مليون جنيه ) ..!!
** هكذا أصل الحكاية .. طبعا لايهم القارئ أن يسجن د. قرناص ومفوضيته التي صمتت عاما وآخر عن هذا الحديث ، وكذلك ليس مهما للقارئ أن يعفى ميرغني صالح وحكومته ، فسجن هذا وإعفاء ذاك شأن يعنيهما .. ولكن ثمة أسئلة ، هي المهمة ، ترسخت في ذهن القارئ ..ماموقع تلك المفوضية حين نعرب دستور الدولة بقوانين الحكم الفيدرالي ومؤسساته ..؟..لماذا تدميرمؤسسية أجهزة الدولة التنفيذية بتأسيس حكومة غير معترف بها دستوريا – المفوضية – داخل حكومة دستورية ( الولاية والمحلية ) ..؟..ثم السؤال المهم : كيف بمال كذاك ، يظهر في ميزانية البلد العامة ، ويختفي من ميزانية ولاية ، ثم لا يظهر – حتى ولو في شكل مركب صيد – في بحيرة النوبة .؟..كيف تحدث هذه المعجزات في عوالم الإدارة والاقتصاد ..؟.. إفيدونا ، أفادكم الله ..!!
إليكم – الصحافة الاربعاء 29/10/2008 .العدد 5514
tahersati@hotmail.com [/ALIGN]