جعفر عباس
المخترعات الحديثة والهنود الحمر
اما بقية مخترعات العصر فانني أعتقد ان معظمها أسهم في تشويه حياة الناس وتعقيدها، وعدوي الأول هو التلفون، فهذا الجهاز السخيف لا يأتي من ورائه إلا الإزعاج: أوع أكون صحيتك من نومة؟ انظروا سخافة وبلاهة هذا السؤال؟ وهل من الوارد أن تكون قد صحيتني من وجبة؟ والتلفون أداة لتوصيل الأوامر للعكننة على صغار الموظفين، والتلفون مسؤول عن فشل عيالنا في المدارس، بل وجنوحهم وانحرافهم بعد ان قيل لهم ان التلفون هو أصلا أداة حب ومغازلة، وقد نجحت حينا من الدهر في إفشال كل مخططات زوجتي لإرغامي على اقتناء الهاتف الجوال ليتسنى لها رصد تحركاتي المريبة على مدار الساعة، وحتى بعد أن اقتنيته كنت أتسلح بالجوال مؤقتا خلال السفر إلى ما وراء الحدود، ثم صار مثل النظارة يلازمني حتى في السرير! والسيارة ليست اقل سخفا من التلفون لانها علّمت الناس العجلة، فرغم أننا أمة همّها فاضٍ، وبالها رائق، و«ما وراها شيء»، فإننا نزود سياراتنا بمحركات صواريخ وننطلق بها إلى اللامكان، محطمين الإشارات والقوانين والأرواح.. اما التلفزيون فانني طالباني النظرة تجاهه أي من أنصار تحطيم أجهزة التلفزيون، وخاصة تلك التي تلتقط القنوات العربية، في ميادين عامة، او قصر استخدامها على السجناء كجزء من برنامج تعذيب وتهذيب المحكوم عليهم بالأشغال الشاقة.
ولكي تعرف أضرار معظم الاكتشافات والمخترعات الحديثة ادرس تاريخ امريكا، فقبل هجرة الأوروبيين اليها، كان الهنود الحمر يعيشون بلا ضرائب ولا جرائم ولا ديون، والاسماك والحيوانات البرية متوافرة والنساء يقمن بمعظم الأعمال ولا يطالبن بالمساواة مع الرجل، وزيارة الطبيب ببلاش، ثم جاء الرجل الأبيض وقال للهنود: أتينا لتطوير وتحسين مستوى الحياة في هذه البلاد.. وقد كان: هيروين وايدز ومسدسات في المدارس، ورئيس يحوّل مكتبه إلى مبغى، وصناعات تعبث بأرواح البشر،.. وانقرض الهنود الحمر والدور على العرب!! جعفر عباس
[EMAIL]jafabbas19@gmail.com [/EMAIL]