هنادي محمد عبد المجيد

التباين اللفظي في القرآن بين الكلمات 2‏

التباين اللفظي في القرآن بين الكلمات 2‏
تناولنا في مقال سابق بلاغة القرآن الكريم في استخدام كلمة (زوج) وكلمة (امرأة) دون الخلط بين المعاني وتواتر استخدام الكلمتين ،الذي ارتبط ارتباطا وثيقا بإختلاف مضامين الكلمتين ،واليوم نتناول التباين السيميائي ( المعنوي) بين المفردتين سنابل وسنبلات في السياق القرآني في سورتي يوسف والبقرة ، حيث استخدم القرآن الكريم في سورة البقرة جمع الكثرة ( سبع سنابل ) وهذا الإستخدام القرآني ناسب سياق كل آية ،، ففي سورة البقرة يناسب جمع الكثرة الحض على الصدقة والبذل في سبيل الله عزوجل وكيف أن الله سبحانه وتعالى يضاعف الثواب لمن أنفق وجاهد في سبيله ،الدرهم بسبعمائة ،، أما في سورة يوسف فيناسب سياقها جمع القلة ،لأن المقصود هو بعث الأمل في النفوس أن فترة الجهد وبذله وفترة الجدب ومعاناته هي فترة قصيرة وقليلة رغم شدتها ،،كذلك تظهر الفروق اللفظية في القرآن بين كلمة (سنة) وكلمة ( عام) حيث يظن الكثيرون أن السنة والعام هي من المترادفات في اللغة ،ولكنها في الحقيقة وفي الإستخدام القرآني متفارقة لا مترادفة ،ذلك أن القرآن الكريم استخدم لفظ (السنة) في موضع الجدب أو في موضع الشدة ،واستخدم (العام) في موضع الرخاء والغوث ،وهناك نماذج عديدة لذلك في القرآن الكريم قال تعالى:[ وَلَقَدْ أَخَذْنَا آَل فِرْعَوْنَ بالِّسنينِ وَنَقْصٍ مِنْ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرونْ] الأعراف١٣٠ ،، وقال تعالى:[ فَلبَِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعِ سِنيِنَ ] والسجن قرين الشدائد ،، وقد ظهر أيضا التفريق بين السنة والعام في أكثر من موضع بيَّن هذا الفرق بجلاء : قال تعالى:[ فلَبِثَ فِيهمِ ْأَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَاماً] فذكر سبحانه أن سيدنا نوح لبث في قومه ألف سنة ،وذكر في الإنفصال (العام) وذلك للإشارة إلى أن سيدنا نوح كان في شدائد طوال مدة دعوته لقومه ،إلا خمسين عاما قد جاءه الفرج والغوث بالطوفان بإهلاك الكافرين ونجاة المؤمنين بدعائه عليه السلام ،وتكون مدة الخمسين عاما هي فترة عيشته ولبثه في القوم المؤمنين بعد الطوفان ،، قال تعالى:[ قَالَ تَزْرَعونَ سَبْعَ سِنينَ دَأْباً فَمَا ُحَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلاً مِمَّا تَأْكُلونْ ] فيكون الدأب قرين أشد في هذه السنين – ثم يأتي البيان القرآني في الختام فيقول : [ثُمَّ يَأتِْي مِنْ بَعْدَ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغاَثُ النَّاس وَفيِهِ يَعْصِرونْ] فاقترن العام بالغوث والرخاء ،واقترنت السنة بالشدة والجدب والدأب ،، ولذا يستحب أن نقول مثلا على سبيل التفاؤل والإستبشار (عام هجري جديد) على أمل أن يأتي بكل ماهو خير ورخاء وغوث ونصر وعزة للأمة الإسلامية ،كما يستحب أن نقول عن التهنئة بالأعياد الإسلامية ،تقبل الله منا ومنكم ،كل عام وأنتم بخير ،وأنتم إلى الله أقرب ،، هكذا تأتي البلاغة القرآنية متممة ومكملة للإعجاز البياني في كلمات الخالق المبدع سبحانه .

هنادي محمد عبد المجيد
[email]hanadikhaliel@gmail.com[/email]