عبد اللطيف البوني

يا نيل يا سكر يا أبيض

يا نيل يا سكر يا أبيض
في الاسبوع المنصرم وصل معدل الاحباط والقرف من ساس يسوس اعلى معدلاته فكلما يجري على الساحة يجعلك تضع قلبك على مستقبل اهل هذه البلاد القريب والبعيد معا, والحال هكذا جاءتني دعوة من ادارة شركة سكر النيل الابيض لزيارة مصنع سكرها المتوقع أن يبدأ انتاجه في الشهر القادم فلبيت الدعوة بدرجة حماس متواضعة لان القنوط كان يلف اقطار النفس فلم تعد تر في الوجود شيئا جميلا.
في رفقة طيبة من قبيلة الاعلاميين توقف بنا البص بعد مسيرة 150 كيلومتر من الخرطوم في محاذاة النيل الابيض عند البيارة الرئيسية للمشروع بالقرب من مدينة الدويم وفيها رأينا عظمة التقنيات المائية التي (ترست البحر خيرصان) ومدت داخل النيل الابيض (المرتاح) قناة (ضنابية) لترفع بأحدث الماكينات على قناة كبيرة لتروي اكثر من 150 الف فدان بالتمام. ومن ضفة ذات الترعة الرئيسية اطللنا على مساحات شاسعة تشرئب فيها سيقان قصب السكر الطويلة المكسوة خضرة فقلت في نفسي “سبحان مغير الاحوال من حال الى حال”، فهذه الارض البور البلقع التي تجافيها حتى الغربان اصبحت الآن خضراء تسر الناظرين ثم اذا قفزت بذهنك الى المنتوج الابيض النهائي سوف (تدي ربك العجب).
بعد الشرح من مهندسي الهايدروليكا فيما يختص بالري تجولنا في الحقول وبداية عمليات الحصاد حيث التقينا بمهندسي الزراعة وكل شيء كان يسر النفس ومنهم توجهنا الى المصنع حيث مهندسو الكهرباء والصناعة والذي منه رأينا العجب حيث انتصبت آخر تكنولوجيا العالم في تلك المنطقة المنسية من ارض الله الواسعة فوقفنا على الذي اكتمل والذي سوف يكتمل في الايام القادمة والذي يستمر العمل فيه لسنوات قادمة فما تم انجازه كبير وما ينتظر الانجاز اكبر وفي كل الاحوال الرؤية واضحة وخارطة الطريق خالية من اي تضاريس (كان ربنا كفاه شر العين ومصائب الزمن وحاجات تانية حامياني) فالطاقة التصميمية لهذا المصنع تجعله يفوق انتاج كل مصانع السكر القائمة الآن مجتمعة.
سألنا عن البعد الانساني فماذا تم لقاطني الارض قبل العمران؟ فاخطرنا انه قد تمت تسويات عادلة لملكية الارض بتعويضات عادلة اذ لم يسمع اهل السودان بأي شكوى من الاهالي انما ترحيب شديد وانه قد تمت اقامة عدد من التجمعات ومدت بالخدمات الكافية من تعليم وصحة والذي منه اما اقتصاديا فقد اقتطعت عشرون في المائة من المساحة لتمنح لاصحاب الارض يزرعونها بما يريدون لحسابهم وكما انهم اعطوا الفرصة الأولى في العمالة التي يحتاجها المشروع.
اصدقكم القول اننا رأينا في هذه الزيارة سودانا آخر، سودانا يختلف عن سودان الجن الموجود في العاصمة والموجود في اذهان ونفوس السياسيين والثرثارين، سودانا به ابناء في قلوبهم حب لهذه الارض واهلها وفي عقولهم علم وفي نفوسهم صفاء وحمد لما يفعلون. انه سودان يبعث على الامل والرجاء وفي مقال قادم إن شاء الله سوف نغوص فيما وراء الخبر ولكن غدا ان شاء الله سوف ننتقل الى بورتسودان حيث يوجد سودان جديد لنج وبعد ذلك سنرى إن كان بإمكاننا أن نغني مع النور الجيلاني (سافر قوم سيب الخرطوم) ويا حليل جوبا.

حاطب ليل- السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]