عبد اللطيف البوني

في بورتسودان شيء جديد

في بورتسودان شيء جديد
زرت بورتسودان لأول مرة في نهاية سبعينات القرن الماضي فأسرت بجمال موقعها الطبيعي وطقسها ونظافتها وطيبة أهلها ثم زرتها في نهاية القرن وبداية والالفية الثالثة فوجدتها كئيبة متراجعة ومتدهورة في كل شيء فتنبأت بأنها إذا سارت على هذا المعدل سوف تصبح مثل سواكن القديمة في عقد من الزمان ولكن ربنا قدر ولطف بها إذ زرتها يومي الخميس والجمعة والماضيين لحضور ملتقى الاستثمار الثاني فوجدتها قد عادت إلى ماضيها الجميل مدينة رشيقة ونظيفة وناهضة عجلات العمران تدور فيها بسرعة واتزان كبيرين.
الدكتور محمد طاهر أيلا والي الولاية افتتح المؤتمر ثم حضر جلساته الخمسة وعقب على الأوراق الاقتصادية العملية التي قدمت فيه ثم اختتمه وكان مرافقاً للمؤتمرين في كل الأنشطة المصاحبة ويمكنني أن أقول إننا استمعنا له لما مجموعه أكثر من ساعتين فأشهد الله أنني لم أسمع له كلمة سياسية واحدة بطريقة مباشرة أو غيرمباشرة فقد كان ملتزماً بنص الموضوع ليس هذا فحسب بل مدركاً إداركاً كاملاً لمضمون رسالته بعبارة أخرى لقد أجاد تقديم رسالته وأن من البيان لسحراً والبيان ليس في لغة الخطاب فقط إنما في مضمونه.
أيلا منحاز لمواطن لايته انحيازاً كاملاً لامواربة فيه ولكن انحيازه ليس انحيازاً منغلقاً إنما جزءاً من انحيازه لكل السودان فقد اتخذ من مواطن الولاية غاية ووسيلة للتنمية فالمواطن شعر بأنه أمام والٍ جديد بما قدمه من أعمال فائدتها محسوسة بالنسبة له لذلك تجاوب مع سياساته وأصبح منفذاً لها لا بل شعر بأنه جزء من هذا السودان ففي جلسة غير مخطط لها جاورته في البص الذي كان يقلنا إلى أحد المناشط بالمدينة فقال لي إن ميناء بورتسودان سوف تصبح حفرة لافائدة منها إذا لم تخرج عبره صادرات كل السودان وتدخل منه كل وارداته بمعنى أن بقاء وازدهار بورتسودان وبالتالي كل الشرق تتوقف على أنه جزء من هذا السودان فهذه المقولة وحدها تدل على أنه رجل دولة ذو رؤية هذا بالإضافة لمنجزاته الأخرى التي كانت ماثلة للعيان أي رؤية مصحوبة بالعمل وفق خارطة طريق واضحة المعالم
أجد في نفسي صعوبة وحرجاً بالغين في أن أذكر شخصاً بالاسم مادحاً أو قادحاً ولاشك أن القراء الأعزاء لهذا الباب قد لاحظوا هذا فنادراً ما نذكر اسماً في موضع تقيييم ذاتي ولكن السيد أيلا فرض نفسه علينا فرضاً لأنه أسمعنا خطاباً فقدناه عند غيره من الحاكمين والسياسيين ولأنه قدم إنجازات شهد بها كل من رأى تلك الولاية وكم كان صديقنا الدكتور خالد التيجاني صادقاً وهو يلقي كلمة نيابة عن المؤتمرين القادمين من خارج الولاية في نهاية المؤتمر عندما وصف ولاية البحر الأحمر بأنها ولاية الأمل وولاية المستقبل فعليه وتأسيساً على كلام خالد فإننا ندعو كل مواطن سوداني لزيارة بورتسودان ليس للسياحة والتسوق فقط إنما للتزود بحبة حبتين من الأمل وغداً إن شاء الله سوف نحاول الغوص فيما وراء الخبر في ذات الموضوع..

حاطب ليل- السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]