هنادي محمد عبد المجيد

ذات البهجة (2)‏


ذات البهجة (2)‏
السيدة عائشة رضي الله عنها تعتبر من أكبر نساء العالمين فقها وعلما ، فقد أحاطت بكل ما يتصل بالدين من قرآن وحديث وتفسير وفقه ، وكانت مرجعا لأصحاب رسول الله حين يستعصي عليهم أمرا ً،فقد كانوا يستفتونها فيجدون لديها حلاً لما أشكل عليهم ، قال أبو موسى الأشعري :”ما أشكل علينا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث قط فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علما ً” وقد كان مقام السيدة عائشة بين المسلمين مقام الأستاذ من تلاميذه وقد تميَّزت بعلمها الرفيع لأسباب مكنتها من أن تصل إلى هذه المكانة فذكاؤها الحاد وقوة ذاكرتها وزواجها في سن مبكرة من نبي الأمة ونشأتها في بيت النبوة وكثرة ما نزل من الوحي في حجرتها ،كل تلك العوامل جعلت منها مرجعا علمياً موثوق فضلها بين نساء رسول الله أجمعين ،، وكانت لا تسمع شيئا لا تعرفه إلا راجعت فيه حتى تعرفه ،ونتيجة لعلمها وفقهها أصبحت حجرتها المباركة وجهة طلاب العلم حتى غدت هذه الغرفة أول مدرسة في الإسلام وأعظمها أثرا في التاريخ الإسلامي وقد اتبعت السيدة عائشة أساليب رفيعة في تعليمها متبعة بذلك نهج رسول الله في تعليمه لأصحابه ومن هذه الأساليب عدم الإسراع في الكلام وإنما التأني ليتمكن المتعلم من الإستيعاب ،كذلك كانت تلجأ إلى الأسلوب العملي توضيحا للأحكام الشرعية العملية كالوضوء كما أنها لم تتحرج في الإجابة على المستفتي في أي مساءلة من مسائل الدين ولو كانت في أدق مسائل الإنسان الخاصة ،كما أنها تتبع الأسلوب العلمي المقترن بالأدلة سواء كانت من الكتاب أو من السنة ،،
تعد السيدة عائشة أول فقيهة في الإسلام ،فقد إشتغلت بالفتوى من خلافة أبي بكر إلى أن توفيت ولم تكتف بما عرفت من النبي ،وإنما اجتهدت في استنباط الأحكام للوقائع التي لم تجد لها حكما في الكتاب أو السنة ،فكانت إذا سئلت عن حكم مسألة ما بحثت في الكتاب والسنة فإن لم تجد اجتهدت لإستنباط الحكم حتى قيل إن ربع الأحكام الشرعية منقولة عنها ، وقد استقلت السيدة عائشة ببعض الآراء الفقهية ،التي خالفت بها آراء الصحابة ،ومن هذه الآراء :١/جواز التنفُّلْ بركعتين بعد صلاة العصر قائلة ” لم يدع رسول الله صلى الله عليه وسلم الركعتين بعد العصر مستدلة على ذلك بقوله :{ لا تتحروا طلوع الشمس ولا غروبها فتصلوا عند ذلك} صحيح مسلم ،، وعلى الرغم من أنه من المعلوم أن التنفل بعد صلاة العصر مكروه فقال بعض الفقهاء أن التنفل بعد العصر من خصوصياته ،،
٢/كما أنها كانت ترى عدد ركعات قيام رمضان إحدى عشرة ركعة مع الوتر ،مستدلة بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ،،
ومن أقوالها رضي الله عنها : *لا تطلبوا ما عند الله من عند غير الله بما يُسخط الله ،،،،* كل شرف دونه لؤم، فالؤم أولى به ،وكل لؤم دونه شرف فالشرف أولى به ،،،،* إن لله خلقاً قلوبهم كقلوب الطير ،كلما خفقت الريح ،خفقت معها ،فأف للجبناء ،فأف للجبناء ،،،،* أفضل النساء التي لا تعرف عيب المقال ،ولا تهتدي لمكر الرجال فارغة القلب إلا من الزينة لبعلها ،والإبقاء في الصيانة على أهلها ،،،،* إلتمسوا الرزق في خبايا الأرض ،،،،* رأت رجلا متماوتاً فقالت : ما هذا ؟، فقيل لها: زاهد قالت : كان عمر بن الخطاب زاهداً ولكنه كان إذا قال أسمع وإذا مشى أسرع وإذا ضرب في ذات الله أوجع ،،،،* علِّموا أولادكم الشِّعر تَعْذُب ألسنتهم .
“كان عروة بن الزبير رضي الله عنه يقول : “ما رأيت أحدا أعلم بفقه ولا بطب ولا بشعر من عائشة رضي الله عنها ..
اشتهرت رضي الله عنها بحيائها وورعها وكرمها ، فقد قالت :”: كنت أدخل البيت الذي دُفن فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي رضي الله عنه واضعةً ثوبي ،وأقول إنَّما هو زوجي وهو أبي ،فلما دُفن عمر رضي الله عنه معهما والله ما دخلته إلا مشدودة عليَّ ثيابي حياءاً من عمر رضي الله عنه “وكانت من فرط حيائها تحتجب من الحسن والحسين في حين أن دخولهما على أزواج النبي حِلٌ لهما .

هنادي محمد عبد المجيد
[email]hanadikhaliel@gmail.com[/email]