د. عبد الماجد عبد القادر : رفقاً بالقطاع الصناعي
وبالطبع لا بد أن تكون أصول هذه الشركة قد تم استيرادها من الخارج خاصة المصنع المتخصص جداً. ولا بد أن صاحب الشركة كان قد تحصل على موافقة الجهات الرسمية لاعتماد المشروع تحت قانون الاستثمار وحصل على التمويل سواء من البنوك المحلية أو البنوك الأجنبية… ولسبب أو آخر دخلت الشركة في إشكالات مالية وتعقيدات أدت إلى أن يتم بيع المصنع لسداد مديونيات الممولين. وأغرب ما في الأمر أن الإعلان يطلب من الراغبين في المشاركة في هذا المزاد أن يدفعوا خمسة عشر في المائة عبارة عن رسوم دلالة وتأتي الغرابة في أن رسوم الدلالة إذا كانت بهذا القدر فهي عالية التكلفة وتؤدي إلى انتشار مهنة الدلالة في البلاد وتؤدي إلى أن يترك الناس أعمالهم الأخرى ويتوجهوا نحو إقامة محلات الدلالة على اعتبار أنها الأكثر دخلاً.
وهنا يبرز التساؤل المنطقي عن الدخل الذي يمكن أن يتحصله ديوان الضرائب من الدلالين وكم عددهم في البلاد وإذا كان الدلال الذي سيبيع المصنع والذي نعتقد أن سعره بالمليارات سوف يحقق دخلاً يصل إلى ثلاثمائة مليون خلال أسبوع فلا بد أن نتوقع أن ديوان الضرائب سوف يتابع تحصيل ضريبة الدخل من هذا الدلال «المبسوط»..
وقادني هذا الإعلان إلى مراجعة الصحف الأخرى فوجدت أن هناك إعلانات عديدة وهذا الأمر يدعونا إلى التوقف ومراجعة المسببات التي أدت إلى التصفية وبيع الأصول في المزاد العلني. وبالطبع سوف نخرج بالحقائق المذهلة الآتية:
أولاً: معظم الشركات التي تحت التصفية عبارة عن شركات تعمل في مجال البناء والتشييد والصناعة والزراعة والترحيل والتنمية الاقتصادية ولا توجد شركة واحدة من الشركات الطفيلية الخاصة بتجارة الدولار أو السمسرة والوساطة يتم الإعلان عن تصفيتها أو تتعرض للمساءلة القانونية.
ثانياً: كل هذه الشركات التي يعلن بيع أصولها في المزاد العلني دخلت في عمليات تمويل إما مع المصارف المحلية أو تحصلت على التمويل من تجار الدولار وبالتالي دخلت في النفق المظلم ومشكلة الصكوك المرتدة ويبقى حتى السداد حتى وصلت مرحلة التصفية الإجبارية أو التصفية الاختيارية.
ثالثاً: بما أن هذه الشركات يعمل معظمها في نشاطات ضرورية فقد كان الواجب على اتحاد أصحاب العمل وعلى البنوك الدائنة لها أن تقوم بتحليل الأسباب التي أدت إلى توقفها وإعادة تمويلها وإقالة عثرتها.
رابعاً: على الرغم من أن هذه الشركات وأصولها تعتبر ملكاً لأصحابها إلا أنها تمثل القاعدة الإنتاجية لاقتصاديات البلاد وبنيتها التحتية وتوقفها يعود بالضرر على كل المجتمع مثلما يضر بحجم العمالة والأسر التي كانت تعيش عليها.
خامساً: لا بد من إعلام وزارة الصناعة عندما يتم عرض المصانع للبيع لأنها ربما تتمكن من التدخل عند بيع الأصول الصناعية وإعلام وزارة الزراعة عند بيع الأصول الزراعية.. وكان الواجب أن تتدخل كل وزارة لتوقف النزيف والتدمير في هذه الشركات وتعمل على إعادة تشغيلها.
سادساً: نجد أن كل الأصول في هذه الشركات الإنتاجية ربما تؤول إلى من يملك السيولة وهم شريحة تجار الدولار والسماسرة والوسطاء وشركات الصرافات وبيوت التمويل غير الرسمية وبالتالي تتحول قاعدتنا الإنتاجية إلى أشخاص غير مؤهلين يقومون بتحويلها إلى مخازن أو يبيعون المصانع في شكل حديد خردة يصدرونه إلى الخارج بأبخس الأثمان وقد تحصلوا عليه بتراب الفلوس وفي المقابل تتوقف المصانع.
وعليه فإننا ندعو وزارة العدل وبنك السودان وديوان الضرائب ووزارة الصناعة ووزارة الزراعة والنهضة الزراعية والجهاز المصرفي إلى إيقاف النزيف الذي يحدث بسبب تصفية الشركات الصناعية وبيع أصولها في المزاد العلني بينما تبقى المؤسسات الطفيلية شامخة لا تتعرض للتصفية لأنها تمتص دماء الشركات ورجال الأعمال المنتجين. يا جماعة رفقاً بالقطاع الصناعي حتى لا تتحول مصانعنا إلى الطفيليين من السماسرة وتجار العملة.
صحيفة الإنتباهة
[/JUSTIFY]