جعفر عباس

الحب يلغي الطب! (1)


الحب يلغي الطب! (1)

جعفر عباس

تقول دراسة أعدها باحث طبي عربي في مجال أمراض القلب والكلى والباطنية: ان المحبين اقل عرضة للإصابة بأمراض القلب وتصلب الشرايين، وارتفاع ضغط الدم والكولسترول، والجلطة، والسكتة الدماغية وآلام المفاصل والمعدة والضعف الناتج عن الشيخوخة. يعني الحب يمنع حدوث تلك الأمراض، يا لسعادتكم أيها التعساء بالوراثة والميلاد! ولن أذكر اسم هذا الطبيب لأن المفاوضات بيني وبينه لم تصل إلى نتيجة بشأن عمولتي من الترويج لنتائج دراسته تلك، ولذا سأكتفي اليوم بإبانة أهمية الدراسة وآفاق التداوي بالحب، كبادرة حسن نية حتى يقتنع سيادة الدكتور العبقري بقدراتي التسويقية ويمنحني توكيلا يخول لي إصدار وصفات الحبحبة التي هي الحب المكثف، بجرعات علاجية: هب زميلك في العمل سقط مجندلا لأن أحد شرايينه أضرب عن العمل: لا تطلب سيارة الإسعاف، ولا تلجأ إلى أحد المستشفيات الحكومية التي يعطيك القائمون على أمورها الانطباع بأنك تطلب عافيتك بالخصم من عافيتهم! فقط احصل على نسخة من مجلة بلاي بوي، او ادخل أحد مواقع الانترنت للفجور الإلكتروني، لتحصل على صورة حسناء جمالها يذهب بأنصاف العقول، وتضع الصورة على أنف صاحبك المريض وما ان يشمها حتى يستأنف شريانه الضخ، فيتصبب الفائض من دمه عبر أذنيه! وهب انك في السبعين او الثمانين ووجدت صعوبة في تحريك ساقيك للذهاب مثلا إلى الحمام في الصباح.. هنا عليك طلب الإسعاف، لينقلك إلى اقرب سوق لتبحث عن واحدة «دفعتك» وتعاكسها باسم الحب عبر نافذة الإسعاف.. «ثواني ورجلك تصير أولمبية بزوال الشلل» أي تصبح ساقك مثل ساق جونسون، ذلك العداء الكندي الأسود الذي استعان به امبراطور ليبيا الهالك معمر القذافي بتوصية من ابنه الساعدي لرفع اللياقة البدنية لأفراد منتخبها لكرة القدم، بعد ان تأكد علميا ان الجنس الأسود هو «اللي فيه الزبدة والخير والبركة» ولو كره الكارهون… مع ان جونسون هذا أوقف عن ممارسة النشاط الرياضي نهائيا بعد اكتشاف انه فاز في احدى الدورات الأولمبية بالأوانطة لأنه كان يتعاطى المنشطات بكميات تجارية… يعني الطبيب الهمام صاحب الاقتراح العبقري قد يخرج علينا بعد فترة بالمزيد من النصائح: إذا كنت تعاني من السكري فعليك ان تحب واحدة سمراء لأن السكر الأبيض هو سبب الكثير من البلاوي، أما إذا أصبت بارتفاع ضغط الدم مع السكري فعليك بحبيبة حنطاوية.. بعبارة أخرى لا بد لكل مرض من حبيب او حبيبة.. حقيقة الأمر هي ان هذا الطبيب لا يحمل مؤهلا حتى لمعالجة التهاب الشَعر، فهو يقول بشكل غير مباشر إن الزواج عديم الفائدة لأن معظم الناس يحبون أزواجهم (من هذا الجنس او ذاك) ومع هذا يمرضون ويموتون بسبب الأمراض.. ولو كنت مريضا ولا تحب شريك حياتك فعليك بالخلع او الطلاق لتصطاد المحبوب الذي سيكون سبب الشفاء (لاحظ أن الفرق بين الشفاء والشقاء نقطة واحدة).
ويشكو ابنك مع أول الصباح إسهالا حادا، وبدلا من ان تتهمه بافتعال المرض للتهرب من المدرسة، عليك باصطحابه إلى مجمع تسوق محترم (مول) من النوع الذي تؤمه المراهقات والمراهقون (على أمل ان التسكع في محلات ذات أسماء غربية سيعطيهم طفرة حضارية)، وتشجعه على الحب «من طرف»، وستكتشف بعد نصف ساعة ان الإسهال عنده تحول إلى إمساك، وعليك التسلح بوصفة طبية (روشتة) تفاديا للكمش البوليسي: غمزة عين على الريق.. بصبصة أرض – جو (اذا كانت المستهدفة بالمغازلة في الطابق العلوي بينما الفاعل في طابق أدنى).. قبل العشاء.. آي لف يو.. يا حبي.. يا بعد عمري.. عند اللزوم، ولن يتجاسر شرطي على التصدي لك!! وغدا نواصل.

جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]