الطاهر ساتي

قضية مدحت .. نبيل أديب متحفظاً ..!!

[JUSTIFY]
قضية مدحت .. نبيل أديب متحفظاً ..!!

** بزاوية الأحد الفائت، استبشرت خيرا بنبأ إحالة قضية مدير الإدارة القانونية بولاية الخرطوم الى اللجنة القضائية، وقلت فيما قلت إن القضية يا دوب – سارت في مسارها الطبيعي، وتلك البشارة مردها تحفظي مع المتحفظين في تلك اللجنة التي شكلت برئاسة المستشار محمد فريد للتقصي في الأمر، ولكن يبدو أن لتلك البشارة تقدير آخر عند البعض الآخر.. وعليه، يسعدني أن يكون هذا البعض الآخر من الموصوفين بأهل مكة الذين يدرون شعابها.. ولذلك، سعداء بأن يكون قانونيا في قامة أستاذنا نبيل أديب من قراء زاويتكم هذه أيها الأكارم، ويشرفني بأن يكرمنا اليوم الأستاذ نبيل ببعض علمه ومعرفته وعقلانيته، محاورا ومبديا تحفظه على هذا المسار الجديد لهذه القضية ، فأهلا ومرحبا به ..!!
** (الأخ الطاهر ساتي..جاء في عمودكم المقروء ما يلي: (ممتاز أخيرا سارت قضية مدير الإدارة القانونية بولاية الخرطوم المسماة إعلاميا بقضية المستشار مدحت فى مسارها الطبيعي وهذا المسار الذي يتسق مع العدل والعقل هو ما طالبنا به منذ يوم نشر القضية قبل شهر ونيف ولقد أحسن وزير العدل عملا حين التمس من رئيس القضاء تشكيل لجنة تحقيق قضائية للتقصي والتحقيق وشكرا لمولانا جلال الدين محمد عثمان رئيس القضاء لاستجابته للالتماس وتشكيله اللجنة القضائية)..واسمحوا لي أن أختلف معكم فيما ذهبتم إليه من أن ذلك يتفق مع القانون، إذ أنه فى واقع الأمر مخالف لأساس العدالة والقانون .. فحقيقة الأمر هو أن القانون لا يعرف ما يسمى بلجنة تحقيق قضائية، فلجان التحقيق لا تكون قضائية، حتى لو رأسها قاضى أو أسهم فيها قضاة، لأنهم فى هذه الحالة لا يباشرون عملاً قضائياً، وإنما يستفاد من خبرتهم فى التوصل لتوصية لجهة تنفيذية، حول ما يتوجب عليها عمله فى حالة معينة. عمل القضاة هو الفصل فى الخصومة، ويجوز لهم استثناء تولي التحقيق فى مسألة تقع فى نطاق العدالة الجنائية، حين يجيز القانون للقاضي، أو يكلفه بالإشراف على التحري، أما فى غير هذه الحالة فإن مشاركة القضاة فى لجان التحقيق، لا تكون بصفتهم القضائية، ولا يتم تكليفهم بذلك بواسطة الهيئة القضائية..
** ولعله من المفيد أن نذكر أن قانون لجان التحقيق لعام 1954 لم يمنح رئيس القضاء سلطة تشكيل لجان التحقيق، رغم أنه منحها لرئيس الجمهورية والوزراء، والسبب فى ذلك لا يخفى على أحد، وهو أن لجان التحقيق لا تملك أن تصدر قرارات، ولا أحكام، وإنما تصدر توصيات للجهة التى شكلتها والتى تقوم بعد ذلك باتخاذ الإجراءات المناسبة، وهو أمر يضع اللجنة فى موقع أقل من التنفيذيين الذين شكلوها، وهو ما لا يجوز بالنسبة للهيئة القضائية. رئيس القضاء لا يشكل لجان تحقيق بالنسبة للمسائل العامة وإن جاز له أن يشكل لجان تحقيق لمساءلة القضاة إدارياً، وهذا يخرج عن موضوعنا، والسبب فى ذلك هو أن القضاء هو صاحب القول الفصل فى كل الخصومات، لذلك فإن الاحتفاظ به بعيداً عن المسألة إلى أن تأتيه فى موقعه ليحسمها، هو الأقرب لتحقيق العدالة، ولعل من نافلة القول أن نذكر أن ما تقرره لجنة مشكلة من ثلاثة أعضاء من المحكمة العليا، لا بد أن يؤثر على القرارات التى قد تصدر بعد ذلك من قضاة أقل منهم فى الدرجة، متى ما عرضت عليهم المسألة فى شكل نزاع قضائي، هو ما يقلب الصورة رأسا على عقب ..
** ما وجه من اتهامات للمستشار مدحت على صفحات الصحف قد يدعو للتحقيق حولها، كما ويجوز له هو اتخاذ ما يتيحه له القانون من إجراءات، ولكن هذا التحقيق يجب أن يأخذ أحد وجهين لا ثالث لهما، الأول تحقيق إداري لمعرفة ما إذا كان المستشار قد خالف شروط وظيفته، وهذا يجب أن يجري داخل وزارة العدل، وتحقيق جنائي يدور حول التحري عما إذا كان المستشار قد ارتكب جريمة، وهذا يجب أن يجري بواسطة النيابة الجنائية أو تحت إشرافها. إذا توفرت لدى السيد وزير العدل من المعلومات ما يحمله على الاعتقاد بأن هنالك جرائم قد ارتكبت، فعليه أن يحرك الدعوى الجنائية، وإذا قدر صعوبة ذلك بالنسبة لوضع المتهم فى وزارة العدل، فقد كان الأوفق أن يستخدم سلطته بموجب المادة 20 من قانون الإجراءات الجنائية، وتكليف قاضي أو أي شخص آخر بالإشراف على التحري، مع منحه سلطات النيابة العمومية. فى هذه الحالة فإن موافقة رئيس القضاء مهمة من ناحية التبعية الوظيفية، ولكنه لا يشكل اللجنة، ولا صلة له بما يسفر عنه التحقيق. لذلك فإنني لا أعتقد أن ما ورد فى صدر عمودكم عن اللجنة القضائية دقيق، إذ أن القول بأن هنالك لجنة قضائية تم تشكيلها على النحو الذى تم ذكرتم، يثير من التساؤلات أكثر مما يجيب عليها. وما زلنا فى انتظار الخبر اليقين.. نبيل أديب عبد الله المحامي)
** من إليكم.. شكرا أستاذ نبيل على هذا الرأي الرصين، والكل مثلك يا عزيزي في انتظار الخبر اليقين.. وبالمناسبة: نجح أحدهم في زحام ما أن ينشل محفظة غافل ثم يركض بها، ولم يكن يعلم بأن الغافل هذا من هواة الركض أيضا..غادر سوح الزحام والتفت ليجد صاحب المحفظة على بعد أمتار منه، فواصل الركض حتى غادر حرم المدينة ثم التفت ليجد ذاك يركض خلفه مباشرة..زاد سرعة ركضه حتى وصل الى إحدى فيافي البلد، ثم التفت ليتفاجأ بذاك وراءه ومحذرا إياه: (علي الطلاق الليلة وراك لحد الحدود)..وهكذا تقريبا لسان حال الصحافة يا نبيل، ليس في هذه القضية فحسب، بل في الكثير جدا، أي كثيرا ما يرغمنا واقع الحال على غض الطرف عن المسماة – في بلاد الآخرين – بطبيعة الأشياء، ويشغلنا بمتابعة ركض لجان التحقيق واجتماعتها وانبثاقاتها، بلسان حال قائل: (وراكم لحد الحدود)… ولك الود والتقدير … ساتي.[/JUSTIFY]

إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]