الطاهر ساتي

إلى المجلس الطبي..(إنها أرواح)


[JUSTIFY]
إلى المجلس الطبي..(إنها أرواح)

* ما حدث – ويحدث – بمستشفى بحري حاليا، حدث بمستشفى أبو عنجة قبل ثلاث سنوات تقريبا..ولكن في ذاك الحدث، تدخلت السلطات الرقابية والعدلية سريعا، ولم يظلم – أو يتظلم – أحد، وكذلك لم تسهب الصحف في لت القضية وعجنها، كما سيكون حال قضية مستشفى بحري..إذ جاء أحدهم بخاله الى مستشفى أبوعنجة، ومكث معه مرافقا ثلاثة أشهر ونيف، وذات يوم استدعت حالة المريض الى مده بالأوكسجين، ومدوه به.. ولكن أحد المسؤولين بالمستشفى نزع منه الأوكسجين بتبرير فحواه (ياخ الزول ده شفط أوكسجينا كلو)، فساءت حالته وانزعج المرافق والكادر الطبي الذي نصح بنقل المريض الى مستشفى آخر..ومات المريض – رحمة الله عليه محروما من الأوكسجين في منتصف الطريق قبل أن يصل مستشفى أمدرمان..سردت الواقعة بكل تفاصيلها وأسماء شخوصها قبل ثلاث سنوات بالصحافة، فرصدها المجلس الطبي وإحدى النيابات.. ونال المسؤول – بالمجلس والمحكمة – العقاب الذي يتناسب مع تصرفه غير المسؤول، وليس هناك من داع للتشهير وإعادة تفاصيل تلك القضية من أرشيف الزاوية..فالمهم، خاتمتها كانت عادلة لذوي المرحوم ولكل ذوي الضمائر اليقظة..!!
** وما حدث بمستشفى بحري يوم الثلاثاء الفائت، لايختلف كثيرا عما حدث في مستشفى أبوعنجة..نعم موت المريض بسبب الأوكسجين جريمة يجب أن يحاسب عليها القانون قبل أي نوع آخر من أنواع المحاسبة، إدارية كانت أو(طبطبة)، كما يحدث الآن . فالوثائق التي تنشرها الصحف منذ الأحد الفائت، وكذلك تصريحات بعض الكوادر الطبية العاملة بمستشفى بحري، ثم الارتباك الذي قابلت به وزارة الصحة بولاية الخرطوم تلك الوثائق والتصريحات، كل هذا يشير بأن وفاة ثلاثة مرضى – في يوم واحد – يجب ألا تمر مرور الكرام، أو كما تشتهي وزارة الصحة بولاية الخرطوم .. للأسف، الوزارة الولائية مرتبكة، وتجتهد في إخفاء الحدث ببيانات تتناقض مع تصريحات المسؤولين بذات الوزارة.. فلنقرأ تصريح مدير إدارة الإعلام بالوزارة، إذ يقول بالنص لصحف البارحة : (شكلت الوزارة لجنة تحقيق لمعرفة ماحدث بمستشفى بحري، وليس صحيحا ما تناقلته وسائل الإعلام عن وفاة مواطنين بسبب الأوكسجين، والتقرير النهائي للجنة سيصدر خلال 48 ساعة)، هكذا تحدث، فتأملوا هذا الارتباك..لقد سبق مدير إعلامهم لجنة التحقيق – باربع وعشرين ساعة – ونفى وفاة المرضى بسبب نقص الأوكسجين، ثم بعد النفي يطالب الصحف بأن تنتظر أربع وعشرين ساعة، حيث موعد التقرير النهائي للجنة التحقيق..هذا الحديث المضطرب يثير الكثير من الشك والريبة، ولذلك يجب أن يتدخل المجلس الطبي سريعا..وكذلك على ذوي المتوفين أن يسلكوا ذات الدرب الذي سلكه ذوو مرحوم مستشفى أبوعنجة..!!
** ثم إليكم المزيد من الحديث المضطرب.. مدير إعلام الوزارة يؤكد بأن لجنة التحقيق ستصدر تقريرها الختامي خلال (48 ساعة)، أي قبل غروب شمس الغد، ولكن فلنقرأ نصا من البيان التالي : (تناولت الصحف خبرا مفاده وفاة ثلاثة مرضى بقسم الحوادث والطوارئ نسبة لانقطاع الأوكسجين، وإجلاء للحقائق للرأي العام تم تشكيل لجنة لتقصي الحقائق ، وتوصلت لما يلي : لايوجد انقطاع للأوكسجين في يوم (الإثنين 9/1).ثم يستعرض البيان وفيات يوم (الثلاثاء 10 /1)، تأملوا هذا الارتباك المريب.. ثم ما توصلت إليه اللجنة في موضوع الأوكسجين – حسب توقيع مدير الإدارة العامة للطب الوقائي – ضحى البارحة، هو ما سبقه إليه مدير إدارة الإعلام بالوزارة قبل ضحى البارحة بـ(24 ساعة)..أي لم تفعل لجنة الوزارة غير إعادة تلخيص حديث مدير إدارة إعلام الوزارة ..فالبيان يحمل توقيع مدير إدارة وليس توقيع رئيس لجنة تحقيق، وهذا الخطأ الفادح يعكس بأن العقل الذي يدير هذا الملف بحاجة إلى (كثير ذكاء)، ليُقنع الصحف بأن وزارة الصحة لاتحمي المخطئين..أين تقرير لجنة التحقيق؟، ومن هم رئيس وأعضاء اللجنة ؟، وكيف علم مدير إدارة الإعلام بالوزارة بنتائج التحقيق قبل تشكيل اللجنة؟..هذه الأسئلة – وغيرها كثيرة في ثنايا الحدث – يجب أن تحفز المجلس الطبي لتقصي الحقائق، وكذلك على ذوي المتوفين – رحمهم الله – اللجوء الى القضاء..ثم هذه القضية بمثابة أول اختبار حقيقي للبروف مأمون حميدة وزير الصحة بالولاية – وكذلك للدكتور صلاح عبد الرازق، مدير عام الوزارة- إن كانا قادرين على محاسبة المخطئين بمشافي الولاية بالإقالة، أم هما ذاتهما بحاجة إلى إقالة..نعم، أرواح الناس لاتحتمل (الطبطبة والمجاملة)..!!
[/JUSTIFY]

إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]