ما حدث..كان تدميرا ولم يكن تصديرا ..!!
** كنت بعاصمة البحر الأحمر قبل نصف شهر، وجاءت بالصحف أنباء مفادها: (دعت إدارة المحاجر بوزارة الثروة الحيوانية العاملين والمصدرين الى صيام شكر وإفطار جماعي بمناسبة بلوغ حجم صادر الماشية ثلاثة ملايين رأس).. شكرت الله ثم توجهت الى سواكن، وهناك وجدت من العبث ما يستوجب صيام كفارة وليس شكر، وكتبت – بزاوية 2 يناير – ما يلي نصا: (بسواكن تأكدت أن انفراط عقد الضوابط والتنظيم والتنسيق أغرق السوق السعودي بالمواشي السودانية، بحيث صار البيع بنظام (الكسر) نهجا هناك، وكل ذلك على حساب اقتصاد البلد، وسألت أحدهم – مورد سعودي – عما يحدث، فأجاب بالنص: (ما يحدث ليس تصديرا للمواشي، بل هو تدمير لاقتصاد بلدكم)..وأي طالب سنة أولى اقتصاد يعرف أثر إغراق السوق السعودي في قيمة صادرنا هنا، وأي مغترب سوداني بالخليج يتلمس بأن الضأن السوداني لم يعد كما كان (غاليا)، فكيف يكون غاليا وذو قيمة للناس والبلد هنا وسفن التصدير تغرق به السوق هناك ؟..نعم، إغراق السوق هناك ينعكس سلبا على العائد – السعر – للمنتج والتاجر والمصدر هنا، أي ينعكس سلبا على العائد للبلد..هذا الإغراق بحاجة الى من ينظر إليه بعين الشك والريبة، ليتبين إن كان الأمر تصديرا لثروة أو تدميرا لاقتصاد الدولة المنتجة لتلك الثروة..أي من المستفيد من كساد وتكدس مواشينا هناك..؟؟
** ثم..حين تحتفي وزارة الثروة بالثلاثة ملايين رقما يستوجب الصوم والإفطار شكرا لله، نسألها بكل براءة: (كم العائد للبلد؟)..أي ليس من المنطق أن تحتفي بحجم الصادر ثم تلتزم الصمت وتغض الطرف عن ذكر عائد هذا الصادر للبلد.. للأسف، حسب الاتصالات التي أجريتها ضحى البارحة بسادة الجهات ذات الصلة بحصر الصادر وجمع العائد، بمن فيهم الدكتور نجم الدين داؤود وكيل وزارة التجارة الخارجية، لا يملكون أي رقم يمكن تقديمه للرأي العام بلسان حال قائل (هذا عائد صادر ثروتكم الحيوانية).. فالوكيل اكتفى برد فحواه (من المفترض أن يكون هناك عائد)، فأبديت له تحفظي على مصطلح (من المفترض)، فحولني الى بنك السودان والذي يجهل أيضا، بحيث فوض المصارف برصد الصادر وجمع العائد..وما يجب أن يعود الى المصارف – كعائد للسودان – يبحث عنه الأمن الاقتصادي في دهاليز المدائن والأرياف، ويجد البعض بعد ملاحقة ومطاردة و (قومة نفس)، ولا يجد البعض الآخر الذي يكون قد هرب بما كان يجب أن يكون عائدا للبلد، أو يكون قد شبع موتا بيد أن سجله التجاري لا يزال ساريا ويصدر لضعف الرقابة.. وهذا لا يحدث إلا في السودان، نعم سجلات تجارية سارية بأسماء الموتى..!!
** وسجلات المطاريد والموتى تضج بها دهاليز السلطات ومخابئها، والكل يلتزم الصمت..وكل هذا يكشف قبح العبث الذي يحدث في استخراج (السجلات التجارية)، بحيث يكون للشخص أكثر من سجل تجاري بأسماء مختلفة (جوكية)، وذلك للتهرب من إرجاع العائد للبنوك..ومرد كل هذا هو ضعف الرقابة وهشاشة الضوابط المعمول بها من قبل بنك السودان في استخراج (استمارة الصادر)..وما لم يكن كذلك، فإن عائد الثلاثة ملايين رأس يجب أن يسد بعض العجز الناتج عن فقدان إيرادات بترول الجنوب.. فالعجز الناتج عن فقدان بترول الجنوب (4 مليارات دولار)، فهب أن العائد من كل رأس مائة دولار فقط لاغير، وعليه يجب أن يكون العائد من صادر مواشي هذا العام (ثلاثمائة مليون دولار).. وعليه، نسأل بنك السودان ووزارة الثروة الحيوانية والتجارة الخارجية: هل يبلغ العائد للمصارف والبلد ثلث تلك الثلاثمائة مليون دولار، ناهيك عن (كلها).؟.. أنا في سواكن، وإجابات هذا السؤال مخبوءة في دهاليز الخرطوم، ونواصل بحثا عن عن تلك الإجابة وما فيها من حقائق مؤلمة حين أعود بإذن الله، لنوثق التدمير الذي يحدث تحت مسمى التصدير.!)..تلك كانت زاوية ذاك اليوم، وبفضل الله عدت الى الخرطوم ووجدت من الوثائق والحقائق والأسماء ما يشيب لها الولدان، سأعرضها غدا بإذن الله..نعم، فالموسم الذي هم صاموا فيه – شكرا لله – على تلك الثلاثة ملايين رأس، كان موسما مدمرا لاقتصاد البلد ومهدرا لعائد الصادر، والذين صاموا يعلمون ذلك.. فليتابعنا الأمن الاقتصادي، وكذلك بنك السودان، وهو المسؤول الأول عن هذا الإهدار..!![/JUSTIFY]
إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]