الزوج الحشري.. يقتحم خصوصية المرأة ويزاحمها في مملكتها
ويظهر هذا النموذج خلال شهر رمضان الكريم بوضوح شديد؛ إذ تجد الرجل يزاحم زوجته في المطبخ، وينتقدها، ويتدخل في كل شيء؛ ما يُشعر الكثير من الزوجات بالتوتر والزهق؛ بسبب أنفه التي لا تترك شيئاً؛ الأمر الذي جعل الكثير من النساء يتركن المطبخ للزوج، أو يطلبن منه الخروج؛ ما ينشب عنه خلافات بين الزوجين.
وقد نصح مختصون بضرورة وضع خطوط حمراء قبل الزواج؛ حتى تحافظ المرأة على خصوصيتها، فيما رأى آخرون أن تترك المرأة الرجل يكشف عن ساعديه، ويدخل معركة المطبخ؛ حتى يقدر قيمة ما تقوم به زوجته كل يوم.
فشل ذريع
إحدى الزوجات اشتكت لـ”سبق” من نقد زوجها المستمر، وقالت: زوجي كثير التدخل في الأمور المنزلية، فساعة يقول الطعام ينقصه ملح، وساعة أخرى يقول إن الملح زائد، كما أنه يلومني إذا قمت بعمل أصناف قليلة في رمضان ويتهمني بالبخل، وإذا زدت من الأصناف يتهمني بالتبذير. مشيرة إلى أنها بدأت تشعر بالممل بسبب تصرفاته؛ ما زاد من الخلافات بينهما، وصارت تترك له المطبخ “إلا أنني أجد فوضى عارمة وخسائر في محتويات المطبخ”.
وبهدوء تحدثت زوجة أخرى قائلة: زوجي يعشق المطبخ، ودائماً ينصحني بمتابعة برامج الطبخ في رمضان، ويحاول أن يقدم إبداعاته المعهودة في رمضان، كما أنه يحرص على منظر الطبق الذي يقدمه. وأضافت: أشعر بالسعادة عندما يقتحم زوجي المطبخ، وبالفعل يجيد طهي بعض الأصناف.
فيما قالت ربة المنزل (أم نايف): المطبخ من مهام المرأة الأساسية، وأرفض دخول الرجل المطبخ؛ لأن النتيجة سوف تكون فشلاً ذريعاً؛ وعلى المرأة أن تمنع الرجل من إقحام نفسه في مملكتها (المطبخ) أو في الشؤون المنزلية الخاصة بالزوجة.
ورفضت أحلام دخول زوجها المطبخ، أو انتقادها في أي من الأمور المنزلية، وقالت: جلوس الرجل كثيراً في المنزل عادة ما يثير المشاكل؛ إذ يتدخل في كل كبيرة وصغيرة؛ ما يثير قلق الزوجة. وتابعت: اتفقت مع زوجي منذ زواجنا على ألا يتدخل في أمور المطبخ؛ لأنه مملكة المرأة، والفعل ابتعد زوجي عن المطبخ، إلا أنه عادة ما ينتقد طعامي.
بينما ضحكت إحدى الزوجات، وقالت: أترك زوجي يدخل المطبخ، وأتركه يبدع كيفما شاء، إلا أنني أشعر بالسعادة عندما يفشل أو يسألني عن طريقة عمل أي شيء، حتى يشعر بأهميتي وبقيمة ما أقدمه له.
خصوصية المرأة
وعرّف المستشار الأسري والنفسي، الدكتور خالد الصغير، الزوج (الحشري) بأنه هاذم اللذات ومفرّق الحاجات، ويعمل على هدم بيته؛ إذ ألغى كل الأسوار والحصون التي كانت تحتفظ بخصوصية المرأة، وتجعل منها ملكة على مملكتها، وذلك بتدخله في كل صغيرة وكبيرة، وفرض السيطرة والتحكم في الأمور، وإقصاء الزوجة عن دورها الرئيس في محيط أسرتها؛ ما ينتج منه الأثر النفسي السلبي على مستقبل المرأة وحياتها مع ذلك الزوج.
وأوضح أنه على المرأة أن تحاور زوجها بشكل هادئ لكسب قلبه، وإقناعه برفض طريقته الحالية؛ فمع الاقتناع تتغير الطباع، ولعله بعد ذلك يدخله الحياء؛ فيخجل من طريقته الدخيلة وغير المرغوبة لها ليغيرها. وقال: إن لم يتغير فعليها بمصارحته ثانياً، والوقوف ضد هذه التصرفات التي لا تليق بزوج اختار زوجته ووثق بها فارتبطا، على أن تكون اللهجة هنا أشد ارتفاعاً بكلماتها ونظراتها ورفع الصوت بما يتناسب مع الحال وتغير الأحوال، وتوصيل صوتها له بعدم التدخل فيما لا يعنيه وما لا يخصه. ناصحاً الزوجة بأن تكون هناك خطوط عريضة واضحة منذ بداية الزواج؛ ليعيش كل فرد منهما بسلام وأمان دون تدخل من أحد في خصوصيات أحد.
سلوك مكتسب أو ناشئ
ووصف الصغير سلوك الرجل المتدخل في الأمور المنزلية الخاصة بالمرأة (الحشري) بأنه مكتسب أو ناشئ؛ فقد يكون من مجتمعه منذ الصغر، وربما يكون من الوالدين بشكل أخص؛ إذ لم يجد من يمنعه ويؤدبه وهو صغير حينما يتدخل في شؤون الآخرين، وقد يكون سلوكاً ناشئاً أو طارئاً بسبب الفراغ الذي يعانيه في المنزل، ولا يجد ما يشتغل به ويلهيه عن الآخرين، ويظهر بوضوح عندما يتقاعد الرجل.
وعن أهم المشكلات التي تصدر من الزوج المتدخل قال المستشار النفسي والأسري: في البداية تكون مشكلات بسيطة وصغيرة، أما إذا أُهملت فسوف ينتج منها إبعاد المرأة عن إصدار القرار؛ ما يصيب المرأة بحالة من الانهيار التدريجي؛ كونها ليست شريكة مع الرجل في حياتهما الزوجية.
وحذر من كثرة الخصومات والاختلافات التي تدفع بالمرأة للصراخ ومحاولة الهروب من حياة الرجل الذي يتدخل في الأمور عامة دون أي اعتبار لها، وينتج منه تهميشها؛ ما يسقطها من دائرة القرارات الأسرية وتربية الأبناء ومسيرة العائلة، وينبئ بتفكك تلك الأسرة؛ وتكون على حافة الانهيار إن لم يتدارك الزوج موقفه الخاطئ، ويتراجع عنه، ويُنقذ الموقف.
فض اشتباك
فيما اعتبر الكاتب أحمد العرفج شهر رمضان دورة تدريبية للرجل على الطبخ، مبدياً تفاؤله بتأثير الشهر الكريم على الرجل؛ ليحصل على نصيبه من دخول المطبخ، وقال: في بريطانيا معظم الرجال يشاركون زوجاتهم في المطبخ، متسائلاً: لماذا يتكبر الرجل الشرقي على هذه المهنة التي تتطلب قدراً كبيراً من الاحتراف؟
ورأى العرفج أن اقتحام الرجل المطبخ في رمضان ظاهرة واضحة، مقترحاً استلام الرجل زمام المطبخ، وقال: عندما يصبح الرجل مسؤولاً عن المطبخ “من الألف إلى الياء” في رمضان سوف تتحرر الزوجة من أعبائها، وتحصل على إجازة سنوية. وأكد أن هذا يفض الاشتباك بين الرجل وزوجته؛ لأن الرجل دائماً يعترض على طعام زوجته وينتقده في رمضان.
وبسخرية قال: ليكشف الرجل عن ساعديه، وينزل معركة المطبخ؛ حتى نعرف هل نجح في مهمته أم فشل؟ موضحاً أن هذا الاقتراح من السهل تطبيقه على أرض الواقع، ومؤكداً أن الرجل سوف يفشل في هذه المهمة؛ وبالتالي يتوقف عن انتقاد زوجته التي تصطلي بحرارة المطبخ؛ كي تعد وجبة له، وقد تحظى بقبوله أو رفضه.
[/JUSTIFY]صحيفة سبق