عبد اللطيف البوني

المذكرة التي لم تكتب


[JUSTIFY]
المذكرة التي لم تكتب

*الهالة الإعلامية الضخمة التي أحاطت بالمذكرة التي رفعتها عضوية المؤتمر الوطني لقيادته معبرة فيها عن ضيقها وتبرمها بالأوضاع السياسية في البلاد عامة وفي الحزب خاصة وفي الحركة الإسلامية على وجه أخص , المذكرة الموسومة باسم مذكرة الألف بغض النظر عن تعدد نسخها أو حتى فبركتها تكشف عن أشواق سياسية للتغيير متغلغلة في حنايا المجتمع السياسي عامة فمشايعوا الحكومة رأوا أن مشروعهم في الحكم تحول إلى شركة قابضة (البره بره والجوه جو) إلا بماذا يفسر بقاء شلة محدودة طوال عمر الإنقاذ في واجهة الأحداث بينما الآخرون لايتذكرهم أحد إلا ساعة الاستنفار. المعارضون للحكومة رأوا وهن وعجز قادتهم الثمانينيين فاشتاقوا لانشقاق داخل النظام يفت من عضده. كل هؤلاء رأوا في المذكرة ضوءاً في نهاية النفق.
*مهما يكن من أمر المذكرة تمثيلية كانت أم حقيقية أو أنها أخفت مذكرة أخرى أشد وأقوى . فاعليها مجهولون او معروفون فالنتيجة في النهاية واحدة وهي أنها أحدثت حراكا وفتحت بابا لن يغلق ب(أخوي وأخوك) فوتيرة الململة سوف تتصاعد ولكن قدرة الحكومة أكرر الحكومة على احتواء حراك المذكرة او المذكرات مازالت ناجزة لأن المذكرة او المذكرات السابقة واللاحقة لم تنادِ بتغييرات جذرية إنما تنادي بإصلاحات كفصل علاقة الحزب بالدولة وإعطاء الحزب الحاكمية ومحاربة الفساد وتغيير الدماء في شرايين وأوردة الحكم فالمذكرة او المذكرات إصلاحية وليست انقلابية ما لم تتبناها قوة نظامية داخل النظام ,(إنا مابفسر وانت ماتقصر) مع بهار من الخارج الجاهز (وبرضو أنا ما …..).
*يبدو لي أنه بعد أكثر من عقدين من الزمان من تجربة الإسلاميين في الحكم في السودان او الحاكمين باسم الإسلام أن الوضع محتاج لمذكرة من نوع آخر او بالأحرى لدراسة عميقة لسبر غور هذه التجربة ثم بعد ذلك الحكم لها أوعليها فحقيقة الدراسة المطلوبة يجب أن تدور في علاقة الدين بالدولة أو علاقة الدين الإسلامي بالسياسة من خلال هذه التجربة السودانية والنظر الى أي مدى نجحت أو فشلت وهل أفادت البلاد والعباد أم أضرت بالدين والبلد معا. دراسة مثل هذه مفتوحة لكل من عايشها في السودان ولكن وجود مذكرة أو دراسة من جهة الحاكمين المهمشين سوف تكون شهادة قيمة لإصدار الحكم على التجربة.
*في تقديري أن الدين وتحديدا الإسلام لم يكن مسئولا عن تخلف الدولة الوطنية في السودان ولا في غيره من دول العالم الإسلامي وبالتالي ماكان يجب أن يكون مطروحا كحل لمشاكلها ولكن طالما استطاع نفر من السودانيين أوغيرهم أن يحكموا باسم الدين ويتركوا بصمة في البلاد التي حكموها لابد من أن يكون حل المشاكل التي صنعوها مدخله الدين. بعبارة أخرى لا يمكن تجاهل الدين في حل الأزمة السودانية الماثلة ومن هنا كان لابد للمؤيدين لوصل الدين بالدولة أن يتحلوا بالشجاعة ومن داخل المكون الديني أن يقدموا الحلول. فقد اتضح أن الذي يحكم ليس هو الدين إنما بشر باسم الدين فطالما أن طبيعتهم البشرية هي التي تغلبت عليهم وطمرت الأيدلوجية التي كانوا يرفعونها فإن هذا يعني أنه لابد من إعادة فهمنا للدين وعلاقته بالسياسة.
*بدا لي أن هناك مراجعات خجولة يقوم بها نفر محدود، وفي إحدى نسخ المذكرة المزعومة ما يشي بذلك. أما مراجعات الترابي فقد غبشها نشاطه السياسي ورغباته في الصعود للمسرح الفاعل مرة أخرى (عشان يعمل شنو ؟ الله أعلم).
[/JUSTIFY]

حاطب ليل- السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]