جعفر عباس

طولوا بالكم يا شباب!

[JUSTIFY]
طولوا بالكم يا شباب!

يعتقد بعض قراء هذه الصحيفة أنني اعمل صحفيا فيها، وأنني بالتالي مقيم في البحرين، ويطالبونني من ثم بتناول قضايا معينة، وخاصة في مجال تشغيل الشباب ومكافحة البطالة، ربما لأنه سبق لي القول مرارا ان أرباب الأعمال والمخدمين يتخذون من انعدام الخبرة لدى الشباب ذريعة لعدم توظيفهم، ويفوت عليهم أن كل إنسان يدخل الحياة العملية وهو عديم الخبرة، وأن شخصا يلتحق بعمله وهو خام وطازة قد يتفوق في الأداء على من تزيد خبراتهم المهنية على عشرين او ثلاثين سنة، وحقيقة الأمر يا شباب هي أنني أرسل مقالي اليومي هذا بالبريد الالكتروني، مجتازا به مئات الكيلومترات التي تفصل بين المنامة، حيث مقر الجريدة، والدوحة حيث أقيم، وبالتالي فإنني لا أستطيع ان أخوض في شؤون لست ملمّا بمعظم تفاصيلها، وان كنت أتعاطف مع الباحثين عن العمل ولا أتعاطف مع من يسدّون الأبواب في وجوههم بمختلف الذرائع، وخاصة انني تعرضت للاستخفاف والمطوحة عندما بدأت أبحث عن العمل، وانا احسب ان شهادتي الجامعية هي مصباح علاء الدين، بل الى سنوات قليلة خلت كانت العديد من الصحف الخليجية ترفض نشر مقالات لي من شاكلة الزاوية المنفرجة/ الغائمة/ الحادة/ المعكوسة، ومن بينها صحيفة كنت أعمل فيها بحجة انني لا املك «خبرة ودراية» في كتابة ذلك النوع من المقالات، وقد قلت ذلك لعدد من الشبان الواعدين الذي يحبطهم رفض الصحف نشر مقالاتهم لأنهم مغمورون، والصحف تبحث عن الاسم «الجاهز»، متناسية ان هؤلاء الجاهزين كانوا يوما ما مغمورين، وأنصح هؤلاء بالمثابرة وعدم اليأس لأنه سيأتي اليوم الذي تستجديهم الصحف التي رفضت ان يكتبوا فيها بالشيء الفلاني… واعملوا بالمثل الخليجي البليغ: كثر الدق يفك اللحام.. اطرقوا كل الأبواب مثنى وثلاث وسباع وعشار… ولا تكن عبيطا وتقل إنك ارسلت طلب الوظيفة مستخدما الانترنت في موقع مؤسسة او شركة أو إدارة حكومية!! احرص دائما على تسليم طلبك باليد.. ويستحسن ان تكون تلك اليد تخص شخصا يده «واصلة»… وهناك خدعة تأتي بنتائج شبه مضمونة: أرفق مع طلب الوظيفة «توصية» تحمل اسم وتوقيع مسؤول رفيع تعرف أنه ما من أحد سيجد الشجاعة للاتصال به لسؤاله: هل أنت فعلا أوصيت بتوظيف فلان بن علان العليل.. طبعا هذا تزوير، ولكنه حيلة غير المسنودين بوزير أو مدير.
على كل حال يا شباب لا تيأسوا فرغم ضيق فرص العمل فإن من يثابرون على طرق الأبواب سينجحون حتما في الحصول على عمل ما يكون عكازة يقرعون بها أبوابا تفضي الى فرص افضل، ولكم في المواطن الهندي رافيندرا ناث هالدر اسوة حسنة، ففي عام 1968م وكان عمره وقتها 18 سنة، تقدم يطلب عملا لدى حكومة البنغال الغربية، معززا طلبه بالشهادات الاكاديمية، وجاء عام 1978 ثم مضى، ثم استفسر عن طلبه عام 1988, وكانت آخر مرة يزور فيها مكاتب الحكومة للسؤال عن الوظيفة في عام 2004، فلما يئس من الحصول على الوظيفة شجع اكبر أولاده على التقدم لطلب وظيفة لدى نفس الجهة، ومازال الولد ينتظر الرد على طلبه الذي تقدم به قبل 7 سنوات، وبينما كان هالدر يشمت في حكومة البنغال، وتجاهلها للمواطنين المؤهلين، جاءته رسالة تدعوه إلى إجراء مقابلة للمنافسة على الوظيفة التي تقدم إليها قبل 43 سنة، وذهب هالدر الى المقابلة فرفضوا طلبه لان عمره تجاوز الستين وهم يريدون شابا عمره ما بين الـ18 والـ20 من العمر.. واللهم لا اعتراض!!
[/JUSTIFY]

جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]