عبد اللطيف البوني

أبناء على طريق الآباء


[JUSTIFY]
أبناء على طريق الآباء

أن يسير الابن على درب ابيه من حيث المهنة امر عادي ومبرر في المجتمع التقليدي لأن الفرصة المتاحة في التأهيل والتدريب هي تلك التي تتيحها الأسرة لذلك نجد ابن الراعي راعيا وابن المزارع مزارعا حتى في المجتمع الحديث نجد اسرا امتهنت حرفة واحدة كأعمال البناء والجزارة والحدادة و الذي منه، لا بل حتى في الوظائف التي تتطلب تأهيلا اكاديميا نجد الكثير من الأبناء يسيرون على طريق الآباء مثلما يحدث في الطب والهندسة والمحاماة، وقد يكون هذا رغبة من الابن أو اعجابا بالاب واحيانا بإغراء أو حتى إكراها من الأب. الاعراف الاجتماعية تقر سير الأبناء في طريق الآباء (ود الفار حفار) و(ود الوز عوام) ومن شابه اباه فما ظلم.
الانسان عندما يبتليه الله بممارسة ما يخالف الشرع والعرف يكون دوما حريصا على أن يبعد ابناؤه عما ابتلي به فلا يمارس المنكر امامهم. الاب يحرص دائما على أن يظهر امام ابنائه بصورة مثالية حتى إن لم يكن هو كذلك في الحقيقة وهذا من ثوابت المجتمع السوداني ولكننا عشنا وشفنا آباء يسيرون ابناءهم على دربهم في السكك الملتوية اي في ارتكاب المنكر. فالوثائق التي حفلت بها صحف الاسبوع المنصرم رأينا اسماء الأبناء في الشركات الوهمية التي تهبر وتلغف المال العام فالأب في الشركة العامة التي تمنحها الدولة التسهيلات للمصلحة العامة والابن أو الأخ الأصغر في الشركة التي تعمل بالباطن وتستفيد من تسهيلات الدولة دون مناقصة او حتى إعلان وبطريقة (ام غمتي).
في تقديري أن مثل الذي اشرنا اليه اعلاه هو اعلى مراحل التطبيع مع الفساد ..(كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ، لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (79) ) سورة المائدة. فالفساد اصبح بالنسبة لهم ممارسة عادية ليس فيها ما يخدش الحياء لذلك يورثونه لابنائهم واخوانهم الصغار لا بل يستعينون بهم في اكمال الاجراءات والصفقات الفاسدة واكل مال الغير بالباطل. من المؤكد انهم يبررون ذلك بأن الاجراءات التي انشأوا بها تلك الشركات سليمة مية المية وليس فيها ما يخالف قوانين والدولة وهذا من ناحية نظرية صحيح ولكن السؤال لماذا يعمل الابن في المجال الذي يعمل فيه الوالد كموظف عام ؟ فمثلا عندما يكون الاب مديرا لمصنع ما مملوك للدولة أو شركة مساهمة عامة وينشئ للابن شركة تتاجر في ذات السلعة وبتسهيل كبير من المصنع الذي يديره الوالد ففي هذه الحالة وظيفة الوالد مستحقة وشركة الابن حق من حقوقه ولكن شبهة الفساد لا يمكن نفيها خاصة اذا علمنا أن هناك ميزات تفضيلية لشركة الابن ناهيك عن التواطؤ العلني.
إن افساد الآباء للابناء بإدخالهم في اكل المال العام امر لابد من التوقف عنده لانه ليس فسادا عاديا انما إهلاك للحرث والنسل وتدنيس للقدسية الأسرية ونوع منحط من أنواع التربية ولا حول ولا قوة إلا بالله
كسرة
العنوان مأخوذ من برنامج تلفزيوني كان يقدمه الاستاذ سر الختم محمد علي قبل ربع قرن من الزمان عاكسا فيه نماذج مشرقة تدعو للاعجاب. ويمكننا الآن تقديم (تحقيقات) كثيرة بذات العنوان ولكن بعد اضافة (في الفساد).
[/JUSTIFY]

حاطب ليل- السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]