طب وصحة

د. امين شرف الدين : السل الرئوي ..أزمة عميقة


الذي يعمل في القطاع الصحي في الخرطوم او في مناطق السودان . يتأكد بما لا يجد مكانا للشك بعمق الازمة التي يخلقها مرض السل الرئوي او الدرن. فاعداد المصابين بالمرض كبيرة .. هذا المرض الذي يعتبر معديا للاخرين ويؤدي الى اضعاف الجسم و تقليل قوته و مناعته مما يعطل عملية الانتاج مما ينعكس سلبا على القطاع الاقتصادي

و السل الرئوي ينتقل الى الانسان عن طريق الجهاز التنفسي من خلال استنشاق جرثومة السل الرئوي من شخص مصاب بالمرض . في كثير من الاحيان يقاوم الشخص هذه الجرثومة و لاتتطور الى المرض . الا ان المصابين بامراض سوء التغذية او الذين يعانون من اسباب تؤدي الى نقص المناعة يتطور فيهم المرض و يستفحل ولذلك فان مرض الدرن او السل اصبح يعرف بالتصاقه بالفقر وذلك لانتشاره في المجتمعات التي تعاني من سوء التغذية او المجاعة. كما ان الدرن لا يكتفي فقط باصابة الجهاز التنفسي بل قد يصيب غالب اعضاء الجسم من قبيل العمود الفقري و الامعاء و الغدد الليمفاوية و المخ و السحايا

يقدر عدد الذين اصيبوا بالمرض في العالم كحالات جديدة فقط في عام 2011 بتسعة ملايين انسان .. وقدر عدد الذين توفوا من الدرن في عام 2011 ب مليون ونصف انسان هذا في عام واحد فقط و الغالبية العظمى من هذه الوفيات و الاصابات هي في دول العالم الثالث و المجتمعات الفقيرة..كما تقدر المنظمات المعنية بان هناك نسبة كبيرة من حالات الدرن لا يتم تشخيصها وبالتالي فانها لا تتم معالجتها مما تخلق فرصة كبرى لانتقال العدوى للاخرين

حسب تقديرات الامم المتحدة فان السودان يشكل 15% من حجم العبء الذي تقوم به لمكافحة الدرن في اقليم شرق المتوسط.. في عام .2011 اعلنت منظمات الامم المتحدة المعنية بالصحة ان 7% من اصابات الدرن في اقليم شرق المتوسط كانت في السودان . وعلى الرغم من ان تكلفة تشخيص وعلاج المرض لا تتجاوز ال خمس و عشرين دولارا . الا ان حكومات الدول تقف عاجزة في توفير هذه المعينات التي تتكفل في كثير من الاحيان بها منظمات الامم المتحدة المعنية … كما حذرت الامم المتحدة من ارتفاع نسبة انتشار الدرن المقاوم لادوية السل التقليدية.. كما ان ارتفاع نسبة المصابين بمرض نقص المناعة المكتسبة ادى الى ازدياد معدل الاصابة بالدرن في اوساطهم.

ان من اكثر المشاكل التي تعتبر عاملا مؤثرا في انتشار الدرن هو ضعف التثقيف الصحي الذي يجب على الدولة و مؤسساتها الصحية العمل على تقويته. . فالمصاب بالدرن في كثير من الاحيان لا يذهب الى المستشفى او المركز الصحي للفحص … حيث ان معظم المصابين يعانون من سعال حاد مصحوب ببلغم و حمى فيقوم المريض بشراء مضاد حيوي عادي معتقدا انه يعاني من التهاب رئوي عادي …مما يؤدي الى تفاقم المرض و استفحاله ووصوله الى المستشفى بعد مراحل متاخرة خاصة بعد ان يصاب المريض بانخفاض حاد في الوزن. ان من مثل هذا التاخير ان يساعد في انتشار المرض في اوساط الاسرة و خاصة الاطفال و النساء الحوامل مما يضاعف من ازمة انتشار المرض في اوساط الآخرين

ومن هنا فاني اناشد جميع المؤسسات و المنظمات العاملة في قطاع الصحة وخاصة الدولة بالتركيز على مكافحة هذا المرض و القضاء عليه نهائيا من السودان
بقلم د. امين شرف الدين ابراهيم بانقا
طبيب و كاتب سوداني