استغلال غير كريم …!!
الأسبوع الفائت، نقلا عن رئيس لجنة الشؤون الاجتماعية بالبرلمان، كتبت الصحف خبر إحالة ملف تجاوزات الأوقاف الى نيابة الأموال العامة، ثم قالت – على لسان رئيس اللجنة البرلمانية ذاته – بأن أمرا رئاسيا قد صدر بإيقاف الدكتور الطيب مختار مدير الأوقاف عن العمل، بعد توقيفه من قبل تلك النيابة.. للأسف، هذا الخبر ليس بصحيح، إذ لم تكذب الصحف بشأن التجاوزات، ولكن رئيس اللجنة البرلمانية لم يقل الحقيقة كما هي، بل تعمد إشانة سمعة الدكتور الطيب مختار لشيء في نفسه، ولا علاقة لهذا الشيء بالتجاوزات التي ذكرتها الصحف..نعم هناك صراع سلطات بين وزير الأوقاف ومدير الأوقاف، ورئيس اللجنة البرلمانية جزء من هذا الصراع، ولكن ليست هناك أية علاقة بين هذا الصراع الراهن وتلك التجاوزات التي حدثت خلال الأعوام (2006/2007/2008).. فالوزير الحالي لم يكن وزيرا آنذاك، وكذلك المدير الحالي لم يكن مديرا آنذاك، ورئيس اللجنة البرلمانية يعرف ذلك، ومع ذلك نسب تلك التجاوزات للمدير الحالي، ولم يعتذر بالتصحيح عن هذا الاستغلال السيء وعن تضليله للرأي العام ، الى يومنا هذا ..!!
** يوم نشر الخبر، اتصلت بالدكتور الطيب قبل منتصف الليل بساعة، وتأكدت بأنه متوقف عن العمل منذ شهرين، بسبب خلاف مع الوزير حول السلطات..ثم البارحة تحدثت مع رئيس اللجنة البرلمانية عن الخبر، فاعترف بالتضليل قائلا بالنص : (أيوه الطيب ماعندو علاقة بالتجاوزات المالية دي، لكن الطيب عندو شوية مشاكل مع الوزير حول السلطات والصلاحيات)، فسألته : لماذا لم تصحح تلك المعلومة؟، فأجاب متلعثما : ( دي غلطة الصحفية اللي اسمها منو ديك، ما فهمت كلامي كويس)..هكذا الحدث وحديث أطرافه، وهذا يؤكد بأن رئيس اللجنة البرلمانية لم يكن حريصا على كشف التجاوزات المالية، ولكنه كان ولا يزال حريصا على تصفية حساباته مع مدير الأوقاف، ولذلك نسب إليه تلك التجاوزات..أي الانتصار للنفس وعلى مدير الأوقاف ولو بالباطل أهم عند رئيس اللجنة البرلمانية من مكافحة الفساد، وهذا ما يسمى بتصفية الحسابات الشخصية والاستغلال السيء لملفات الفساد..!!
** وأول البارحة، بصالون الراحل سيد أحمد خليفة، قلتها للدكتور الطيب أبو قناية ولرهط من الزملاء : تناول قضايا الفساد يختلف عن تناول القضايا الأخرى، إذ قضايا الفساد تتسم بقدر من الحساسية العالية وتناولها بغرض الإصلاح بحاجة الى يقظة ومسؤولية.. ثم نزاهة ومصداقية، بحيث لا نصيب شخصاً أو نفرا بجهالة – كما فعل رئيس اللجنة البرلمانية – ونصبح على ما فعلنا نادمين..ثم يجب ألا تستغل قضايا الفساد لأي نوع من أنواع الاستغلال غير الحميد، شخصياً كان ( كما يفعل رئيس اللجنة البرلمانية) أو حزبياً..ولكل قاعدة- حكومية كانت أو معارضة أو مجتمع – شواذ، وليس من العدل إطلاق الأحكام بلا استثناء على كل القاعدة، أو هكذا يجب التفكير حين نكتب أو نتكلم عن الفساد، هذا إن كانت الغاية هي الإصلاح وليست التهريج أوالاستغلال الذاتي أو الحزبي..وذكر الوقائع، بوثائقها وشهودها وأطرافها، هو التناول المهني المفيد للناس والبلد، وليس ترديد الأحكام الجماعية التي من شاكلة (الحكومة فاسدة، المعارضة مرتشية، المجتمع بايظ)، إذ مثل هذا الأحكام المطلقة محلها مجالس الأنس وقعدات الليل، وليست الصحافة ومنابر الرأي العام..على كل حال، فليعتذر رئيس اللجنة البرلمانية لمدير الأوقاف، ثم يحرك ملف تجاوزات تلك الأعوام الى حيث القضاء..!!
[/JUSTIFY]
إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]