الطاهر ساتي

فعلا تخطيط استراتيجي


[JUSTIFY]
فعلا تخطيط استراتيجي

في أوروبا كانت بواخرها ملقبة بالخضراء، ثم يعزفون لها سلامنا الجمهوري حين تدخل موانئهم، ومنذ عام 1962، وإلى زمن ليس ببعيد، ظل الأسطول التجاري لشركة الخطوط البحرية السودانية هو الأكبر في العالم الثالث، ولم يكن هناك أسطول يتفوق عليه من حيث عدد البواخر – ليس الكفاءة – غير الأسطول المصري، ولذلك لم يكن مدهشا أن يختار مؤتمر الأمم المتحدة لتجارة والتنمية، في عام 1964، شركة سودانلاين أفضل نموذج للمشاريع الناجحة في العالم الثالث، وكذلك ظلت بواخرها تنال درع التميز في السلامة وجمال المظهر عاما تلو الآخر، سودانلاين كانت تمتلك أسطولا عظيما قوامه (15 باخرة)، ولذلك ظلت تبخر بكبرياء طائر النورس، الذي كان شعارا لبواخرها، من المحيط إلى الخليج – في كل الموانئ العالمية والإقليمية بلا غياب، ولا تزال في ذاكرة العرب، شندي هي الباخرة الأولى التي عبرت قناة السويس بعد إعادة فتحها في عهد ناصر وهي محملة بالسلع الغذائية، ثم تلتها الباخرة سنار، وكل ذلك لكسر الحصار المفروض على الدول العربية، وما نالت بواخر سودانلاين كل هذه الثقة إلا بالكفاءة.
** المهم، ماذا حدث ويحدث لبواخر سودنلاين؟ لا شيء غير التجفيف، وليس الإحلال والإضافة، أي على سبيل المثال: الباخرة أم درمان التي انضمت إلى أسطول سودانلاين في عام 1973، تم التخلص منها في عام (1995)، ثم تواصل مسلسل بيع البواخر، على قدم وساق،على النحو الآتي: نيالا، باعوها في عام (1996)، الأبيض (2002)، دنقلا (2003)، القضارف (2003)، مروي (1995)، النيل الأزرق (2004)، ستيت (1997)، الضعين (2003)،الجودي (2006)… و… اليوم لم تتبق لسودنلاين غير دارفور والنيل الأبيض، إذ كل تلك المدائن العريقة غربت شمسها واختفى نورسها،عفوا، لا تفرح بدارفور والنيل الأبيض يا صديق، لقد عرضت الشركة ولا تزال – دارفور والنيل الأبيض للبيع أيضاً، نعم كانت دارفور والنيل الأبيض هما آخر ما تبقى من قطع أعظم أسطول وطني بلغ قوامه ذات عام (15 باخرة)، ومع ذلك هما للبيع منذ يناير 2012، علما بأن عرض التخلص هذا هو الثاني، فالعرض الأول للباخرتين (ما جاب حقو)، أو كما يصف السماسرة حال السلع الكاسدة، ثم كان العرض الثاني، ولا يزال إجراء التخلص يتواصل، هكذا حال بواخر سودنلاين، وبالتخلص من دارفور والنيل الأبيض، تصبح الشركة خاوية على عروشها، إلا من إدارة فاشلة لا تتقن غير تجهيز (المزادات والدلالات)، تباع بواخر الشركة، باخرة تلو باخرة، وتبقى الإدارة كما هي، منذ يوليو 2004، بمديرها المكلف النوراني يوسف دفع الله، وبالمناسبة هذا المدير المكلف منذ 2004، لا يزال هو ذات المدير المكلف، أي لا يوقع على الأوراق بصفة المدير العام، لو لم يكن مكلفا، ربما لباع موانئ السودان ذاتها، ناهيك عن بواخر الشركة.
**وبصدفة هي خير من ألف موعد، وجدت بين أوراقي وريقات ملساء هي الخطة التي أعدتها إدارة الشركة قبل عقد ونيف، وفيها من الأحلام المسماة بالتخطيط الاستراتيجي ما يلي: دخول بواخر ركاب حديثة للأسطول خلال (2005/ 2006)، ولم تدخل أية باخرة ركاب، بل خرجت الجودي وأخواتها، ثم في أحلام الخطة، دخول بواخر لنقل البضائع خلال (2006/ 2008)، ولم تدخل أية باخرة بضائع، بل خرجت النيل الأزرق وشقيقاتها، ثم في أحلام الخطة، دخول ناقلات النفط خلال (2006/ 2007)، ولم تدخل ناقلة نفط، بل (النفط ذاتو اتخارج)، ثم في أحلام الخطة، دخول أسطول شاحنات لتكملة حلقة خدمات النقل خلال (2005/ 2006)، ولم تدخل أية شاحنة ولا (حتى مجرد دفار)، بل خرجت الضعين وأخريات، ثم هكذا أحلام إدارة النوراني، زاهية وباسمة ويانعة ومنظر ورقها يسر الناظرين، بيد أن واقع الشركة بلا بواخر، لك الله يا سودانلاين، ويا (السودان ذاتو).
[/JUSTIFY]

إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]