تفاوضوا لتفشلوا

التفاوض لم يعد فناً بل اصبح علماً يدرس في أرقى الجامعات وبما أنها اصبحت علما فهذا يعني انه قد اصبحت لها نظريات وتطبيقات والذي منه . من معطيات المفاوضات المتفق عليها هو انها بالضرورة يجب ان تكون مفضية لاتفاق قد يحدث هذا الاتفاق أو لايحدث على حسب الوقائع ومجريات التفاوض لكن المهم يجب أن يكون الهدف من التفاوض هو الوصول الى اتفاق ولكننا عشنا وشفنا في سودان اليوم ان التفاوض يكون بهدف ازكاء الخلاف والا فقل لي بربك ماهو الداعي لمفاوضات اديس اببا التي تجري الان بين وفدي السودان؟.
*الغريب في التفاوض بين السودانيين انه دوما يقوم على اجندة متحركة ولايوجد ثبات لدى اي الطرفين فأصبحت العلاقة بين متحركين وليس بين متحرك وثابت ناهيك عن أن تكون بين ثابتين فخذ عندك عندما استقل الجنوب إتضح أن أهم قضية عالقة بين البلدين هي قضية أبيي وأنها العقدة التي يجب على منشار التفاوض أن يتخطاها لابل سالت دماء كثيرة في أرض أبيي ولعل آخر مظاهر الاحتقان والتدخل الخارجي في أبيي أن السيد وزير الدفاع الاثيوبي غادر اديس اببا لزيارة ابيي في اليوم الذي دخلها فيه وفدا السودان.
*ثم وبقدرة قادر اخفيت أبيي وطلع الزيت (البترول) على الكفر فدخلت المفاوضات في حسبة برمة فنطلع بال 36 دولارا وننزل بال69 سنتا فتم اغلاق البلوفة فقال طرف للآخر (بترولكم دا كوموا عليها تراب واجلسوا فوقه) فرد الاآخر(خطكم دا أملوه موية واسقوا بيها ناس ميناء بشائر وليس بورتسودان لان بورتسودان محتاجة لتوصيلة وانتو ماعندكم دولارات) ثم فجأة وبدون مقدمات ظهرت قضية الجنسية ووجود الجنوبيين في السودان القديم وهكذا كل يوم بند جديد فبترول الجن دا يوم للمقايضة بأبيي ويوم للمقايضة بتجارة الحدود ويوم للمقايضة بالحركة الشعبية في الشمال ويوم للمقايضة بالجنسية للجنوبيين في السودان.
*اذا رجعنا من اديس الى ارض الواقع فسوف نجدها أسوأ وأضل فالحرب مشتعلة في جبال النوبة والخرطوم تتهم جوبا ليس بالدعم بل بالمشاركة الكاملة والخرطوم من جانبها ترفع في درجات التعبئة وتقول انها فتحت الخطة (ب) والتي مهما كان كنهها فانها تعني المزيد من النيران ومع ذلك يحزم ادريس عبدالقادر حقائبه ويقود وفده الى اديس ومعهم صابر ويفعل نفس الشئ باقان الذي خرج على الناس بعد أول جلسة في الجولة الجارية الان ويقول للاعلام (لاجديد ولم نتفق على شئ) ومع ذلك سوف تكمل المفاوضات المدة المحددة لها وهي تسعة ايام (مافي شك ان اجواء اديس اجمل من الخرطوم ومن جوبا , بختهم).
*يبدو لي أن الفريقين يعتمدان على عنصر الزمن فأي فريق ينتظر مفاجأة أو لديه إحساس أو ربما معلومات بأن شيئاً سوف يحدث للطرف الآخر يضعف موقفه أو حتى يلحقه أُمات طه او ربما هناك قوة تدير اللعبة وتمسك بالخيوط على التوازي وتحركها كما تريد , تفاوضوا , اقتتلوا الى حد محدد, تنازلوا لهذا الحد وافعلوا وافعلوا اما الي متى دا ما شغلكم فانا المسؤولة عن النهاية وانا عارفاها كويس وياميلة بختك يا أمتي السودان.
[/JUSTIFY]

حاطب ليل- السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]