عبد اللطيف البوني

الجاتك في مؤتمرك سامحتك


[JUSTIFY]
الجاتك في مؤتمرك سامحتك

أخيرا وكما هو متوقع أطلق السودان مكرها رصاصة الرحمة وعلى طريقة (بيدي لابيد عمرو) على مؤتمر اسطنبول الذي كان مزمعا عقده من أجل السودان في الأسبوع الأخير من هذا الشهر والمعلوم أن المؤتمر كان بمبادرة من (المانحين) الذين عقدوا مؤتمر أوسلو بعد نيفاشا ووعدوا السودان في فترته الانتقالية بأموال تضيق بها خزائنه المهترئة ولكنهم لم يفوا بما وعدوا فتقرر أن يعقد المانحون مؤتمرين منفصلين للسودانين بعد الانفصال فانعقد مؤتمر الجنوب في ديسمبر 2011 وبمقاييس الحضور كان في قمة النجاح وانهمرت الوعود انهمارا بمساعدة الجنوب في قيام دولته الجديدة ومن القلب نتمنى أن يفي الواعدون بما وعدوا حتى ينعم أهلنا هناك بدولة (مرتاحة).
جاء الدور على السودان القديم فاتفقت النرويج (قائدة المبادرة) مع تركيا والاتحاد الاروبي على عقد المؤتمر الاقتصادي الخاص بأحوال السودان في موعد تم تأجيله الى الموعد الملغي وكان يفترض أن يناقش المؤتمر ديون السودان وأحواله بعد ذهاب نفط الجنوب وإماكنية الاستثمار فيه وكانت الولايات المتحدة موافقة على الاشتراك في المؤتمر بتمثيل عالٍ ولكن فجأة بدأت الولايات المتحدة في مد عصاتها وسحب جزرتها للسودان بحجة سوء الأوضاع الانسانية في جبال النوبة وجنوبي النيل الأزرق والمحللون السياسيون المحليون يرون أن العين الحمراء الجديدة سببها موسم الانتخابات الامريكية حيث الاستجابة لجماعات الضغط عالية جدا.
المهم في الأمر بدأت أمريكا تتحفظ على المؤتمر فاقترحت أن تكون الأوضاع الإنسانية في النيل الأزرق وجنوب كردفان والعلاقات المتردية بين الشمال القديم والجنوب في الأجندة مما يعني أن تكون دولة الجنوب والجبهة الثورية في المؤتمر فرفض السودان بحجة أن هذه الأجندة سوف تحول المؤتمر الى أديس أببا ثانية وليس مؤتمر مساندين اقتصاديين وفي ذات الأثناء زار عضو الكونقرس وولف جبال النوبة متسللا من الجنوب ثم تم وضع مشروع سلام السودان في طاولة الكونقرس وفي أديس أببا يطلق باقان حكاية استرقاق الجنوبيين في الشمال . أي زادت الضغوط الامريكية على السودان ثم تحفظت أمريكا على المشاركة في المؤتمر وأصر السودان على عقد المؤتمر في زمانه ومكانه وأعد أوراقه لكن أمريكا بدأت في التحريض على مقاطعة المؤتمر و(منو البقدر يقول لأمريكا لا؟) فاتضح للسودان أن الحكاية مطرشقة مطرشقة فبادر بما حدث وحمل أمريكا المسوؤلية فكان التأجيل الى أجل غير مسمى وهو قريب جدا من الإلغاء النهائي.
يبقى السؤال لو افترضنا أن المؤتمر بموافقة أو رفض أمريكي انعقد هل كان سوف ينجح في تقديم عون اقتصادي للسودان؟ قياسا على تجربة اوسلو ستكون الإجابة بالسلب ومن ثم يثور السؤال هل كان السودان (مالي ايدو) من أن المؤتمر سيكون عائده كبيرا ؟ الإجابة عند الاستاذة اشراقة سيد محمود التي وضعتها ملابسات المؤتمر في واجهة الإعلام بقضية موضوعية عوضا عن تلك الشخصية المتعلقة بتعيين شقيقها (هسي الجاب الكلام دا شنو أكان ماشنات طبع إعلام ؟؟)
في تقديري أن السودان ليس أمامه قبل وبعد فكرة المؤتمر ولحدي يوم باكر إلا العلاقات الثنائية فمن الأفضل أن يركز عليها حتى دول الاتحاد الأروبي من الأفضل له أن يحاورها ثنائيا وليس جماعيا. من المفترض أن تبادر وزارة الخارجية وتقول رأيها أيهما أوفق في حالة السودان الراهنة سياسة المؤتمرات أم التركيز على العلاقات الثنائية ؟ ولتتحول الأوراق التي أعدت للمؤتمر الى أوراق عمل محلية ودبلوماسية مباشرة مع الدول فرادى بدلا من انتظار ريح مؤتمر قادم أو بلها وشراب ومويتها.
[/JUSTIFY]

حاطب ليل- السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]