تحقيقات وتقارير

الخدمة المدنية … خطوات تنظيم

[ALIGN=JUSTIFY]تبقى الخدمة المدنية هي احد اهم المعايير التي يقاس بها مستوى تقدم الشعوب من تخلفها،وعرف السودان في المحيط الاقليمي العربي والافريقي ،بانه اكثر الدول تجربة وتنظيماً في هذا المجال،ما جعله قبلة لمعظم جيرانه في الاستعانة بكفاءاته وخبرات موظفيه.
بيد ان الحال تبدل تماماً حتى ان المقولة الشعبية»ان فاتك الميري(الوظيفة) ادردق في ترابه» بدت مدعاة للسخرية والتهكم.
وظلت البلاد منذ امد ليس بالبعيد تعاني تماما من تدهور الخدمة المدنية ،الامر الذي اقر به نائب رئيس الجمهورية على عثمان محمد طه،مطالباً الجميع بالتعاون لاعادتها الى سيرتها الاولى،بعد ان اصبح الامر هاجساً يؤرق مضاجع المسؤولين،بانتشار الفساد الإداري،الذي عده البعض اخطر من أزمة دارفور ،ومدخلاً للمحكمة الجنائية الدولية،خاصة في ظل المتغيرات الدولية والتقدم التكنولوجي بجانب التحديات المحلية.
وأرجع عدد من قيادات الخدمة المدنية اسباب التدنى الى الانظمة السياسية واعتبرها المعوق الأساسي لذلك ،منوهين الى أن الاحزاب والقوى السياسية،متى ما اتيح لها استلام السلطة»اول ما تبادر به،هي تسييس الخدمة المدنية لاجندتها الخاصة ،بابعاد الكفاءات والموظفين «المجربين» بآخرين دون مراعاة هموم وواجبات الدولة، إلى جانب اسباب أخرى مثل التقدم التقني واهمال للتدريب.
واعتبر خبراء الخدمة المدنية ان التغيير هو مسئولية الحكومة لجهة تحسين اداء الخدمة المدنية، وفي المقابل تعترف الحكومة بذلك التدني، واتجهت في الخصوص الى تقديم مقترحات لتشجيع عاملي الدولة للارتقاء بالخدمة من خلال تقديم حوافز مادية او عينية لتتواكب الخدمة المدنية مع التغييرات الدولية والتقنية .
وأقر نائب الرئيس علي عثمان محمد طه في حديث لقيادات الخدمة المدنية بمجلس الوزراء امس بمشكلات في الخدمة المدنية ،واكد ان الامر يتطلب مراجعة حقيقية لمواجهة التحديات التي تواجه البلاد باعتبار ان الخدمة المدنية هي اداة هامة من ادوات خدمة المجتمع وملمح من ملامح الدولة الحديثة .
واعتبر طه ان ابرز التحديات تتمثل في الانتخابات وانفاذ اتفاقيات السلام الموقعة بجانب التحديات الخارجية والداخلية ، وطالب قيادات الخدمة المدنية الى مواجهة تلك التحديات ،وشدد على ان المسئولية هي امانة تكليف وليس تشريف.
واكد نائب رئيس الجمهورية ان الحكومة يجب ان تكون رأس الرمح في تأمين المجتمع بممارسة الحريات العامة والاقتصاد الحر وقال (ان ممارسة الحريات العامة والاقتصاد الحر وغيرها من السياسات لا يختلف الناس حولها من المبادئ لكن تظل الحكومة رأس الرمح في تأمين اي مجتمع ينشد التقدم) ويمضي طه في القول علينا ان نراجع انفسنا مراجعة الحصيف الناقد ولابد من آليات الإصلاح الإداري والاستراتيجي ،وزاد بقوله (علينا ان لانجعلها منابر للاحتفال والمداولات التي لا تنجح) .
واشارطه الى ان السودان كان له سمعة تاريخية وطيبة في الخدمة المدنية وتجارب تجاوزت الحدود القطرية وساهموا في بناء مجتمعات اخرى لكن تواضع اسمه الآن ،وقال ان هناك عيوباً في الخدمة لمجموعة من المسببات ابرزها وجود جمود في المؤسسات،» تلزمنا عناية اكبر لذا يجب ان يضاف حزمة من الحوافز لتعين التنافس «
واعلن طه ان الحالي يكتسب اهمية خاصة ،لوجود الخطة الاستراتيجية الخمسية في عامها الثالث التي قال انها تحتاج لمضاعفة الجهود لنبلغ شط الغاية ،الى جانب ان البلاد مقبلة على مشاريع تنموية كبيرة كانشاء الطرق ومحطات الكهرباء والتوسع في المرافق الصحية والتعليم بمعدلات اعلى وشدد على ضرورة التركيز على النهضة الزراعية .
واكد ان العام الجديد البلاد تواجهه فيه تحديات في نفاذ عدد من بنود وفصول اتفاقيات السلام الموقعة اتفاق السلام الشامل في الجنوب الذي يحتفل به الاسبوع القادم في ملكال وقال (نرجو من هذا الاحتفال ان يكون رمزا لما يحمله العام من الحرص على الوحدة الرابطة ونريد ان نجعل الوحدة جاذبة )
واعتبر ان من ابرز التحديات اتفاق ابوجا والشرق التي افرزت عددا من الواجبات تدخل في نطاق مسئولية الخدمة المدنية خاصة اعادة التعميروصناديق التنمية ، وتابع كلها ساحات للابداع الوطني ويتطلب مشاركة واسعة للقطاع الخاص والاجهزة الرسمية وقال في اتفاق الشرق صناديق وميزانيات مرصودة ومعتمدة لانفاذ مشاريع وهناك حجم واسع نحتاج ان نوفر لها ارادة حتى لا تظل التصديقات حبيسة الادراج وبطء الاجراءات والتباعد وشدد لابد ان تتضافر المسئولية بعيدا عن الصراعات الشخصية والذاتية والمنافع الضيقة المخالفة للقانون .
وعرج طه في حديثه للتحديات السياسية خاصة الاتنخابات والمحكمة الجنائية وقال نشهد اختبارا للساحة السياسية من خلال الانتخابات المقبلة وان واحدة من ساحات وتجليات الدولة وقدرتها على الاكتساب ،ان الامر يتطلب العدة وتهيئة النفس والتجهيز من الاجهزة الامنية والقضاة وغيرها من الخدمة المدنية ، مشيرا الى التجارب من حولنا الذي قال ان ضعف البنية الادارية ادى الى انفراض حبل الامن فصارت نقمة ادت الى صراعات واقتتال وتابع وها هنا ساعة الاختبار للخدمة المدنية وشدد طه نريد ان نقدم انجازا للانتخابات يليق بالسودان
وذهب طه ان المحكمة الجنائية واحدة من التحديات وقال نحن نتعرض لهجمة في اطار المكر والكيد من المحكمة الجنائية والإدعاءات الظالمة للمدعي العام للمحكمة الجنائية وسعيه لاحداث الفوضى وقال لم يعد خافيا علينا انه يستهدف زعزعة استقرارنا واحداث الفوضى وتعطيل المشاريع القيمة من اجل السودان وتابع طه (اننا موقنين واثقين من نصر الله لنا ونتواصى بالحق ) وتابع لا بمحكمة جنائية ولا العمل العسكري ولا الحصار الاقتصادي يصلوا الينا لكن اذا تراخينا وتقاطعنا وتدابرنا وقصرنا في الحق واكلنا مالا بالباطل واذا غابت المحسوبية والمساءلة ومن اجل ذلك نعد عدة النصرالتي يدك بها الصراع.
من جانبه اكد وزير المالية دكتور عوض أحمد الجاز من وجود علل في الخدمة المدنية وشكايات ونداءات وان الامر يتطلب العزم لمعالجة كل الاشكاليات مشيرا الى ان البلاد تشهد تحديات عالمية واقليمية ومحلية ولا بد من التصحيح والانضباط للخدمة المدنية لأن هناك مشاريع جديدة تحتاج الى رجال ونساء وشدد نحتاج الى عهد وميثاق ونفرة وقوة حتى نجعل السودان في المقدمة. ويمضي الجاز في القول إن العام الجديد ربما يقدم السودان بما فيه من خيرات ويفتح لكل من يريد المشاركة في الخيرات .
الى ذالك اقر وزير الدولة بمجلس الوزراء كمال عبد اللطيف ان التحديات التي تواجه البلاد وان الامريتطلب التحسب لها وان تكون السنة الجديدة خير وبركة ولسيادة حكم القانون وممارسة الشفافية والانضباط في الاداء ومحاربة الفساد والمفسدين وان تكون الخدمة المدنية عيناً ساهرة وقال (نريد للوزارات عام 2009 ان تصبح ساحات عبادة وذكر الامر بالمعروف واعطاء كل ذي حق حقه) داعيا الولايات الى التجرد والمحاسبة وضبط الاداء وتابع نريد للخدمة المدنية ان تنعم برضا المواطنين وتبسيط الاجراءات وان تصبح عنوانا للانضباط وتهيئة قدرات العاملين .
جعفر السبكي :الصحافة [/ALIGN]