هنادي محمد عبد المجيد

ولي الله الصالح الشيخ ( عبد الرحيم البرعي ) 3‏


ولي الله الصالح الشيخ ( عبد الرحيم البرعي ) 3‏
اشتهر الشيخ البرعي كأَمْيَز أعلام شعر المديح النبوي وقد بلغ شأواً بعيداً كما أسلفنا ، وبدأ كتابة المدائح منذ السابعة من عمره ، فلقد كان والده رضي الله عنه أيضا شاعراً ، وقد تفتقت عبقرية الشيخ البرعي الشعرية فكتب آلاف القصائد في مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم تقتصر كتابته في هذا الجانب فقط ، بل تعدى ذلك للنَظْمِ في شتى ضروب الدعوة إلى الله تعالى ، ومن ذلك منظومة في علم التوحيد ومنظومة في علم الفقه وقصيدة في علم النحو والإعراب ، وقصائد لا تُحصى في الآداب الإسلامية مثل قصيدته ( بوريك طِبَّكَ ) ، وقصائد أخرى في آداب التصوف وأخرى أيضاً في مدح أعلام الصحابة رضوان الله عليهم ، وكذلك أعلام الإسلام عموماً والتصوف على وجه الخصوص ، مثل الشيخ عبد القادر الجيلاني ، والشيخ محمد السمَّان ، والشيخ أحمد التجاني ، والشيخ أحمد الطيب بن البشير ، والسيد علي الميرغني ، والشيخ اسماعيل الولي ، وغيرهم من أعلام الإسلام في السودان ، والموجود الآن من هذه القصائد يزيد عن مائة ديوان شعري ، منها :
* رياض الجنة ،،* مصر المؤمنة ،، * ليك سلام مني ،، * الصحابة ،، * هداية المجيد ،، * بوريك طبك ،، * الجوهر الأسنى ،، وكلها مجموعة قصائد ترجمها الدكتور إدريس البنا للإنجليزية تحت عنوان : The voice from heaven .
ومازالت الجهود متواصلة لتوثيق وطباعة بقية هذه المؤلفات المنثورة والموثقة بصوت الشيخ رضي الله عنه .
* سلطان القلوب الشيخ عبد الرحيم البرعي (٢٠٠٥) : هو كتاب من تأليف الأستاذ ( محمد خالد ثابت) حول واحد من أولياء الله في السودان في زماننا هذا ، وصفه في مقدمة الكتاب بأنه :” قابَل فتن العصر الحديث بقلب مطمئن ، واثق بالله ، متبع خطى حبيبه المصطفى صلى الله عليه وسلم ، فشق للأمة طريقاً سهلاً منيراً وسط الخرابات وأكوام النفايات المتراكمة ” .. يقول المؤلف : ” إنه في يوم من الأيام اتصل به صديق وأخبره أنه قد رجع من السودان لتوه ، ومعه شريط كاسيت عليه مدائح نبوية لأحد كبار المادحين ، وحكى له ما شوَّقه إليه ، فدعاه إلى بيته وجلسا معا يستمعان لما كان في الشريط الذي كان عنوانه ( مصر المؤمنة) ، وإن كانت اللغة الدارجة التي كتبت بها القصائد قد احتاجت أن استفسر من صديقي عن المعنى هنا وهناك ، إلا أن تيار الحب المتدفق من قصيدة إلى أخرى قد علا فوق معاني الكلمات وسائر المحسوسات ” ، وعلم من صديقه أن ناظم القصائد الشيخ البرعي كان قد مرض مرضاً شديداً فسعى إلى أولياء الله بمصر من أهل البيت وغيرهم ، وتوسل بهم إلى الله في الشفاء ، فلما تم له الشفاء نظم هذه القصيدة وجعل عنوانها ( مصر المؤمَّنة بأهل الله ) يذكر فيها قصته ويذكر أسماء الأولياء وبعض من مناقبهم ،،
منذ ذلك الوقت أصبح المؤلف يسأل عن الشيخ البرعي ويستقصي أخباره حتى وفق بعد مدة للقاء حفيد الشيخ وكان بالقاهرة ومعه دواوين وكتب عن الشيخ البرعي ،
يقول المؤلف :” حينها أضاءت لي الصورة وكشفت عن عظم المشهد وثرائه الفريد ، وعزمت مُستعيناً بالله أن أكتب عن هذا الطود الشامخ ، والبستان المونق المتضوع عطراً وبهاءاً ” ،، يتكون الكتاب بعد المقدمة من ثلاثة فصول : * الفصل الأول : يتحدث عن الآباء والأجداد ،، * الفصل الثاني : الوالد الشيخ محمد وقيع الله (١٩٤٤- ١٣٦٤) ،، * الفصل الثالث : الشيخ البرعي ( ٢٠٠٥ – ١٤٢٦) وهو أكبر فصول الكتاب يتناول كلمات قيلت عن الشيخ ، ثم نشأته ، ثم علوم الشيخ ، ثم أخلاقه وكراماته ، شعره ، جهود الشيخ في الإصلاح ، ثم نماذج بخط يد الشيخ وهي بعض جهوده الدعوية .. يقع الكتاب في ١٨٤ صفحة شاملة المراجع وفهرس الكتاب وقائمة بكتب المؤلف ، الناشر لهذا الكتاب هو ( دار المقطم للنشر والتوزيع بالقاهرة ) صدرت منه الطبعة الأولى عام ٢٠٠٨ م .
* آخر قصيدة قالها الشيخ عبد الرحيم البرعي قبل وفاته مباشرة ، وأثناء أدائه لحجته الأخير وهذه كلماتها :
يا راحلينَ إلى مِنى بقيادٍ ،، هيَّجتُم يوم الرحيلَ فؤادي / سِرتُم وسار دليلُكم ياوحشتي ،، الشَّوقُ أقلقني وصوتُ الحادي .
حرمتُم جِفني المنام ببعدكم ،، يا ساكنين المُنحنى والوادي / ويلوح بين زمزم والصفا ،، عند المُقام سمعتُ صوت منادي .
ويقول يا نائماً جِدّ السَرى ،، عرفات تجلو كل قلبٍ صادي / من نال من عرفاتٍ نظرةَ ساعةٍ ،، نال السرورَ ونال كل مراد .
تالله ما أحلى المبيت على مِنى ،، في ليلِ عيدِ أبركِ الأعياد / ضَحُّوا ضحاياهم وسال دماؤها ،، وأنا المُتيمَّ قد نحرت فؤادي .
لبسوا ثياباً بيضُ شارات الِّرضا ،، وأنا الملوَّعُ قد لبستُ سوادي / فإذا وصلتم سالمين فبلِّغوا ،، مني السلام أُهَيْل ذاكَ الوادي .
قولوا لَهُم عبدُ الرحيم مُتَيَّم ٌ،، ومُفارِقُ الأحبابَ والأولادِ / صلَّى عليك الله يا عَلَمَ الهُدى ،، ما سار ركبٌ أو ترنَّم حادي .
اللهم زدنا من أمثاله ،، كما جعلته لنا مصباح هدى وسفينة نجاة ،، اللهم آمين .

هنادي محمد عبد المجيد
[email]hanadikhaliel@gmail.com[/email]