الطاهر ساتي

التجربة السادسة… ومع ذلك، يتخبطون..!!

التجربة السادسة… ومع ذلك، يتخبطون..!!
ومن لطائف التاريخ يحكى أن أميراً قصد خياطاً ذات يوم ليخيط له جلباباً، ونفذ له الخياط ما أراد، فعاد الأمير إلى بيته متأبطاً جلبابه.. هناك، اكتشف الأمير بأن بالجلباب بعض العيوب التي لا تخطئها عين، فعاد به إلى الخياط قائلا بغضب: (إني وجدت في الجلباب بعض العيوب)، فحدق الخياط ملياً في الجلباب ثم بكى، فتأثر الأمير وظن بأن بكاء الخياط مرده الخوف من العقاب، فخاطبه متوسلا: (لا عليك يارجل، ما أردت عقابك، وسوف آخذ الجلباب بما فيه من عيوب)، ولكن قبل أن يغادر المكان، رفع الخياط رأسه مخاطباً إياه: (والله ما لهذا بكيت، وإنما أبكي عليك)، ثم استطرد موضحاً: (إني اجتهدت في خياطة جلبابك، ومع ذلك ظهرت فيه عيوب أغضبتك.. وأنت تجتهد في الأمارة وأحكامها، فيا ويلك من غضب الله، كم في إمارتك وأحكامك من عيوب؟).. هكذا كان الدرس بليغاً، أي قال لسان حال الخياط للأمير: (أخطاء خياطتي مقدور عليها وبتتعالج بالإبرة والخيط، لكن خوفي عليك من أخطاء إمارتك وأحكامك)…!!
** ويبدو أن نسيج أحرفنا لا يعجب البعض أحيانا، إذ يكون به بعض عيوب الحياكة، أو كما تتراءى لهم، فيغضب. قبل أسبوع تقريباً، اعتذرت لمدير محلية الخرطوم عن مفردة (الأشتر) التي شبهت بها قرار إلغاء ملتقى الأحبة، واستبدلت تلك المفردة بأخرى من شاكلة (غير صائب)، حين عاتب المدير التنفيذي، وتراجع سيادته مشكوراً – وكذلك معتمده ولجانه – عن قرار إلغاء الملتقى، ولذا كان لساني حالي يوم عتابه: (انا بعتذر عن الأشتر، انت بس رجع الملتقى)، وقد كان.. والبارحة أيضاُ، تلقيت عتاباً رقيقاً من الدكتور عوض الجاز، وزير النفط، عن بعض مفردات زاوية البارحة.. وكنت قد تناولت فيها قضية مصنع سكر النيل الأبيض، وهي لم تكن قضية ولا أزمة ولكن رداءة التخطيط وتخبط الإدارة حولا هذا المشروع التنموي إلى (قضية وأزمة).. المهم، قلت في تلك الزاوية بأن الدكتور الجاز – عندما كان وزيراً للصناعة – كان قد حدد موعد افتتاح هذا المشروع بتاريخ (حداشر/ حداشر/ الفين وحداشر)، وقلت واصفاً تاريخ هذا الموعد – الذي لم تكتمل فيه فرحة الناس والبلد بالافتتاح – بأن وزير الصناعة (قطع الموعد دا من راسو)، أي حدد الموعد قبل استشارة الجهات الهندسية والفنية المناط بها مهام إكمال تركيب وتشغيل كل أجزاء المصنع..!!
** فاعتذرت للدكتور الجاز على عبارة (قطعوا من راسو)، وذلك حين أبان لي بأنه لم يحدد ذاك الموعد إلا بعد أن وقف على سير العمل في المصنع، وكذلك بعد الإطلاع على خطة العمل وجداولها الزمنية، وبعد تذليل كافة الصعاب التي واجهت استيراد بعض المعدات التي استولى عليها القراصنة، وذلك باسترجاع المعدات من القراصنة وتصنيع بعض المعدات في الداخل، ثم تم تحديد ذاك الموعد – 11/11/2011- بعد التزام إدارة المصنع والكوادر الهندسية والفنية بإكمال العمل قبل ذلك الموعد، أي لم يكن سيادته إلا معلناً لرغبة العاملين بالمصنع، هكذا كان توضيح وعتاب الدكتور عوض الجاز.. وعليه اعتذر للدكتور الجاز عن نسب موعد الافتتاح لسيادته، وفليكن الاعتذار بلسان حال قائل: (أخطاء حروفي مقدور عليها، لكن خوفي على المصنع من أخطاء المدير العام وعدم متابعة وزير الصناعة الحالي).. وبالمناسبة، إلى متى يلتزم وزير الصناعة الصمت، تاركاً الناس والبلد والصحف في بحر التساؤلات والاجتهادات والشائعات؟.. وإن كان حدثا كهذا لا يحرك وزير الصناعة والمدير العام إلى عقد مؤتمر صحفي يوضح للمواطن ما حدث ويحدث، فمتى يتحركان؟.. ما الذي يمنعهما من دعوة وفد إعلامي – من كل وسائل الإعلام – إلى زيارة المصنع، والاستماع إلى شرح الكوادر الهندسية والفنية، ثم توثيق هذا الشرح وتقديمه للمواطن بلسان حال قائل: (يا جماعة دا الحاصل في المصنع، ما في داعي للشفقة)..؟.. ليس هناك ما يحول بين المعلومات والمواطن غير عدم قناعة وزارة الصناعة وإدارة المصنع بأن المواطن هو مالك هذا المصنع.. فليمض التحقيق الرئاسي في مساره الباحث عن العراقيل وأسبابها وشخوصها، ولكن هذا لا يمنع التحقيقات الصحفية.. وخير للوزارة والإدارة بأن تفتح ابوابها وهواتفها وتستقبل التساؤلات وترد عليها بوضوح، بدلا عن نهج (بيان هام وبيان مهم).. ما يجب أن تتذكره إدارة حسن ساتي هو أن صناعة السكر ليست من الصناعات الحديثة، بل أن هذا المصنع هو السادس في البلاد، فلماذا (التخبط والضبابية)..؟؟

إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]