عبد اللطيف البوني

فضل، المزروعي ثم الخواجة


فضل، المزروعي ثم الخواجة
[JUSTIFY] البروفيسور بيتر وودوارد يعرفه جيدا دارسو علم السياسة في السودان لانه عمل مدرسا لها بجامعة الخرطوم كما أن لديه الكثير من المؤلفات في السياسة السودانية بما فيها رسالته للدكتوراة وآخر مؤلفاته عن السودان (من اتفاقية السلام الشامل الى اتفاقية سلام دارفور.. حان موعد الحل ام الانحلال؟ ) وقد اصبح من المختصين في الشأن السوداني المعاصر ومستشارا لجهات غربية كثيرة مهتمة بالشأن السوداني . زار وودوارد السودان قبل اسابيع وقدم محاضرة بمركز مأمون بحيري بالخرطوم بعنوان (السودان بعد انفصال الجنوب.. انخفاض حالات التهميش المتعددة) ترجمها وباقتدار لصحيفة الصحافة الغراء الزميل الاستاذ الترجمان / سيف الدين عبد الحميد ونشرت في الشهر الماضي. اقلعت (لو جاز التعبير) فكرة البروفيسور وودوارد الرئيسية من فكرة كتبها البروفيسور علي المزروعي في ورقة اعدها 1968 تقول:– تشكل العلاقات بين الشمال والجنوب احدى ازمات الانشقاق الاكثر حدة في قارة افريقيا قاطبة. واذا اخذت الاقليم الشمالي المهمين لوحده معيارا تجد أن السودان هو احد البلدان الاكثر تكاملا في افريقيا. واستشهد المزروعي بما اورده البروفيسور يوسف فضل حسن في عزو ذلك الى انتشار الاسلام واللغة العربية في الشمال الشيء الذي خلق على حد تعبير يوسف فضل- (شعورا من التماسك وسط سكان البلاد متغايري الخواص). ايد المزروعي وجهة نظره عن الشمال بالرجوع لثورة اكتوبر 1964 على وجه الخصوص التي لم تعكس شعبية الدعوة الى الحكومة الديمقراطية فحسب بل عكست قبول عبود للتنازل مقابل عدم المحاكمة. ثم اضاف وودورد هنا (كثير من الناس نظروا الى الانتفاضة التي اطاحت بنظام نميري بضوء مماثل) ثم اضاف عدم ظهور او تأخر ربيع عربي في السودان . الفكرة الاساسية هنا أن التكامل الهويويوي في الشمال هو الذي فرض المساومة بين الحاكم والمحكوم في نهاية عبود والنميري وبقاء البشير في هذا الظرف وهذا تطبيق لنظرية المزروعي المبنية على فكرة يوسف فضل. ثم خاض المحاضر قليلا في نظرية سيطرة الثقافة النيلية على السودان الشمالي.
في بداية المحاضرة ذكر المحاضر قول البشير بانه بعد انفصال الجنوب قد حسمت مسألة الهوية في السودان التي كانت متنازعة بين الافريقانية والعروبية. وبكلام المزروعي ويوسف فضل اعلاه اعلاه يثبت المحاضر أن هذه الفكرة لها جذور وليس وليدة لحظة الانفصال ولكنه وودورديرى غير ذلك ففي رأيه أن اشكالية الهوية في السودان لم يحسمها انفصال الجنوب لانه لن ينهي علاقة الدين بالدولة. ثم اشار للكتاب الاسود الذي اثبت أن القضية ليست مع دارفور وحدها بالطبع اصطحب تحالف كاودا ووصل الى خلاصة مفادها انه في الجنوب مثلما انه في الشمال ما زالت قضية الهوية والصراع الهويوي في البلدين مطروحا وكل الذي فعله الانفصال انه صنع سياقات جديدة لقضايا قديمة ومتجددة . يبدو لي أن قيمة المحاضرة تكمن في تنبيهها الى ما استجد في الصراع الهويوي في السودان بعد الانفصال او بالاحرى في السودانين الاثنين وبهذا يكون وود ورد قد فتح الطريق للاكاديميين والمفكرين السودانيين … ويلا ورونا همتكم حتى لا يأكلكم السياسيون حنك ويهلكوا البلدين معا.
[/JUSTIFY]

حاطب ليل- السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]