الطاهر ساتي

صمت العاجزين عن التفكير…!!

صمت العاجزين عن التفكير…!!
لقد أحسنت الحكومة عملاً برفضها لمقترح مصر لإنهاء قضية هجليج بالتفاوض.. تلك أرض سودانية، أخذتها قوات دولة الجنوب بالقوة ويجب أن تستردها قوات دولة السودان بذات القوة، ودون أن تنسى رد الصاع بصاعين أو أكثر.. ثم مصر ذاتها غير مؤهلة للعب دور كهذا في قضية كهذه، إذ حلايب السودانية لم – ولن – تسقط من وجدان و ذاكرة أهل السودان. وإن كانت حكومة ما بعد مبارك بمصر بارعة في التفاوض حول قضايا الحدود، فلتفاوض السودان حول هوية حلايب..فالحكومة السودانية الحالية – آجلاً أو عاجلاً – سوف تذهب، ولكن أرض حلايب لن تغادر ماضي أجدادنا ولا مستقبل أحفادنا، وحل قضية تلك الأرض – بالانسحاب منها – يجب أن يشغل بال ساسة مصر، وليس قضية أرض هجليج التي يستبسل في استردادها شرفاء بلادي وأبرارها.. وكأنها كانت تنتظر فرجاً، تلهفت حكومة دولة الجنوب نحو المبادرة المصرية ووافقت عليها بشرط (وقف الاعتداء)، وهذه لعبة مكشوفة للانسحاب بلا خسائر بعد أن ضربت القوات المسلحة سياجاً من الفرسان حول غزاتهم..ولكن لا، إذ خروج الأنذال من هجليج يجب ألا يكون بذات بساطة الدخول إليها، حتى ولو حولت راجمات الجيش وطائراته كل حقول المنطقة ومنشآتها ثمناً لمحرقة (غزاة سلفاكير)..!!
** ولعبة الخروج من المأزق – السياسي والعسكري – بلاخسائر لم تقف عند قبولهم بالمبادرة المصرية، بل يتسترون بما أسموهم بالأسرى أيضاً.. نعم هم بعض شباب السودان العامل بمستشفى هجليج، وبصفتهم هذه عرضتهم حكومة دولة الجنوب للفضائيات بلسان حال قائل (ديل الأسرى ونحن بنعاملهم معاملة كويسة)، ليهتف البعض الساذج لحسن المعاملة دون أن يسأل ذاته (هم أصلاً ليهو بقو أسرى؟)، في معركة حق أم معركة غزو باطل؟.. لقد تم أسرهم وهو يؤدون واجبهم في ديارهم وليس في ديار سلفاكير، وهذا ما يجب أن يبقى في ذاكرة الناس حين تحدق في لعبة (حسن المعاملة) المراد بها إرسال خطاب ساذج للشارع السوداني، فحواه: (نحن نحتل أرضكم برفق).. خطاب سياسي ليس إلا، لاستدرار عطف المشاعر، ولتنسى العقول أن هناك (هجليجَ محتلة)، وتم احتلالها بغير وجه حق.. فالمواثيق الدولية التي تنص على حسن معاملة الأسرى، هي ذات المواثيق الدولية التي تمنعك عن استباحة أرض الآخرين، ولكن حكومة دولة الجنوب تنتقي نصوص تلك المواثيق، بحيث تنتهك بعضها وتتجمل بالبعض الآخر، وكأن رؤوس الشارع السوداني خلت من العقول وصارت مجرد (كسكتة).. ومع ذلك، نأمل أن تلتزم الدولة السودانية وقواتها بأخلاق الحرب، بحيث لا تهين أسيراً ولا تعذب جريحاً، بل ولا تعرضهم في الفضائيات كما فعل بلهاء دولة الجنوب.. فالأكرم إعادة أسرى دولة الجنوب وجرحاها الى ديارهم، فهذا من مكارم الأخلاق، ثم لتحدثهم أنفسهم لاحقاً بأن أرض السودان عصية على (الأنذال الأجانب)..!!
** ثم التحيات للإمام الصادق المهدي، وهو يتجاوز بموقفه الوطني المسؤول محطة إدانة عدوان دولة الجنوب ودعم قوات الدولة السودانية الى محطة تفقد جرحى معارك هجليج بالسلاح الطبي مشاطراً مؤازراً بسالتهم وداعماً لوطنيتهم.. وهكذا الإمام كما العهد به دائماً يميز – بحسن بصيرته وصدق مواقفه – ما هو للوطن عما هو للحزب، حاكماً كان أو معارضاً..وعندما وصفت موقف الإمام الصادق في قضية احتلال هجليج بـ(الكبير دائما كبير)، كنت أعى ما أقول..فالغاية العظمى من السياسة وكل تفاصيلها – متوافقة كانت أو متناحرة – هي (الوطن).. زارهم الإمام وآنسهم وجالسهم وآزرهم، ليس بصفة مسؤول في السلطة أو نافذ في حزبها، بل بصفة أسمى من هذا وذاك بكثير، وهي صفة (ود البلد).. وتلك صفة لا يحظى بها إلا ذو حظ عظيم في سوح العمل العام، بدليل أن البعض لا يزال يلتزم (الصمت الحائر)، بحيث عجزت أفكارهم وتجاربهم وشعاراتهم عن تشكيل موقف حول (غزو هجليج السودانية).. على كل حال، ناصروا قوات بلادكم أيها الأفاضل، أما الحيارى – الذين يتخبطون في مواقفهم الفكرية والسياسية، بل والوطنية أيضاً – فليناصروا (غزاة سلفا كير)..!!

إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]