تحقيقات وتقارير

حسابات ما قبـل المواجـهـة


[ALIGN=JUSTIFY]السؤال الاساسي الذي يطرحه هذا التقرير هو الى اي مدى استعدت الحكومة للمواجهة التي اختارتها ليتفرع منه السؤال هل هي قادرة على هذه المواجهة.. ومن ثم ما هو ميدان هذه المواجهة الذي تفضله الحكومة ؟
تجدر الاشارة ابتداء الى ان الحكومة قد رتبت بيتها الداخلي قبل ان تختار المواجهة سبيلا للخروج من الازمة الماثلة فقد كذب مساعد الرئيس الدكتور نافع علي نافع وجود انقسام في المؤتمر الوطني بين الرئيس عمر البشير ونائبه علي عثمان محمد طه، جراء تحركات المحكمة الجنائية ،ووصفه بانه ـ (احلام يقظة ) وأبدى رئيس الجمهورية في حديث لصحيفة الاخبار قبل يومين دهشته لما يشاع عن موقف مختلف لنائب الرئيس السيد علي عثمان محمد طه قائلاً ( المرة الوحيدة التي رأى فيها قيادات المؤتمر الوطني علي عثمان غاضباً (يدق) المنضدة بيده حين طرحت إمكانية التعامل مع المحكمة الجنائية ) وقال رئيس الجمهورية بعد ان اشار الى كثيرين في الخارج والداخل يراهنون على انقسام المؤتمر الوطني ( هؤلاء وأولئك واهمون والمؤتمر الوطني وكحزب رئيسي في الحكم وبكافة أجهزته يعمل بمنتهى الانسجام والمسئولية داخل مؤسساته ومع شركائه في الحكومة وكل القوى الوطنية الحريصة على استقرار البلاد .
اذاً الحكومة »على قلب رجل واحد« بل ان أمين أمانة المنظمات بالمؤتمر الوطني الدكتور قطبي المهدي ، قال ان أي قرار يصدر عن الجنائية الدولية، يعتبر قراراً ميتاً لا يعني السودان في شيء وغير ملزم، واكد ان السودان متحسب لأي تطورات مرتبطة بملف قضية المحكمة الدولية وتداعياتها على الصعيد الداخلي والخارجي.
واكثر من ذلك فان الحكومة ترى في المسألة برمتها محاولة لتغييرها وما المحكمة الجنائية الا لتغيير نظام الانقاذ العنيد ( بعد ان ايقنوا انه لن يتغير بالانتخابات) كما قال الدكتور نافع ، وشبه نائب الرئيس على عثمان محمد طه في الملتقى الثاني للسودانيين العاملين بالمنظمات ومؤسسات التمويل الدولية والاقليمية مسألة المحكمة الجنائية وادعاءات الابادة والحرب في دارفور بأنها مثل اسلحة الدمار الشامل يراد لها ان تكون مدخلا (وحصان طروادة) لتمرير المؤامرة حتى اذا ما احكموا قبضتهم وحققوا غاياتهم قالوا لم نجد كل الذي كانت تتحدث به اجهزة الاعلام وانه كان مبالغة، وأشار الى اعتراف بعض ألسنتهم الحية والحرّة بذلك.
لذا فإن البروفيسور حسن مكي لا يتردد حين اتوجه اليه بالسؤال امس عبر الهاتف حول خيار المواجهة في ان يقول ان الحكومة تدافع عن نفسها وهي لا تملك الا ان تدافع ( ماذا تفعل .. تستسلم لا لن تستسلم ، فهي تعتبره عدوان على شخصية الحكومة ) فاسأله (الى اي مدى هي قادرة على هذه المواجهة) فيقول هودفاع عن النفس ، فاقول له اهي قادرة على الدفاع عن النفس ، فيجيب ( انت لا تبدأ الدفاع عن النفس الا بعد معرفة طبيعة العدوان )، ولكن الدكتور آدم محمد أحمد نائب عميد كلية العلوم السياسية – جامعة الزعيم الازهري يستبعد احتمال المواجهة العسكرية ( لانها غير ممكنة والمجتمع الدولي نفسه لا ينوي التدخل) ويستغرب كلام الحكومة غير المنطقي في الحديث عن مواجهة وذلك ( لأنها شكلت لجان للتعامل مع القرار، سياسية وقانونية، اللهم إلا اذا كانت المواجهة عبر هذه اللجان).موضحا ان المجتمع الدولي سيطالب بالتسليم وسيفرض حصارا اقتصاديا وسيسلك مسارا دبلومسيا، وقد يطالب بمسؤولين آخرين ويحظر نشاط الرئيس.
ويمضي الدكتور ادم الى القول ( دائما في هذه الحالة المجتمع الدولي سيستخدم سياسة النفس الطويل) ولكن البروف حسن مكي يرى ان سياسة النفس الطويل في مصلحة الحكومة السودانية ( وقد تأتي متغيرات تجعل القضية تسقط ) ويتساءل (هل يحتمل المزاج العالمي بعد غزة ازمة دولية اخرى؟ ) ليجيب بنفسه ( ازمة غزة اذا مرت في اتجاهها الحالي فالمزاج العالمي لن يقبل )
وفي هذا السياق يلفت النظر ترحيب بريطانيا وفرنسا باستمرار شريكى الحكم في السودان لتعزيز السلام بعد اربع سنوات من توقيعه ، مما عده مراقبون حديث له ما بعده ، فقد هنّأ مارك مالوك براون وزير الشؤون الأفريقية والآسيوية الشعب السوداني بمناسبة الذكرى الرابعة لتوقيع اتفاق السلام الشامل بين شمال السودان وجنوبه، منوّهاً بأن الاتفاقية قدّمت نموذجاً إيجابياً للنزاعات الأخرى في السودان، وغيره من الدول الإفريقية.وطالب الوزير البريطاني الشريكين على ضرورة المضي في التزاماته، والعمل مع بعثة الأمم المتحدة في السودان، ولجنة التقويم بغية دعم الجهود المتواصلة في هذا السياق. ولفت إلى أهمية الاتفاقية، باعتبارها تُصب بالنفع على جميع الأطراف في السودان.
اما فرنسا فقد حث وزير خارجيتها برنار كوشنير في بيان بمناسبة مرور اربع سنوات على توقيع اتفاقية السلام ، الحكومة الاتحادية وحكومة الجنوب على مواصلة جهودهما المشتركة لتوطيد الديمقراطية في السودان، ملقيا الضوء على الانتخابات العامة المقرر اجراؤها العام الجارى.
وهنا يقدر الدكتور ادم ان خطاب المواجهة الذي تتبناه الحكومة الآن ربما كان موجها للخارج ( لتخويف المجتمع الدولي حتى يتردد في اصدار القرار وذلك عبر التهديد بنسف الاستقرار في السودان وفي دول الجوار مشيرا الى تحذير وزير العدل عبد الباسط سبدرات في سبتمبر من العام الماضي من تسونامي يعم المنطقة في حال صدور القرار) ، وربما كان موجها للداخل ( لتخويف بعض الجهات المؤيدة لاصدار القرار ضد البشير، وهذا ليس من مصلحة الحكومة فهي محتاجة للمصالحة مع كل التنظيمات في الساحة ) .
بقى اخيرا ان نعود الى سؤالنا حول ميدان المعركة ( ما هو ميدان هذه المواجهة الذي تفضله الحكومة )؟ الميدان يحدده الرئيس البشير بعد ان يؤكد إن المعركة مع المحكمة الجنائية ومن يقفون خلفها طويلة ولن تنتهي بين يوم وليلة ويقول في حديثه لـ الاخبار (هي معركة تتفاوت ميادينها من الدبلوماسية الى السياسية الى الإعلامية ) واضاف ( إن رصيدنا في كل هذه المعارك إيماننا بالله وتمسكنا بسيادتنا وقناعتنا بأن يعيش شعبنا سيداً لنفسه ) وحول ترتيبات المواجهة يقول البشير (خياراتنا متعددة ومفتوحة وتم ترتيبها بما يلائم كل موقف ولكل حادث حديث )
التقي محمد عثمان :الصحافة [/ALIGN]