رأي ومقالات

إصلاحيو الوطني .. قصة النجيلة والفيل

[JUSTIFY]لم يحظ إصلاحيو الوطني بتعاطف شعبي واسع، كما كان يتوقع، حتى من قوى سياسية لا تخفي عداءها لهم، لم تجد الخطوة اهتماماً وأُعتبرت مجرد صراع أجنحة داخل حزب مليء بـ(الأجنحة والصراعات).

كثيرون اعتبروا خطوة المجموعة التي أُطلق عليها (إصلاحيو الوطني) قيل إنهم (31) بقيادة د. غازي صلاح الدين وآخرين أشهرهم ود إبراهيم، مجرد فرقعة من أشخاص ظلوا يتنقلون من المواقع التنفيذية والتشريعية منذ مجيء الإنقاذ قبيل نحو عشرين عاماً. طوال تلك السنوات لم يسمع أن احتجت مجموعة غازي على الكثير من الممارسات الخاطئة التي ارتكبها الحزب ودولته.

حتى موقف العتباني من اتفاق نيفاشا ما هو إلا رد فعل وغبن تجاه من سحب ملف المفاوضات منه.
خطوة الاصلاحيين على الرغم من خطوة إصلاحيي الوطني – التي لا أتفق على تسميتها بهذا الاسم – كانت انتهازية واستغلت ظرفاً يحتاج فيه الشعب لإصلاحيين جادين يقفون إلى جانبه، ويقودون جهوداً حقيقية تثمر إثناء الحكومة والوطني عن تنفيذ أكبر كارثة اقتصادية أسهمت في طحن المواطن السوداني بعد إعلان زيادة أسعار الوقود وسلع أخرى ضمن حزمة إصلاحات حاولت الحكومة أن تنقذ من خلالها اقتصادها المنهار، فضلاً على تنفيذ شروط دفع بها كلٌّ من صندوق النقد والبنك الدولي.

ورغم الحراك الذي أحدثته المذكرة كونها تأتي ضمن سلسلة مذكرات عديدة خرجت من الحزب في صورة محمومة على رأسها مذكرة (المائة أخ) وأخريات، مورست في حقها عملية (وأد) منظم من حزب يتعامل بصورة احترافية في إقصاء وإسكات أصوات منتقديه، حتى ولو من بني جلدته.
ضجيج مذكرة غازي بالعودة إلى مذكرة مجموعة غازي، التي تزامنت مع سياسة زيادات الأسعار الأخيرة وتداعياتها وسط المواطنين، فإن آثارها لم تتجاوز الضجيج الذي أحدثته في وسائل الإعلام وآخرون من رفقاء المجموعة التي تخلت عن الحزب طوعاً.

فمثلاً المحاولة الإنقلابية التي قادتها أيضاً مجموعة تنتسب للحزب، ظلت حديث المجالس على الرغم من حالتي الغموض والشك اللذين اكتنفا القصة من الأساس، فضلاً على ذلك، فإن المتهمين لم يحظوا بأي تعاطف من قبل السودانيين، لكنها كانت موضوع نقاش تتداوله مجالس العامة، وكان الشارع يتابع تداعيات محاكمة أهل الإنقلاب، ولو من باب (الشماتة)، وهو الأمر الذي افتقده أهل مذكرة الـ(31)، لذلك فإن إعلان العقوبات التنظيمية التي اتخذت حيال العتباني وآخرين لم تغير رأي العامة في الأمر.

ولم تحرك في النفوس شيئاً ولم تغير موقفاً ثابتاً بأن ما يجري مجرد تصفية حسابات ومحاولة لإعادة توازنات لـ(شخوص وأسماء) شعرت بأن الأضواء بدأت تنحسر منها، وأنها ستفقد مكانها في الحزب، وأن ضجيج المذكرة أيضاً – جزء من صراع أجنحة.

غازي صانع أخطاء وبصورة أدق، فإن المواطن لا ناقة له ولا جمل فيما يجري.

وعليه، أن يكون أكثر وعياً تجاه ما يجري حوله معالجات لتشوهات اقتصادية نتيجة أخطاء سياسية كان غازي واحداً من صناعها.

لذلك كون أن حزبه يعلن تجميد نشاطه، فهذا لا يعني أن الوطني تراجع عن حزمة الزيادات التي أعلنها، وقطعاً لن يعني أن الوطني سيجري إصلاحات شاملة تخفف عن المواطن، بل لن تعني أن الحزب وحكومته صارا أكثر تفهماً لمعاناة الشارع، بل أن البعض يعتبر أن دعاوى الإصلاح داخل الحزب دائماً ما تكون نتائجها المزيد من التشدد داخل الحزب وسياساته تجاه الشارع في محاولة منه ببسط سيطرته والإيحاء بأنه لا يحتاج لـ(واعظين).

ويرى الكثيرون أن الحزب الآن تجاوز مرحلة الإصلاح، وما يحتاجه هو تغيير. لذلك، فإن خطوة مجموعة غازي مع حزبه لا تعدو أن تكون تجسيداً لصراع الفيل والنجيلة.

شبكة الشروق
سوسن محجوب[/JUSTIFY]