شبالات من هجليج
(1 )
رغم الذي رشح من أن الجيش السوداني يسيطر على مسارح العلميات في هجليج منذ الجمعة قبل الأخيرة ورغم ماصدر من القادة السياسيين من أن إعلان تحرير هجليج سيتم في غضون الساعات في بحر الأسبوع المنصرم ورغم إعلان التحرير سبقته تهيئة قاربت الساعة في نهار الجمعة الأخيرة (سوف نذيع عليكم بيانا مهما من القيادة العامة للقوات المسلحة بعد قليل) رغم كل ذلك التأخير ورغم كل ذلك التبشير فقد كانت لحظة إعلان التحرير على لسان وزير الدفاع لحظة دهشة حقيقية تم التعبير عنها بانفعال حقيقي وعفوي وغير متكلف. كل هذا يشي بأن مفاجأة احتلال هجليج قبل تحريرها بعشرة أيام كانت مؤلمة جدا, كانت قاسية جدا, كانت محبطة جدا لذلك جاء تحريرها كشبال معطر. كلمة شبال وردت في أغنية ود البادية الليلة سار ياعشاي (رقصت ليهو مسك حجباتها , وشال الشبال بانبساطة , وجابت قونين ببساطة).
(2 )
حسنا فعلت الجهات الرسمية من خارجية وإعلامية بإعلانها أن مدينة هجليج تم احتلالها أي أصبحت أراضي محتلة مثلها مثل الأراضي التي احتلتها إسرائيل في عام 1067. كان يمكن أن يصور الأمر بأنه تجدد مناوشات في هجليج. كان يمكن أن يقال إن قوات جنوب السودان دخلت هجليج والجيش السوداني يحاصرها بعبارة أخرى أن المعركة لم تنته ولكن التسليم بأن المعركة انتهت وأن دولة الجنوب احتلت المدينة وكامل منشآتها النفطية الهامة وأن الجيش وكافة المدنيين السودانيين أصبحوا خارجها وأن المعركة انتهت لصالح الجيش الغازي ولكن الحرب مستمرة. هذه الاستراتيجية الإعلامية آتت أكلها على الصعيدين الداخلي والخارجي فالألم والحزن والغضب وحد الشعب السوداني ومن ثم جاء التعافي ناجعا. في تقديري هذا أول شبال يعطيه القدر للسودان منذ انفصال الجنوب.
(3 )
يبدو أن الحكومة سوف تتصالح مع مصطلح (المجتمع الدولي) بعد كجنة طويلة وقد يقود التصالح الى الاعتراف بأن له وجودا مستقلا عن امريكا والمنظمومة الغربية فالشاهد أنها المرة الأولى في تاريخ الصراع الجنوبي / الشمالي وإن شئت الدقة منذ مجيء الإنقاذ التي يتفهم فيها المجتمع الدولي موقف الخرطوم ولكن لم ولن يصل مرحلة التعاطف معها وفي نفس الوقت قد يستريب في سياسة حكومة جنوب السودان وهذا أيضا مكسب للخرطوم ويبقى السؤال كيف تستفيد الخرطوم من هذا الشبال الدولي الجديد ؟.
(4 )
الأيام العشرة التي احتل فيها الجنوب السوداني هجليج كوم, اليومان اللذان أعقبا تحرير هجليج الجمعة والسبت كوم آخر, ثم بقية هذا الأسبوع الى الجمعة القادمة كوم ثالث فالأحد القادم أكان ربنا حيانا سوف نجد أنفسنا أمام كوم جديد لنج فالأحداث تمضي متلاحقة بسرعة جنونية كما أن قراءتها تختلف من جهة الى أخرى وبالتالي ردات الفعل ستكون متباينة. الذي نود أن نقوله هنا يجب أن نعلم أن الأمور كلها في حال سيولة. عليه يجب عدم التسرع في محاولة قراءة آثار معركة هجليج فالمعركة أكرر- قد انتهت من جانبها العسكري المباشر ولكن بقية العناصر المكونة لها مازالت تتفاعل فالذي يكسب ويشيل الشبال النهائي هو الذي يجيد المتابعة بالنظر في كل الاتجاهات ويحق لكل واحد أن يكون غرفة عمليات خاصة به.
حاطب ليل- السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]