الفاتح جبرا

المــــارد والاسطوانـــة (إرشيف)

المــــارد والاسطوانـــة (إرشيف)
[JUSTIFY]كان كل شيء في ذلك الحي الشعبى الذى يطل على النيل يسير بصورة عادية وطبيعية.. يخرج الأطفال والصبية صباحاً للمدارس ويخرج الكبار من بعدهم الى أماكن عملهم يلتمسون الرزق الذى أضحى من الصعوبة بمكان .. بعد الظهر يعود الجميع يتناولون طعام الغداء الذى لا يتجاوز (الملاح) و(السلطة) .. يأخذون قسطاً من الراحة والإستجمام … ثم في العصرية يتجه الشباب الى (ميدان الحي) يرتدون الملابس الرياضية زاهية الالوان ليلعبوا الكرة بينما يجلس جمهور غفير من سكان الحي يتفرجون…
________________________________________
(حسنين) من أقدم سكان الحي يفتح بيته مباشرة على الميدان لذا فقد درج (وكبرنامج يومي) أن يقوم في كل (عصرية) بإخراج كرسي البلاستيك والتربيزة الصغيرة التي يضع عليها (جك الماء) البارد والراديو الترانستور وفي أحيان كثيرة يحمل (الخرطوش) ليسقى أشجار النيم الظليلة التي زرعها بيديه قبل أعوام خلت.. كل ذلك وهو يستمتع باداء الشباب بفنلاتهم (وشورتاتهم) الملونة وهم يمررون الكرة ويتقاذفونها فى خفة ومرونة وحيوية .
فى الأيام التى كان (حسنين) لا يكون لديه (مزاج) للفرجة على (الكورة) كان يحمل (الرماى) و(الصارقيل) يضعهما داخل (كيس البلاستيك الاسود) ثم يتجه نحو شاطئ النيل الذى لا يبعد إلا مسافة دقائق حيث يقوم بممارسة هوايته في صيد السمك والتى أصبح يزاولها مؤخراً فى السنوات الأخيرة كتزجية للفراغ بعد أن تمت إحالته للصالح العام .
كان كل شيء في ذلك الحي يسير بصورة طبيعية الى ان عاد الصغار من مدارسهم.. والكبار من أماكن عملهم فى ذلك اليوم ليجدوا أن هنالك كميات مهولة من مواد البناء من خرسانة وسيخ وطوب ورمل قد تم انزلها في وسط الميدان تماماً.
– تكون الحكومة عاوزة تعمل لينا (مساطب ) للميدان؟
– مساطب شنو يا زول؟ معقول (السيخ التخين) ده يكون بتاع مساطب؟؟
– طيب تفتكر عاوزين يعملو لينا شنو (أحسن) من الميدان؟ الميدان ده قاعدين نعمل فيهو (مناسباتنا) والأولاد قاعدين
يلعبوا فيهو الكورة وهو (المتنفس الوحيد) فى الحى يعنى ح يعملوا لينا شنو أحسن منو؟؟؟
(فى تهكم) : يعنى تفتكر ح يعملوا ليك فيهو (عيادات) مجانية؟؟
لا يعنى بتفتكر (الجماعة) ديل ح يعملوا لينا فيهو شنو؟
دى عايزة ليها (درس عصر) ما ح يكون أدوهو لواحد منهم يعملو (فيلا) أو (مدرسة خاصة) او (مستوصف إستثمارى) أو حاجه بالشكل ده
– ونحنا مصلحتنا شنو؟
– (فى تهكم) : مصلحتنا ؟؟ هو هسع شايف ليك زول من (الناس) ديل بعاين لى مصلحتنا ؟؟؟
والله كلامك صاح هسع شوف (المطرتين) الجو ديل البلد كلها غرقت الشوارع بقت (طين) والمواطنين بيوتهم وقعت والسيول كتلت الناس والمسئولين ما هاميهم بس يعرفو لى جنس شيل (الميادين) دى !!
– الشئ المضحك إنو قايلننا (عورا) وعندنا (ريالة) !!
– كيف؟
– إتخيل إنو الناس ديل عاملين ليهم حاجه كده ذي (لجنة متابعة التعديات على الساحات والميادين العامة) !!! هو العندو (سلطة) يتعدى غيرهم منو؟
تفأجا جميع سكان الحي بعدد من الشاحنات (الثقيلة) وهى تفرغ حمولتها من (مواد البناء) المختلفة فى (منتصف الميدان) .. وكانت مفاجأتهم أكبر فى اليوم التالي عندما عادوا من المدارس والعمل ووجدوا بأن (الميدان) قد تم تسويره بالسلك الشائك بينما عدد من الآليات الضخمة تزحم المكان ومجموعة من (العمال) ذوى سحنات (آسيوية) يتحركون هنا وهناك ويعملون فى همة ونشاط .
بدأ سكان الحى فى التذمر والإحتجاج ولم يعد هنالك حديث بينهم سوى موضوع التغول على ميدان الحى .
لم يقف سكان الحي وعلى رأسهم (حسنين) مكتوفي الأيدي حيث قاموا بمقابلة المسئولين من أجل طرح قضيتهم :
– يا جماعة الميدان بتاع الحي دا عاوزين نعرف شلتوهو مننا ليه؟
– والله الميدان دا طلع من نصيب زول…
– طلع من نصيب زول كيف؟؟ قطع في (كرتلة) وكسبو يعني.
تقطعت (نعال) حسنين وأستاذ (عبود) المحامى وبقية أعضاء اللجنة التى كونها سكان الحى لمتابعة موضوع التغول على ميدان الحى تقطعت نعالهم من الجرى و(المساسقة) وراء المسئولين الذين لم يعطوهم إفادة مفيدة واحدة بل ظلوا يمارسون معهم أسلوب المراوغة و(الزوغان) فالمسئول عن (المحلية) يقول إن المسألة من إختصاص (الشئون الهندسية) والمسئول عن (الشئون الهندسية) يقول إن الموضوع من صميم عمل (الهيئة العامة للإستثمار) ولكن مسئول الهيئة العامة
للإستثمار يفيد بأن الهيئة لا يمكن أن تتصرف بدون موافقة (مصلحة الإسكان) والتى بدورها تفيد بأن لا صلة لها بالموضوع والأجدر مقابلة المسئولين فى (مصلحة الأراضى) والتى أفادت بأن (المحلية) هى المسئولة الأولى والأخيرة من الأمر !!!!
كل افادات المسئولين كانت مبهمة وتوحي بأن المسألة لا تعدو إلا أن تكون واحدة من ألاعيب (المتلاعبين) لذلك فقد إتجه (حسنين) واللجنة التى كونها السكان لمخاطبة (الصحف) ونشر مظلمتهم الواضحة وضوح الشمس إلا أن المسئولين كالعادة لم يحركوا ساكنا ولم يكلفوا نفسهم بالرد على تلك الشكاوى .
تم الإنتهاء من بناء (الفيلا) ذات الأربعة (طوابق) والبلكونات (الطائرة) والحديقة (الحدادى مدادى) و(البوابات) الخارجية العالية.. وجاءت (الكونتينرات) الضخمة تحمل فاخر الأثاث (المستورد طبعا) والستائر والموكيت والسجاد والتحف وتراصت فى باحة (الفيلا) أعداد من فاخر العربات الصالون واللاندكروزر موديل 2007 التى تحمل لوحات (إستثمار) البيضاء!!!
ثم جاء الساكن الجديد (صاحب الحظ السعيد) الذي لم يجد أية بادرة ترحيب من أى من سكان الحي اذ أنه شكل لهم رمزاً حياً من رموز إستغلال النفوذ والإستيلاء على الأموال والممتلكات العامة دون وجه حق .
كان (حسنين) يجلس جلسته تلك على (كرسي البلاستيك) أمام منزله في مواجهة (فيلا) الساكن الجديد حينما تم فتح باب (الفيلا) وخرجت إحدى عربات (الساكن الجديد) السوداء المظللة الفارهة وعندما مرت من أمام (حسنين) لم يراع الساكن الجديد وجود (حسنين) حيث مر بلا مبالاة على احدى (حفر المياه) التى خلفتها الأمطار مما جعل ملابس (حسنين) تتلطخ بالطين ومع ذلك لم يكلف نفسه التوقف للتأسف والإعتذار وواصل سيره .
أصيب (حسنين) بالغضب والحنق جراء تلك (الفعلة) وقرران يجلس على (كرسيه) منتظراً عودة (الساكن الجديد) حتى يلقنه درساً فى (الأخلاق) بعد فترة من الوقت تجاوزت الساعتين عاد (الساكن الجديد) من مشواره ووقف لإدخال عربته للفيلا :
– شنو يعني شلت (الميدان) بتاعنا وسكتنا ليك كمان (ترشنا بالمويه) وتمشى حتى ما تعتذر؟؟
– الرشاك منو يا زول؟
– يازول إتكلم بأدب…
– منو البتكلم بى أدب والله أنا مأدب أكتر منك.
– مؤدب أكتر مني؟؟ الميدان ده قدمت ليهو في (خطة اسكانية)؟؟
تدخل بعض الجيران لفض الاشتباك بين (حسنين) والساكن الجديد.. دخل حسنين الى منزله وفى محاولة منه لتهدئة نفسه والهروب من (جو) المشكلة قام بحمل (كيس الصيد) وإتجه نحو شاطئ النيل….. قام بتطعيم (الرماى) ثم قذف به داخل مياه النيل … كان (حسنين) يغلي من الغيظ والغضب للعبارات التي
قالها له (الساكن الجديد) لذلك لم يستطع الإستمرار في عملية (الصيد) فقرر العودة للمنزل و(إنتشال) الرماى الذي وجده خالياً الا من (زجاجة) ذات شكل غريب عالقة بإحدى (السنارات).. قام (حسنين) بفتح الزجاجة التى ما لبث أن بدأ خيط من الدخان الأسود الكثيف يتصاعد منها إلى السماء ثم يتشكل ويتشكل حتى أصبح مارداً ضخماً ..
– شبيك لبيك عبدك بين إيديك أطلب أي حاجة وأنا البيها ليك.
(في خوف مبتعداً للوراء): إنت منو وعاوز شنو؟
– أنا سلطان الجان وكنت مسجون في (القزازة) دي من أيام (سيدنا سليمان).
– (فى هلع) : وهسع يا سلطان الجان طيب عاوز مني شنو؟
– أنا ما عاوز منك حاجة… إنت التطلب أي حاجة وأنا أحققها ليك لأنك فكيت (أسري).
– (بعد تفكير) : أي حاجة؟
– نعم أي حاجة إنت عاوزها أنا بعملها ليك..
– ( تذكر حسنين غضبه وحنقه على الساكن الجديد): شوف يا (سلطان الجان) أنا عاوز منك حاجة واااحدة بس
– أطلب أى شئ وأنا أنفذوا ليك
– أنا عاوزك يا (سلطان الجان) أي (زول) حرامي سرق أو أكل مال (المواطنين) تقيم ليا عليهو الحد.. يعني يصحى بكرة يلاقي إيدو مقطوعة…
– (بعد شوية تفكير) : والله المسألة دي ما ساهلة لأنو الناس ديل بقوا (كتار خلاص) لكن ح أعملها ليك (ثم بعد أن صمت المارد برهة كمن كان يفكر) .. واللا اقول ليك انا بعد الحبس الطويل ده ما ح أكون فاضي.. (هاك البرنامج ده ) الفى الإسطوانة دى أمشي شغلو في (الكمبيوتر) وح يعمل ليك أي حاجة..
ثم مد المارد يده كمن يتلقف شيئاً من السماء.. وأعادها ممسكة باسطوانة مدمجة (CD) أعطاها لحسنين ثم سرعان ما لف (المارد) على نفسه كالإعصار مصدراً صوتاً داوياً وهو يتلاشى طائراً كالصاروخ نحو الفضاء البعيد.
جلس (حسنين) في مكانه على الشاطئ قرابة الساعة مذهولاً يستعرض ما حدث له وكان من الممكن أن يعتقد أن كل ذلك نوع من (التهيؤات) لولا تلك الأسطوانه التى بيده والتى تؤكد له تماما بأن الموضوع (جد) مما جعله يزداد ذهولا ويقوم بنسيان (عدة الصيد) وتركها في مكانها على الشاطئ عائداً إلى منزله .
دخل (حسنين) الي المنزل .. توضأ ثم صلى المغرب .. ثم نده على ابنه (عصام) الذي يدرس (الهندسة) باحدى الجامعات :
– يا عصام تعال أنا عاوزك.
– في شنو يا بوي..
وقام (حسنين) بقص الحكاية (لابنه عصام) وطلب منه على الفور أن يقوم بتشغيل جهاز الكمبيوتر خاصته ، ما أن قام (عصام)
بتشغيل جهاز (الكمبيوتر) ووضع (الاسطوانة) على سائقه الاسطوانات Cd-Drive) ) حتى ظهر وجه (المارد) على الشاشة إذ يبدو أن الاسطوانة كانت من النوع الذي يعمل بمجرد ادخاله (Auto Run).
– شبيك لبيك عبدك بين ايديك..
ووسط حالة من الذهول والخوف الذي إنتاب (عصام) ووالده قام الاخير بسؤال المارد وهو يرتجف:
– ده هسع يا المارد تسجيل واللا (بث مباشر)؟
– لا ده (بث مباشر) وأنا هسع شايفك وسامعك وشايف ولدك القاعد معاك ده !!
– طيب يا (المارد) ورينا هسع الاسطوانة دي فيها شنو؟ ونعمل بها شنو؟
– شوف الاسطوانة دي فيها اسم أي زول إختلس أو (سرق) أو شال أي حاجة ما بتاعتو من الشعب المسكين (بتاعكم) دا وأي زول قدام اسموا في القائمة ( القروش) الشالها (على داير المليم) وفيها اسم أى زول إنتهك عرض أي مواطن متين ووين.. والرشاوي بالساعة والدقيقة.
– يعني يا (المارد) الاسطوانة دي فيها أي شي؟
– أيوه فيها أي شي من رفع علم استقلال (بلدكم) دا وحتى اللحظة ، ما عليك الا انك تختار فترة الحكم الموجودة عندك في القائمة الرئيسية Main Menu) ) وبعدين تختار نوع
(الجريمة) العاوز تسأل عنها تجيك طوالي أسماء وبيانات الناس العملوها).
هنا تذكر (حسنين) جاره (الساكن الجديد) فقام على الفور بسؤال المارد :
– يا (المارد) انت هسع (برنامجك) ده لو عاوز اسأل ليا فيهو عن الجرائم العملها (زول بالاسم) ممكن ؟
– أيوة نعم.. البرنامج ده فيهو خاصية بحث Search) ) متكاملة.
– كيف يعني؟
– نعم أشرح ليك … ممكن تدخل اسم (المسئول) تجيك كل الحاجات العملها أو تدخل نوع (الجريمة) تجيك أسماء (المسئولين) العملوها أو تدخل (الحقبة) أو الفترة الزمنية تجيك الحاجات العملوها المسئولين في (الفترة) المطلوبة – مواصلاً- وكمان في حاجة مهمة البرنامج ده بيعملها عاوزك تعرفها .
– الحاجة المهمة دى شنو يا مارد؟
– الحاجة المهمة دى إنو عندك خيار option)) اسمو (عقاب) تلقاهو في الشاشة الرئيسية.
والخيار بتاع (عقاب) ده وظيفتو شنو؟؟؟
وظيفتو إنو إنك بعدما تختار إسم المسؤول ممكن تستخدمو عشان يوريك (العقاب) المنتظر(المسئول) يعني (العقاب) المستحقو… وكمان عشان ما أنسى عندها وظيفة تانية أنا عملتها ليك..
وظيفة شنو؟
الوظيفة هي أنك ممكن كمان تختار ( للزول) عقاب معين وأنا طوالي أنفذوا ليك فيهو هنا في (الدنيا) قبل (الآخرة) !!
تاني في حاجة بعملها ( البرنامج) بتاعك ده ما وريتنى ليها يا مارد؟
أيوه … كمان أي احصائيات عاوز تعملها البرنامج دا بيعملها.
إحصائيات زي شنو؟
يعني ممكن تختار واحدة من (الجرائم) قول مثلاً ( الرشوة) وتشوف احصائيات مقارنة ( للرشوة) في كافة العهود بالنسب المئوية والمخططات البيانية ((Graphs
يا أخي يا المارد برنامجك ده معقد بالحيل هسع لو في حاجة غلبتنا نعمل شنو؟؟؟
عندك ملف مساعدة (Help File) في القائمة الرئيسية انت اطبعو على (الطابعة) وأقراهو كويس وخليهو معاك وكل ما حاجة تغلبك ح تلاقى فيهو الحل وهو ح يساعدك كتير..
قام (المارد) بالاختفاء من الشاشة .. بعدها طلب (حسنين) من ابنه (عصام) طباعة ( ملف المساعدة) الذى ذكره (المارد) حتى يضمن أنه سيقوم بالعمل على هذا البرنامج دون أخطاء.
أجيب ليكم العشاء..
كدي تعالي يا (زينب) أحكي ليك الحصل دا..
حصل شنو..
وحكى (حسنين) لزوجته ماحدث منذ ان ظهر له المارد وحتى طباعه (ملف المساعدة) !!
– وهسع عاوزين تعملوا بالبرنامج ده شنو؟
والله أعمل ليكي بيهو عمايل يا زينب .. تشوفي براك .. الجماعة وقعوا معاي جنس وقعة..
(هنا لمعت فى ذهن عصام فكرة) : إنت يا بوى ما نجى نشوف جارنا الجديد ده السجل بتاعو كيف ؟؟
– والله فكرة يا عصام يا ابنى ..
قام (عصام) بإلقاء نظرة على (ملف المساعدة) الذي قام بطباعته ثم نظر تحت العنوان الجانبى (معرفة سجل مسؤول) ثم على (الجهاز) قام بتتبع الخطوات حتى طلب منه البرنامج اسم ( المسؤول كاملاً) وهنا نظر ( عصام) لوالده قائلاً:
أها يا بوى (البرنامج) عاوز اسمو بالكامل نجيبو من وين؟
( في سهولة) : نجيبو من وين كيف ؟؟ ماتمشي تقرأ (اليافطة الذهبية) بتاعتو الخاتيها في باب العمارة دي..
خرج ( عصام ) وعاد بعد دقيقة وهو يقول لوالده .. اسمو ( ابوضراع جامد ابوضراع).. وقام (عصام) على الفور بكتابة الاسم رباعياً .. وفي ثوان ظهر على الشاشة سجل ( أبوضراع)..
أبوضراع .. مواليد 1945م.. التعليم إبتدائي (إكمال).
مجموع أموال بالحرام : خمسة وخمسين مليار وأربعمية وخمسين مليوناً وستمية إتنين وأربعين ألفاً وعشرين جنيهاً
– تفاصيل سرقات عينية 1423 : طن أسمنت 246 طن سيخ 3 لينية
112 طن سيخ 2 لينية .. 269 زاوية 2 بوصة 1500 متر مربع سيراميك مشكل وشنو وشنو وشنو
عليك الله (يا عصام ) يا ولدى شوف الراجل دا.. عامل لينا فيها أبوالشرف … والضراع كيف؟؟ والعلامة فى الجبهة كيف؟ و(السبحة)؟..
(عصام متأهباً) : هسع اقوم ( أقصوا ليك) يا بوى ؟؟؟
قصو قصاهو البلا اليخمو هو بلا جنس الزيو ديل الودانا فى داهية منو؟؟
– (تتدخل زينب) : يا جماعة مافى داعى الراجل ده برضو جاركم .
لكن يا (يمة) ده زول (حرامى وضلالى )
– (حسنين مخاطباً عصام ) : كدى خليك من (ابو ضراع) ده و شغل لينا (البرنامج) ده وتعال نشوف الكبار ديل سجلاتهم كيف؟
قام (عصام) بكتابة أسماء من كبار (السابقين) .. وبعد ثوان ظهرت النتيجة.
شايف ( يابوى) الجماعة ديل ذمتهم (المالية) كلهم نضيفة … لكن شايف يا بوى عدد الناس (الإتعذبو) والناس (الماتوا) والناس (الأعدموا).
كدى بالله يا(عصام) شوف حسابهم كيف ؟؟
يعني يا(بوى) ح يكون شنو؟ خلينا نشوف حاجة تانية.
نشوف شنو ومنو يعني؟
والله يابوى انا عندى (إتنين حرامية) وعاملين فيها شرفاء ديل وقعوا معاي جنس وقعة.
ديل منو طيب ماتكتب (أساميهم) للبرنامج .
وقام (عصام ) بكتابة اسم الاول كاملاً وبعد ثوان.. إمتلأت الشاشة بالمعلومات التي تخص افعاله (الشنيعة) والتي في معظمها رشاوي وإستغلال نفوذ والاستيلاء على المال العام وما أن شاهد (حسنين) هذه الفظائع حتى صاح :
يا (ابن الإيه) ده كلو عاملو وشابكنا ليك .. الشرف والأمانة. على باليمين إلا اقصوا ليك الليلة..
وطلب (حسنين) من ابنه (عصام) أن يقوم بإختيار خيار (قص فاس)
دون شفقة أو رحمة لكن (عصام) فى تلك اللحظة كان يقوم بفتح القائمة الرئيسية واختيار القائمة الفرعية ( عقاب) :
شوف يا أبوى الزول ده عقابو فى الآخرة ان شاء الله (جهنم وبئس المصير) لكن انا هنا عندي خيار (option) إني اعاقبو ليك في الدنيا دي … زى ما المارد قال ..
وعاوز تعمل ليهو شنو؟
لو شيلتو حاجات الحرام دي (طوب ومونة واسمنت وسيخ) و…. ح يموت ساكت.. عشان كده انا بس اوصي( المارد) يقطع يدو ( حداً) .. وقام (عصام) بتنفيذ طلب والده بكتابة ( حد السرقة) في خانة العقاب ثم ضغط على مفتاح الادخال (Enter)
اها والزول الثاني منو..؟
اهو هسع ح أكتب ليك اسمو .. ( ثم قام بكتابة الاسم رباعياً) وقام بالضغط على زر الادخال..
لاحولتن ولاقوتن إلا بالله العلي العظيم.. إنت شايف يابوى الأنا شايفو ده .. ده عندو خمستاشر شركة بتاعاتو…وعندو كم (عمارة) مؤجرة وعندو مزرعة في ( بحري) ومزرعة في ( بتري) وشقة في لندن وشقة في الاسكندرية وشقة فى سويسرا وأسهم فى بنك شنو كده (الماليزى) و …..و……….
– لاحولتن ولاقوتن إلا بالله .. شوف كدى يا(عصام) عقابو المنتظرو هناك شنو؟؟
– عقابو هناك فى (الآخرة) يا بوى مكتوب ان شاء الله !!
– ( الآخرة) دى خليها هسع يا عصام .. أطلب ليا من (المارد)
دا يعاقبو لينا هنا فى( الدنيا) دى قبل الآخرة ، قام ( عصام) بناء على طلب والده بكتابة حد السرقة في خانة (العقاب الدنيوي) ثم ضغط على مفتاح الادخال (Enter) .
بينما كان (عصام) منشغلا مع والده فى هذا البرنامج (الخطير) رن هاتفه المحمول :
إزيك ياعصام
اهلاً يا وليد..
تعرف ياعصام بكرة محاضرات مافي ماتجي الجامعة.
ليه ؟ في شنو؟
في مسيرة (مليونية ).. والخرطوم ح تكون المواصلات فيها صعبة من ( ام درمان).
طيب يا وليد شكراً ح أتصل بيك بعدين.
ما ان سمع ( عصام) مسيرة مليونية حتى تفتح ذهنه على فكرة جهنمية.
تعرف يا بوى انا ح أعمل ليك في الناس ديل عملية بت كلب.
عملية شنو كمان ياعصام ياولدي.
انا ح أنفذ ليك ( العقوبة) على أي واحد ( حرامي) سرق ( قروش) البلد دي…
(هنا تدخلت زينب) ياولد لكن الناس ديل عندهم (أسر) وعيال قاعدين يربو فيهم…
انتي نسيتي ( يمة ) انو ابوي ده مما شالوهو (للصالح العام) جاهو (سكري) وضغط وماقدر على المسؤولية بتاعتنا لحدت ما أنا بقيت أقرأ بالصباح وإشتغل بالليل وأساعدو؟؟ – ثم مواصلاً- والله ما أخليهم !!
قام عصام بفتح القائمة الرئيسية .. ثم قام بإختيار (حقبة الحكم) .. ثم قام بالتأشير على خيار ( كل الجرائم) ثم فتح قائمة ( عقاب) ثم اختار خيار ( عقاب دنيوي) ثم في الخانة المحددة قام بكتابة ( تنفيذ العقوبة حسب نوع وقدر الجريمة المرتكبة) ثم اختار خيار ( الكل) ALL ثم ضغط على مفتاح الادخال (Enter) كانت الساعة قد تجاوزت الثانية عشرة منتصف الليل..
– إنتو ح تقعدو مساهرين كدا يعنى للصباح ؟ الولد ده ياحاج ماتساهر بيهو عشان عندو بكرة جامعة.
– خلاص يا (حاجه) أنا جبت ليك خبرهم وبكره ح تشوفي..
في التاسعة من صباح اليوم التاني موعد المسيرة المليونية جلس (حسنين) وابنه (عصام) أمام جهاز التلفزيون .. كانت المسيرة تتكون من ( صبية ) المدارس وبعض الموظفين والموظفات والعمال الذين دفع بهم (قسراً) للحضور .. بعد أن تجولت الكاميرات قليلاً فى (الحضور) تم قطع البث من موقع الحدث ثم أطل (مذيع الاستديو) مخاطباً المشاهدين:
– سيداتي آنساتي سادتي هنالك عطل في ( عربة التلفزة) الخارجية يجعلنا (نتوقف) عن نقل هذه المسيرة المليونية إليكم وسنعود لكم فور إصلاحه ..
-(حسنين وعصام فى صوت واحد) : عطل وإلا (الإيدين) رقدت سلطة!!
تعالت فى ذلك الصباح أصوات النواح والعويل تنطلق من فيلا(الساكن الجديد) الذي وجد في حجرته ( مقطوعاً من خلاف) على الرغم من أن جميع (منافذ) غرفته قد كانت (مغلقة) تماماً الشئ الذى (حير ) فريق المباحث الذى جاء لكشف ملابسات الجريمة، كما حير (الجميع) ما عدا شخصين ثالثهما (المارد) هما (حسنين) وابنه (عصام)!! [/JUSTIFY]

الفاتح جبرا
ساخر سبيل
[email]gabra-media@hotmail.com[/email]