عبد اللطيف البوني

من توريت إلى هجليج


من توريت إلى هجليج
[JUSTIFY] في اغسطس 1955 واعناق اهل السودان تشرئب لاعلان الاستقلال وحكومة الحكم الذاتي الوطنية تعمل جاهدة لاكمال بقية مستحقات ميلاد الدولة الجديدة وقعت احداث مدينة توريت التي اعتدت فيها مجموعة جنوبية مسلحة على شماليين مدنيين نائمين في عز الليل وبالطبع لن يقول احد ان هذا كان ردة فعل لاية سياسة شمالية تجاه الجنوب لان السودان لم يكن مستقلا ساعتها وكل ما فيه الجنوب من تخلف نسبي عن الشمال سببه الحكم الاستعماري عليه كان الاعتداء على الشماليين العزل مؤلما واحدث جرحا غائرا في الوجدان الشمالي عبر عنه الشاعر الكبير الهادي ادم قائلا:
توريت ياوكر الدسائس والخديعة والدم
قد طال صمتك في الدجى هل ان تتكلمي
*
امعنتي قتلا في النساء وغيلة للمحرم
لم ترحمي حتى صغارهم لم ترحمي
الشيخ والحبلى فاي جريمة لم تجرمي
*
من سد ابواب الجنوب بكل قفل محكم
من قسم السودان بين بنيه شر مقسم
اهم الشماليون؟.. هل كانوا؟ تكلمي
فالواضح من هذه الابيات المقتطفة من تلك القصيدة ان الشاعر يتهم جهات اجنبية غير الشماليين بانها هي التي دقت الاسفين وسط شعب البلد الواحد ولكن يبقى المهم ان احداث توريت كانت بداية لاحداث استمرت لاكثر من نصف قرن من الزمان انتهت بانفصال الجنوب وهكذا النار دوما من مستصغر الشرر.
عليه واعتبارا بما حدث في توريت ينبغي ان نقف طويلا عند الذي حدث في هجليج مؤخرا لا نسفهه كما سفهنا حادثة توريت فدولة الجنوب وهي في المهد رضيعة اعتدت على امها القديمة وبهذا تكون قامت باول عدوان خارجي لها وفي نفس الوقت كانت هذه الحرب الخارجية الأولى حتى بالنسبة للجيش السوداني بعد اشتراكه في الحرب العالمية الثانية تحت علم الامبراطورية البريطانية، حدث هجليج إذا لم يتم حصاره سوف يتفاقم كما احداث توريت فان تكن المعركة العسكرية قد انجلت فلا يعني هذا ان الحرب بين البلدين قد انتهت، ان حكومة دولة جنوب السودان لا تأبه كثيرا بالخسائر البشرية فالانسان لا قيمة له عند تلك النخبة والداعمين لها، كما ان السلاح سوف ياتيها رغدا فتجار الموت لا حصر لهم.
الحرب ليست الوسيلة الوحيدة لاحتواء الحرب فالوسائل البديلة لايقاف الحروب كثيرة جدا، وعلى حكومة السودان ان لا تستنكف في البحث عن السلام مع هذه الدولة عليها ان تتجاوز المرارات فالصغير في ذمة الكبير والمغيب في ذمة الواعي فالمخطط الذي يستهدفنا يستهدف الجنوب هو الاخر فكلنا ضحايا لاطماع دولية اكبر منا. لئن كانت اجيال السودان الكبير التي عاشت السبعين سنة الماضية وهي تدفع ثمنا غاليا لعدم احتواء احداث توريت اغسطس 1955 فينبغي ان لا يدفع من يعيش في السودان وجنوب السودان في السبعين سنة القادمة ثمن احداث هجليج مارس/ ابريل 2012.
[/JUSTIFY]

حاطب ليل- السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]