الطاهر ساتي
عزيزي الدبلوماسي.. (انت شغال شنو؟)
** انتهت معركة هجليج باسترداد الأرض واعتراف حكومة جوبا بالانسحاب منها.. طوعاً أو كرها لم يعد مهماً، فهذا سجال بيزنطي لا ينفع البلدين، فالمهم لم تعد هجليج محتلة كما كانت قبل الخميس الفائت، ولم يعد على أرضها قتال بين الدولتين والشعبين والجيشين، وهذا (مهم جداً).. وما يجب تأكيده أن لغة حكومة جوبا تغيرت كثيراً بعد تحرير هجليج، ولقد أحسن وزير إعلامها قولاً حين قال مساء يوم التحرير (سفيرنا لا يزال بالخرطوم وسفيرهم لا يزال بجوبا، ولم نقطع العلاقات الدبلوماسية).. وكذلك أحسن سلفاكير تفكيرا حين فكر بصوت عال أول البارحة (الجنوب تضرر من إيقاف تصدير النفط عبر الشمال، ومستعد تصديره إذا أوقف الشمال سرقته).. صدق سلفا أو كذب، ليس مهما اتهام حكومة الشمال بالسرقة، فالمهم جدا هو أن حكومة الجنوب لم تعد ترفض تصدير نفطه عبر الشمال، وفتحت باب الحوار حول كيفية التصدير.. هكذا لغة حكومة الجنوب منذ انتهاء معارك هجليج، أو فلنقل: هكذا لسان حال خطاب ساستهم وإعلام دولتهم حالياً..!!
** ولكن لسان حال خطاب الخرطوم وإعلامها الرسمي لا يزال في محطة (أرمي قدام وجيبو حي)، رغم إعلان حكومة جوبا – منذ الخميس الفائت – عن انسحابها من هجليج.. بل الأدهى والأمر أن هناك خبر يشير إلى (إيداع قانون رد العدوان ومحاسبة حكومة الجنوب في البرلمان).. ده قانون شنو كمان؟، وهل الدفاع عن الأرض بحاجة الى قانون جديد؟، وهل تم تحرير هجليج بقانون أجازه البرلمان قبل التحرير بيوم أو بنص يوم؟.. وعليه، نسأل بتوجس: ما الذي يفعله البرلمان حالياً، وقد توقفت الحرب بين الدولتين بتحرير هجليج؟.. الله أعلم، ولكن يبدوا أن هناك برلمانياً لا يزال يسهب – متنطعاً – في خطاب تلك الحرب، رغم انتفاء سببها (احتلال هجليج).. وهذا البرلماني – وأمثاله كُثر – بحاجة الى تنبيه هادئ من شاكلة: (عفواً، لقد وثقنا خطابك الداعي الى تحرير هجليج.. وليس من العقل أن يتواصل ذات الخطاب حتى موعد ميلاد احتلال مدينة أخرى).. فالبرلمان – وكذلك أي داع للحرب – يجب أن يعلم أن للمواطن وعي يسأل: (لماذا الحرب؟).. إن كان للوطن – كما حال حرب هجليج – خاضها مع قواته المسلحة مؤازراً ومناصراً، وإن كان لغير الوطن يستنكر أو يلتزم الصمت والحياد، أو هكذا لسان حال وعي الناس..!!
** ويخطئ من يتوهم بأنه الأحنف بن قيس (كان حين يغضب تغضب له مائة الف سيف من بني تميم، ولا يسألونه عن سبب غضبه).. وعي شعبنا يختلف عن جهل شعب بني تميم.. ولذلك، ليس هناك من داع أن تسهب الخرطوم في خطاب الحرب في ذات اللحظة التي تسهب فيها جوبا في خطاب الحوار والتفاوض.. المجتمع الدولي الذي ناصر الخرطوم في تحرير هجليج من قبضة الجنوب لن يناصرها في تحرير جوبا من قبضة الحركة الشعبية، وأي فعل كهذا (ح يغطس حجر البلد).. حكومة الحركة شأن يعني شعب الجنوب، وكذلك حكومة المؤتمر شأن يعني شعب السودان، وليس لأي حكومة حق تحرير الشعوب الأخرى من أنظمتها يا عالم.. انتو حكومة بلد ولا حلف ناتو؟.. على كل حال، دعم القوات المسلحة في معارك الدفاع عن أرض الوطن يجب ألا يلغي سؤال: أين الدبلوماسية السودانية؟، وماذا تفعل وزارة الخارجية أثناء ساعات العمل الرسمية؟.. نعم، بعد أن أحكمت القوات السودانية سيطرتها على أرض هجليج، فلتكن المعركة القادمة معركة الدبلوماسية..!!
إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]