هنادي محمد عبد المجيد
تاريخ القوات المسلحة السودانية 4
في يوم ١٢ نوفمبر ١٩٥٣م تم الإتفاق بين دولتي الحكم الثنائي منح السودان الحكم الذاتي وتقرير المصير ، وعلى ضوء ذلك قام أول برلمان سوداني ، وعليه تشكلت أول وزارة وطنية في السودان ، كان من ضمن أعضائها البكباشي خلف الله خالد وزيرا للدفاع وكانت المادة (١١) من الإتفاق تنص على أن تنسحب القوات الإنجليزية المصرية من السودان فوراً ، بدأ البرلمان السوداني في الشروع في اتخاذ تدابير تقرير المصير ، وعلى الحكومتين انجلترا ومصر سحب قواتهما من السودان في فترة لا تتعدى الثلاثة أشهر ، ومن ثم تصبح قوة دفاع السودان مسئولة عن سد الفراغ ما يتطلب توسعاً في القوة ويتطلب تغييراً شاملا في تنظيمها وتشكيلها لمواجهة المسئوليات الجديدة لذلك شُكلت لجنة السودنة من عبد الحميد داؤود وهو مصري الجنسية ومستر بيرنيت بريطاني الجنسية ، وثلاثة أعضاء سودانيين ، هم : يوسف سليمان ، الدكتور عثمان أبو عكر ، السيد محمود الفضلي ، كما كونت لجنة سودنة الجيش لدراسة بناء وتنظيم وتشكيل القوة المناسبة والواجبات الملقاة على عاتقها في العهد الجديد ، وكانت تتكون برئاسة الأميرلاي ابراهيم عبود ، القائم مقام عبد اللطيف الضو ، البكباشي عبد الله الصديق دار صليح ، أحمد رضا فريد ، البكباشي حسن بشير نصر ، البكباشي المقبول الأمين الحاج .
قدمت اللجنة سالفة الذكر قرارها لمجلس الوزراء الذي تشكل في يوم ٩ يناير ١٩٥٤م ، وكان البكباشي خلف الله خالد وزيراً للدفاع ، فقدم القرار للبرلمان السوداني الذي أقر بسودنة الجيش ، وبذلك استلم أول قائد سوداني منصب القائد العام في ١٤ أغسطس ١٩٥٤م وهو اللواء أحمد محمد باشا ، فتقلد المنصب من الفريق اسكونر .
أصدر البرلمان السوداني في ١٧ اغسطس ١٩٥٤م قراره بجلاء قوات دولتي الحكم الثنائي عن السودان وبدأت دولتا الحكم الثنائي تنفيذ الإتفاقية في يوم ٩نوفمبر ١٩٥٥م ، وفي يوم ٣٠ نوفمبر ١٩٥٥م أُجليت القوات نهائياً ، وغادر معها الفريق اسكونر باشا القائد العام لقوات دفاع السودان في احتفال عسكري .
بدأ الجيش السوداني الجديد عمله في ثقة وعزم واطمئنان ، ودخلت سنة ١٩٥٥م وكانت مليئة بالعمل الجاد وبدأ التغيير في الهيكل العام للجيش السوداني ليتم التوسع المنشود
* في يوم ١٨ أغسطس سنة ١٩٥٥م تمردت الفرقة الإستوائية بالجنوب ، وكان السودان في أمس الحاجة للوحدة لبناء الجيش .
* في ١/١ ١٩٥٦م أُعلن استقلال السودان وسيادته الكاملة ، وآلت شئون الدفاع عن السودان لقوة دفاع السودان ، والتي تم تغيير اسمها من قوة دفاع السودان إلى الجيش السوداني بموجب الأمر نمرة (١) من الأوامر العمومية ، ، بتاريخ ٣١/١ ١٩٥٦م تكون الجيش المُستقل .
بعد سودنة الجيش وانتقال قيادته لأياد سودانية ، كان إجمالي قوته آنذاك يتراوح بين ٧-٦ آلاف فرد ، يكونون القيادات المختلفة ، كانت هذه القيادات موزعة طبقاً للتوزيع الإداري البريطاني في السودان كلآتي : ١/ القيادة الوسطى أو فرقة الهجانة ومقرها الأبيض .
٢/ القيادة الغربية أو فرقة العرب الغربية وتتكون من كتيبة زائد ومقرها الفاشر .
٣/ القيادة الجنوبية أو فرقة خط الإستواء وتتكون من كتيبة زائد ومقرها توريت – مع ملاحظة أن هذه الكتيبة تعمّد البريطانيون أن يكون قوادها بريطانيين وليسوا سودانيين .
٤/ القيادة الشرقية أو فرقة العرب الشرقية وتتكون من كتيبة زائد ومقرها القضارف .
٥/ كتيبة مدفعية ٢٥ رطل .
٦/ سرايا المهندسين من ٣-٢ سرية .
٧/ سرايا إشارة من ٣-٢ سرية .
بعد اكتمال سودنة الجيش وقبل أن يقف على رجليه اندلعت حادثة التمرد بخط الإستواء ، لذا ارسلت قيادة الجيش بعض الوحدات من الشمال لقمع تلك الحركة ، ورغماً عن الدور الكبير الذي قامت به تلك القوات ، إلا أن الجيش لم يكن بمقدوره القيام بكل هذه المهام الجديدة في الدفاع عن حدود الوطن الشاسعة ، وحماية وحدته واستقلاله بوضعه الذي تركته عليه السلطات البريطانية قبل الجلاء ، لذا كان لا بد من إجراء عملية تحديث واسعة يجيء في مقدمتها زيادة القوة البشرية في الجيش .
عقب حادث التمرد في الجنوب عام ١٩٥٥م تم تجنيد اعداد مناسبة في القوة كما فتح باب لإعادة الخدمة للذين سبق أن انهوا خدمتهم عقب الحرب العالمية الثانية، للإستعانة بخبراتهم ، وكونت نتيجة لذلك بعض الكتائب الإضافية التي أُلحقت بالقيادات المختلفة ، حتى تلك الفترة كان تسليح الجيش قاصرا على الأسلحة والمعدات التي كانت تعينه على أداء دوره القاصر على حماية الأمن الداخلي فقط ،، في المقال التالي بإذن الله نستعرض المراحل التي مرت بها القوات المُسلحة السودانية حتى وصلت إلى ماهي عليه الآن .
هنادي محمد عبد المجيد
[email]hanadikhaliel@gmail.com[/email]