(تقارير خلوها مستورة) … مسلسل آخر ..!!
** نعم هذا مايحدث في هذه القضية، بدليل أن وزارة العدل لم تنف الحدث ولم تفتح بلاغاً ضد الوطن..ولن تفتح، إذ تفاصيل هذه القضية معلومة لكل الصحفيين، بمن فيهم المتدربين، وكذلك معلوم بأن دور هذا المستشار فيها كما دور أي ترس في أية ساقية، أي (فرد من رهط)، ولانطرق باب هذه القضية بعنف إلا لقناعتنا بأنها أقبح قضايا الفساد، مسرحها وزارة العدل، وشخوصها من عمالقة البدريين وما مدحت إلا (طرف الخيط)..ولكن مراكز القوى تظن بالناس جهلاً، ولذلك تتلكأ في الحسم بتحويل الملف من محقق الى محقق آخر، وكأن المراد من كل هذا التلكؤ هو تراكم التقارير في دهاليز وزارة العدل، وليس تحقيق العدالة..هناك تقرير المستشار محمد فريد، وهناك تقرير اللجنة القضائية، وهذا تقرير ثالث تم رفعه لوزارة العدل قبل أسبوع ونيف، ومع ذلك لايزال الصمت هو سيد الموقف، وكأن هذا الصمت هو الذي يجب أن يكون العدل بين الناس، وليس الإفصاح بالحق (بياناً بالعمل، وبمنتهى المساواة بين الولاة والرعية)..نعم لو كانت أطراف هذه القضية ضعفاء من عامة الناس التي هتفت للقوات المسلحة يوم إنتصارها على قوات دولة الجنوب بهجليج، لأقتادتهم يد العدالة – تحت سمع وبصر الناس والصحف – من أمام القيادة العامة الى حيث سوح النيابات والمحاكم، ولكن أطرافها من النافذين في مفاصل السلطة، ولذلك يحدث ما يحدث ( تحقيقاً تلو تحقيق وتقريراً تلو تقرير)..الى أن تلتحق القضية بركب ( خلوها مستورة)..!!
** وما يحدث منذ الخميس الفائت، في قضية أخرى، لايختلف عن هذا كثيراً..إذ في فبراير 2012، شكل وزير الصحة بولاية الخرطوم لجنة تحقيق – برئاسة الدكتور محمد عبد الرازق – لتحقق في استثمارات وانشاءات مستشفى الخرطوم، وكشفت اللجنة من أوجه الفساد والمفسدين ما لم تخطر على قلب بشر، ورفعت تقريرها لوزير الصحة (صرة في خيط)، وبكل وثائقها وأقوال شهودها..تحقيق العدالة يقتضي تحويل التقرير الي نيابة الأموال العامة مباشرة بلا أي لف أو دوران، ولكن هذا لم يحدث..لقد قرأ الوزير مأمون حميدة تفاصيل التقرير وعلم بشخوصها، ومن فيهم من كبار البدريين، فسارع بتشكيل لجنة تحقيق أخرى لتحقق في ذات القضية، أي وكأن لجنة دكتور عبد الرازق حققت في قضية (ووتر غيت)، وليست في تلك القضية..تلك محاولة مكشوفة لكسر أعناق حقائق تقرير لجنة التحقيق..!!
** فالتقرير كان صادماً للوزارة، ولم تكن تعلم بأن مستشاراً رئاسيا من المتورطين، ولذا خرج الناطق الرسمي باسم الوزارة عن المألوف، بحيث يستفز رئيس لجنة التحقيق ويطالبه بتقديم استقالته – مع التأكيد على قبولها – إن لم يرقه أمر تشكيل لجنة التحقيق الثانية المراد بها ( خلوها مستورة)..تأملوا تحقيق العدالة ومن الذي يجب عليه تقديم الاستقالة..رئيس لجنة التحقيق الذي كشف تجاوزات استثمارات وانشاءات مستشفى الخرطوم، أم المتجاوزين الذين تجلت تجاوزاتهم في العطاءات والعقود؟..لقد ظلم التاريخ قراقوش حين وثقه ظلمه قائلاً : لم يتناسب طول حبل المقصلة مع قامة مدان في جريمة ما، فبرأ قراقوش المدان وأمر بشنق أحد الحاضرين من ذوي القامة المناسبة لطول الحبل..لو كان التاريخ حصيفاً لأنتظر هذا العهد البائس الذي تهدد فيه وزارة الصحة رئيس لجنة التحقيق بقبول استقالته، لأن في تقرير التحقيق من هم جديرون بالتمادي في الفساد والإفساد..ولو كانوا من ضعفاء العامة التي هتفت للقوات المسلحة في تلك الجمعة لوجدوا من العقاب ضعفاً أو يزيد، ولكنهم من النافذين، ولذلك وجب تشكيل لجنة تحقيق أخرى، وربما ثالثة في المستقبل، كما حال وزارة العدل في قضية ذاك المستشار و(آخرين)…ولك الله يا شعباً أمواله بين مطرقة الإعتداء الأجنبي وسندان الإعتداء الوطني…!!
إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]