حوارات ولقاءات

حوار مع (التوم سليمان محمد) نائب رئيس حركة (العدل والمساواة) رئيس وفد المقدمة (2 2)


[JUSTIFY]طلبت من الناطق الرسمي باسم حركة العدل والمساواة “الصادق” أن يرتب لنا إجراء حوار مع نائب رئيس الحركة، فعلمت أنه في زيارة لـ(تشاد)، فتنامت رغبتي في إجراء الحوار نظراً لوجود معلومات عن مؤتمر عقد في منطقة (أم جرس) وخاطبه الرئيس التشادي “إدريس ديبي” وتطرق لمستقبل العملية السلمية في المنطقة وفي (دارفور). زرته فور وصوله أحد الفنادق الواقعة بمنطقة وسط الخرطوم ووجدته وطاقم حراسته يرتدون الزي العسكري للحركة وأمامه وجبة العشاء التي تتألف من صحن (عدس) وتعلوه حبيبات الجبنة والخبز.. فتساءلت أهي الضيافة أم أن المقاتل لا يأمن كما القادة الكبار إلا طباخيه المرافقين له. تناولنا ماضي وحاضر ومستقبل الحركة والسلام في (دارفور) فإلى التفاصيل:

} كيف رتبتم من الدوحة وحتى وصولكم إلى منطقة (بامينا) حيث وقعت حادثة مقتل رئيس الحركة وبقية القيادات المرافقة له؟
– عندما انقسمت حركة العدل والمساواة إلى نصفين في المفاصلة.
} مقاطعة: وكيف وقعت المفاصلة؟
– لم تكن وليدة يوم واحد، ومنذ فشل المفاوضات في الدوحة في العام 2010م ولد في الحركة اتجاهان :الأول يقول إن زمن السلام قد حان وأن الحقوق التي نطالب بها قد نصت عليها وثيقة الدوحة، وبالتالي يفترض أن تأخذ الناس هذه الحقوق ولا داعي للحرب، لأن النتيجة النهائية قد أوصلتنا لها وثيقة الدوحة. وهناك مجموعة في قيادة الحركة كانوا يفتكرون أنهم إذا لم يجدوا منصب نائب الرئيس فلا جدوى لنيل الحقوق، وهذا كان مبدأ الخلاف.
} حدثنا بأسماء الفريقين من قيادة الحركة من الذين كانوا يتبنون رؤية الجنوح للسلام، والآخرين الذين يطالبون بمنصب نائب الرئيس؟
– الناس الذين يتبنون مسألة الحصول على منصب نائب الرئيس هم الراحل الدكتور” خليل إبراهيم”، و”جبريل” ومعهم من معهم، والآخرون في القيادة الوسطى والجيش كانوا يقولون إننا وصلنا إلى المرحلة التي يفترض أن نأخذ فيها حقوقنا، وهؤلاء كانوا بقيادة” بخيت دبجو”، والمسألة تطورت حتى وصلت إلى مرحلة الخلاف، وفي الطريق طبعاً رحل الدكتور “خليل “ولم يكن الدكتور” جبريل” مرحباً به ميدانياً وسرعان ما اختلف مع القادة العسكريين في الكثير من وجهات النظر، ولذلك برز الخلاف في وجهات النظر في مسارين. مسار يقوده الراغبون في السلام المنطقي وكانت أغلبية الجيش مع هذا الخيار، أما الخيار الذي يقوده الدكتور “جبريل” كان مجهولا ًوكان يريد منصب نائب الرئيس وفشل، وبالتالي يمكن أن يستمر في الحرب لسنوات دون أن يتحصل على ما يريد.
} وما هي الأحداث التي عجلت بالمفاصلة ومنعت إمكانية استمرار الحركة، ومقدرتها على إدارة وجهتي النظر في إطار موحد؟
– هنالك عساكر كانوا دائما يخالفون التعليمات، وتطورت ووصلت إلى مخالفات من قادة عسكريين وهم يقعون تحت إدارة القائد العام وهو يحاسبهم، ولكن “جبريل” تدخل في الأمر وقال إن هؤلاء القادة لا يحاسبوا.
} ومن من القادة الذين تمت محاسبتهم ومنع ذلك الدكتور” جبريل”؟
– لا داعي لذكر الأسماء لأن هذه مسائل تنظيمية سرية ولا داعي لذكرها في غير محلها، والمهم أن الدكتور” جبريل” تدخل ومنع المحاسبة، والقائد العام هو المعني بمحاسبة القادة العسكريين وذلك التدخل أدى إلى خلاف.
} القائد العام هو” بخيت دبجو” رئيس الحركة الحالي؟
– نعم والعسكريون وقفوا مع القائد وجزء بسيط جدا وقف مع “جبريل”، ولذلك لم يحدث أي شيء، والذين ذهبوا مع “جبريل” كانوا قلة وتركناهم، والذين ذهبوا إلى الدوحة كانوا هم القادة المؤثرين، ومعظم القادة ذهبوا إلى الدوحة وقرابة السبعين قائداً، وهم استغلوا تلك الظروف وجاءوا وقتلوا نائب القائد في مؤامرة تمت في (البير).
} ومن هو نائب القائد؟
– “صالح محمد جربو”، ونحن قلنا لقواتنا لا تسألوهم لأنهم في النهاية سيأتون إلى السلام ودفعنا القائد “صالح “ثمناً للسلام وقلنا لهم لا تحاربوهم حتى نأتي لنقنعهم للانضمام إلى السلام.
} وماذا حدث بعد ذلك؟ هل اتصلتم بهم؟
– لا هم في طريق عودتنا من الدوحة نصبوا لنا كميناً داخل الأراضي التشادية في منطقة بامينا، عبر معلومات دقيقة جدا قدمها لهم شخص أصلا كان معنا وهو من التشاديين الحدوديين وهو صاحب المنطقة التي نرتكز فيها، وهو معنا وظل يتصل بهم حتى وصلوا إلينا ونحن عزل ولا نحمل سلاحاً. وأجرنا ثلاث عربات كبيرة وخمس صغيرة مغلقة، أجرناها من تشاد وشحنا عليها وقوداً ولساتك وإمدادات. والعربات الخمس مستقلة للركوب وظلوا هم جاهزين لمداهمتنا في تلك المنطقة، وكانت توجد قوات حراسة تتبع للقوات المشتركة السودانية التشادية وتجاوزناهم خلفنا وبعد ساعة واحدة هاجمونا.
} وما حجم القوة التي هاجمتكم؟ وما هي طبيعة الأسلحة التي استخدمت؟
– هم دخلوا إلى الحدود التشادية بمسافة ليست ببعيدة من أماكن تواجدنا والتفوا علينا.
} وما حجم القوة التي هاجمتكم ونوع التسليح الذي استخدم في الحادثة؟
– تقريباً حوالي أربع وعشرين عربة ومعظمهم يحملون المدفعية الثقيلة وكلها (ملم) في قطر الذخيرة، وأخف سلاح عندهم كان الدوشكا، واستخدموا كل تلك المدفعية للقضاء على المجموعة ولكن الشخص إذا لم يتم أجله لن يموت.
} وماذا حدث بالضبط بعد الحادثة وكيف تعاملتم معها؟
– في الحال استشهد عشرة وجرح ثلاثة وتم القبض على أربعة وثلاثين من أعضاء الوفد، ومعهم سائقون تشاديون عددهم أحد عشر سائقا بمساعديهم، وهناك ثلاثة رعاة وتم القبض على كل هؤلاء، ولكن لاحقا أطلقوا سراح التشاديين واحتفظوا بأعضاء الحركة وهم أربعة وثلاثون، وأطلقوا سراح أربعة من العساكر الصغار بسبب العلاج، وتمكن اثنان من أعضاء المكتب التنفيذي من الهروب وهما” محمد عثمان” و”محمد بشارة”، والآن بحوزتهم ثمانية وعشرون من القادة الكبار.
} وماذا فعلتم بشأنهم؟
– هم رهائن طبعاً وتم القبض عليهم وهم عزل، وفي القانون الدولي هم رهائن ونحن طالبنا كل الجهات الدولية والإقليمية والحقوقية للمضي في عملية فك رهنهم، وحتى الآن لا توجد أي استجابة ولكن بالمزيد من الضغوط يمكن أن يخلوا سبيلهم، وهم لا ذنب لهم سوى أنهم وقعوا على السلام.
} وما هي الترتيبات التي دخلتم فيها بعد وقوع الحادث تحديداً وكيف نجوت أنت وآخرون؟
– بعد مرور نصف ساعة من الحادثة ونحن من الناجين وكنت قريباً جدا من مكان الحادث، ولحظة إطلاق النار علينا أنا كنت على مسافة لا تبعد أكثر من عشرين متراً من” محمد بشر” وكانت معنا مجموعة أخرى،” نهار عثمان نهار”، و”صديق طمبل”، و”عيسى على حسب الله”، وهؤلاء كانوا معي أسفل الشجرة، وهناك “عادل طيارة” و”تريبو” وهؤلاء قبضوا. والشجرة التي كنا نجلس في ظلها نجا ثلاثة وقبض على اثنين. والشجرة التي كان يجلس فيها” محمد بشر” ومجموعة أخرى قُضي عليهم بالكامل، وهناك أكثر من ست أشجار أخرى كلهم قبض عليهم.
} وكيف نجوتم أنتم؟
– لحسن حظنا كنا نجلس بالقرب من (خور) ودخلنا في الخور والذخيرة كلها أطلقت علينا، ولكنها مرت واحتمينا بالخور وتابعنا )الجري) بداخله لمسافة مائة متر، وطاردتنا عربة وضربت علينا من الأمام لتعيدنا إلى الخلف، وتخطينا الذخيرة ومن توقف تم القبض عليه ومن واصل نجا. كنا ستة أشخاص وواصلنا واحتمينا بأشجار وجدناها أمامنا، وهم لم يكن لديهم متسع من الوقت للبحث عنا، وظللنا نراقب الوضع حتى انسحبوا تماما ورصدناهم.
} وماذا فعلتم بعدها؟
– عدنا إلى موقع الحادث ووجدنا ثلاثة جرحى وعشرة شهداء والشجرة التي كانت تحتها مجموعة” محمد بشر” وتضم سبعة قادة لم يتركوهم في موقعهم، وحملوهم ودفنوهم داخل الحدود السودانية، ووضعوا عليهم تراباً من الأعلى، ونحن جمعنا الجرحى وبقية الشهداء وكانوا ثلاثة وأرسلنا جزءاً منهم إلى الطينة وجزءاً إلى (باهاي). وفي تلك الأثناء جاء مواطن من الجانب السوداني وأخبرنا بموقع دفن” محمد بشر” والآخرين وذهبنا وأحضرناهم وعددهم سبعة، وقصدوا أن يقولوا إن المعركة وقعت في السودان، ولكن وصلت القوات المشتركة وقوات الشرطة وقوات حرس اللاجئين، وكانوا جميعا شهوداً على مسرح الحادث.
} وهل تمكنتم من التعرف على الشخصيات التي قادت تلك العملية ونفذتها؟
– أنا شخصياً لم أتمكن من معرفة أي شخص، لأن الذخيرة كانت ثقيلة، أما الذين كانوا في الأشجار الأخرى شاهدوا وتمكنوا من التعرف على جزء من وجوه الناس المنفذين، والذين تم أسرهم وعادوا أيضا تعرفوا على الذين قبضوهم.
} ومن من الأسماء التي تم التعرف عليها من المنفذين لتلك الحادثة؟
– هم معروفون وهم” فضيل محمد رحومة”، و”عوض نور عشر”، و”مهدي جبل مون” و”حسن كارلوس” وهم كثر والمعروفون كانوا ثمانية عشر قائداً ولدينا قائمة بأسمائهم.
} وما تأثير تلك الحادثة على حركتكم وعلى العملية السلمية والبعض يقول إن الآخرين كانوا يهدفون إلى القضاء على مجموعتكم بالكامل لتصبح القوات بلا قيادة وتعود إليهم بسهولة ماذا تقول؟
– بالضبط هم قصدوا ذلك، وأن يقضوا على القيادة ويستولوا على الجيش ولذلك استهدفوا القيادة، ولكن” حوا”والدة وهم لم يحسبوا لذلك، ويمكن أن تنتهي القيادة بالكامل وتظهر قيادة جديدة من القاعدة، والغبن الذي تركوه في نفوس الناس غير سهل ولم يحسبوا لذلك، وما قاموا به كان القشة التي قصمت ظهر البعير وكتبوا بها شهادة وفاتهم بأيديهم.
} البعض يقول إن الحادثة عبارة عن صراع في خشوم بيوت الزغاوة وخلفت تداعيات وآثاراً بعد وقوعها، وتمت تصفيات بعد ذلك ويستشهدون بأن الأسرى الآخرين من خلاف الزغاوة لم تتم تصفيتهم إلى الآن؟
– هذا الحديث غير دقيق، وهم استهدفوا القيادة وفيها” محمد بشر” ومن بجواره، ومن مات مع” محمد بشر” ليسوا من الزغاوة جميعاً، وخاصة الحراسات والهدف كان القيادة وليس قبيلة بعينها أو خشم بيت معين. والدليل على ذلك أن من بين الأسرى زغاوة، وأنا سمعت ذلك الحديث كثيرا ولكنه غير دقيق، والقصد الأساسي كان اغتيال العملية السلمية، ومن وراء ذلك يبقى هذا هو السؤال، وهذه تخضع لحسابات كثيرة جداً.
} ومن وراء اغتيال العملية السلمية؟
– هما جبريل إبراهيم “و”عبد الكريم جلاي” والأوامر تأتي منهما والبقية منفذون، وهؤلاء هم الذين يقصدون اغتيال العملية السلمية.
} مقاطعة: وما هي الأهداف التي تحركهم لاغتيال العملية السلمية؟
– كانت هذه مبنية على (إما نحن أو هم) وفي حال نجاحنا فهم لا مكان لهم، وفي حال هم نجحوا نحن لن يكون لنا مكاناً والمنطق يقول ذلك.
} بعد هذه الحادثة أعدتم ترتيب أوضاعكم ودخلتم في عمليات عسكرية طويلة ضد حركة “جبريل إبراهيم”؟
– نعم.
} ما هي تفاصيل تلك العمليات وعلمت أنك كنت قائد مجموعة المطاردة؟
– أنا كنت في مجموعة المطاردة والقائد كان” بخيت دبجو” وهو قائد الجيش والمأمورية، وأنا كنت واحداً من القيادات التي نفذت عملية المطاردة في تلك المأمورية باعتبار أني كنت وقتها أمين العلاقات الخارجية، وكل أو معظم الأمناء فقدناهم، إما ماتوا أو أسروا وأنا تحركت في المطاردة حتى حدود كردفان وبعدها تم استدعائي للمؤخرة، لأذهب إلى الدوحة لاجتماع طاريء وعدنا وعقدنا المؤتمر مباشرة وفيه تم اختيار” بخيت دبجو” رئيسا للحركة.
} وما حجم القوات العسكرية التي نفذتم بها عملية المطاردة للمجموعة التي نفذت حادثة بامينا؟
– قواتنا العسكرية معروفة ومجربة، وعسكريا هم لا يستطيعون مواجهتنا، ونحن أهملنا قليلاً ولكن عسكريا هم لا يستطيعون مواجهتنا، ولكن طالما غدروا بنا فحساباتنا ستكون دقيقة جدا معهم ولا أظن أن يتكرر الإهمال.
} مقاطعة: دقة الحسابات هل متواصلة أم أنها مرتبطة بالحادثة المحددة التي وقعت؟
– في الحادثة المحددة التي وقعت ومتواصلة حتى الآن.
} وما هو حجم قوات الدكتور” جبريل “حالياً من خلال متابعتكم وأين تتمركز؟
– هم ذهبوا إلى حدود كردفان واختلطوا مع الجبهة الثورية ووجدوا جزءاً من الإمداد العسكري من دولة جنوب السودان وربما أعادوا تنظيم قواتهم، وبأي حال من الأحوال هي لا تضاهي قواتنا.
} هل لديك أي كلمة في نهاية هذا الحوار؟
– هي رسالة لإخواني الذين يحملون السلاح منذ 2003م، وحاربوا بشراسة وأوصلوا رسالتهم لأعلى الجهات في العالم وفي الأمم المتحدة، أقول لهم ان أوان نيل الحقوق قد آن ونص عليها في وثيقة الدوحة ولم يتبق إلا أن تؤخذ، وأقول لهم إنهم إذا جاءوا وشاركوا في العملية السلمية وأخذوا تلك الحقوق، فهو أفضل من مواصلة الحرب التي لا تضمن مآلاتها، ونحن كنا رافعين شعار إسقاط النظام وحاربنا عشر سنوات لأجله، وتقييمنا أن إسقاط النظام نفسه لن يأتي لنا بالنتيجة لأن البديل لن يكون منا وبالتالي هذه مسألة فيها حسابات بأن تغير حاكماً بأخيه فإن ذلك غير مفيد، والمسألة الثانية إذا سقط النظام سيكون هناك صومال آخر في السودان. وبكل تلك الحسابات فإن سقوط النظام غير مفيد للسودان الذي يواجه أزمة اقتصادية وأزمة سلطة وأزمة هوية ومن يأتي للسلطة ماذا سيفعل بتلك الأزمات؟، فالأفضل أن يترك للشعب السوداني يختار ونحن نأخذ حقوقنا، وأدعو إخواني حملة السلاح للانضمام للمسيرة السلمية، ولنبنِ دارفور بالمال القطري الموجود، لأن السودان لا يمتلك مالاً لبناء دارفور وأدعوهم ليفكروا في مستقبل الأجيال القادمة، وأن نتكاتف جميعاً لننهض بالسودان إلى بر الأمان.

حوار – أحمد دقش: صحيفة المجهر السياسي[/JUSTIFY]