عبد اللطيف البوني

نحو تعامل استراتيجي مع الجنوب

[SIZE=5][CENTER][B]نحو تعامل استراتيجي مع الجنوب [/B][/CENTER][/SIZE] [JUSTIFY][SIZE=5] ثورة يوليو قامت ضد نظام ملكي فاسد فكان لابد لها من أن تحطم كل عناصر بقائه وسياساته وأفكاره المستقبلية وكان ضمن ذلك مشروع وحدة وادي النيل بين مصر والسودان تحت التاج المصري. لم يكن في مقدور الثورة أن تفصل بين التاج والوحدة لذلك اختارت منح السودان حق تقرير المصير ثم العمل على إقامة علاقة طيبة معه ولعل هذا ما حدث ولكن للأسف وضعت مصر السودان ضمن ملفات الأمن وضحت بذلك بسياسات كان يمكن أن تجعل علاقة السودان بمصر أقوى مما هي عليه الآن.
إن بقاء السودان في الملف الأمني المصري فرض على مصر إقامة علاقات منتقاة مع السودان حتى لا تؤتى من قبله فالسادات في لحظة غضب من النميري كان لا يذكر اسم السودان بل يكتفي بعبارة (حدودي الجنوبية) أقامت مصر علاقات خاصة مع طائفة معينة ومع نخبة معينة وأحيانا مع جهة معينة ثم أحدثت كذا عمليات تبديل وتطوير في جماعات وأساليب التعامل مع السودان وفي كل الأحوال نجحت في جعل السودان لا يستطيع إيذاءها هذا إذا لم نقل جعله حديقة خلفية لها. المحاولات السودانية للفكاك من النفوذ المصري كانت أقواها من الانقاذ ثم كانت محاولة اغتيال حسني مبارك التي أعادت (الإنقاذ) لبيت الطاعة المصري وبمعينات خارجية تحسب لقوة مصر الدبلوماسية وضعف السودان في هذا المجال.
سوريا بعد أن اقتطع لبنان منها أصرت على بقاء نفوذها فيه بالجذرة والكرباج وليس بالعصا واستطاعت على إبقائه تحت إبطها ردحا من الزمن ثم استعان الرافضون للوجود السوري بإسرائيل فكانت الحرب الأهلية وأخيرا فقدت سوريا تعاطف السنة واعتمدت على حسن نصر الله وللمفارقة الجنرال الماروني عون ثم كان اغتيال رفيق الحريري الذي كتب لسوريا الخروج النهائي من لبنان أو بالأحرى إخراج نفوذها منه وطبعا سوريا الآن حالتها تجعلها تنسى لبنان والذين خلفوا لبنان.
نحن في السودان حدث لنا في جنوبنا ما حدث لمصر في جنوبها الذي هو نحن وماحدث لسوريا في لبنان وبالتالي لا بد التفكير في رسم سياسة معه تجعلنا نتكافى شره ويتكافا شرنا في المقام الأول ثم التعاون معه ثم الاعتماد المتبادل معه إذا أمكن ذلك فعلينا أن نضع النموذجين أعلاه أمامنا ونضيف لهما نماذج أخرى الهند/ باكستان وإثيوبيا / ارتيريا ولا بأس من اليمن وألمانيا اللتين توحدتا ولكنني خصصت النموذجين المصري والسوري لأنني أحسست أن السودان كان يريد أن يسير فيهما قبل هجليج وفي تقديري أن كلاهما لا يتناسب معنا فالأوفق أن نبتكر نموذجنا الخاص مستفيدين من تلك التجارب. من كل قلبي أتمنى أن تكون علاقتنا مع الجنوب قائمة على المصلحة المتبادلة وحسن النية وحسن الظن ولكن المشكلة كيف نتجاوز الظرف الراهن ؟ يمكن تجاوزه بشوية مذاكرة ونظرة جوانية فاحصة للأمور. دعونا نتفاءل ولو مرة واحدة.
[/SIZE][/JUSTIFY]

حاطب ليل- السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]