عبد اللطيف البوني

إنها الحرب يا…

إنها الحرب يا…
[JUSTIFY] كانت ملاحظة سيادة السفير الأديب خضر هارون في مكانها عندما قال إن الإعلام السوداني لم يستطع أن يقدم للقارىء السوداني ما يقوله الخارج عن السودان علما بأن ما يقال في الخارج عن السودان هو الذي يقع على يوافيخ (مفردها يافوخ) الشعب السوداني وبالطبع الكلمة ليست من السيد السفير. قد تكون اللغة حاجزا أمام ذلك التدفق المعرفي ولكن اللغة خاصة الانجليزية كلغة عالمية أصبحت فرض كفاية يمكن أن يقوم بها البعض وهو موجود ولكن المشكلة في أن وسائطنا الإعلامية لا تعطي أهمية كبيرة للترجمة ولعمري هذا تقصير كبير وآثاره خطيرة لعل أقلها أنها تعيد للأذهان أيام دولة المهدية حيث كان الرأي العام ومتخذ القرار في وادٍ والعالم في واد آخر، لا نريد محاكمة أمة خلت بأدوات معرفة اليوم لأن ملك الحبشة الذي كان معاصرا للخليفة كان مدركا لمقررات مؤتمر برلين 1884 وأخطر الخليفة بأن اوربا قادمة لاحتلال بلديهما فبماذا أجابه الخليفة ناهيك عن رسالة الخليفة للملكة فكتوريا.
عودة لموضوعنا وإن لم نخرج عنه فلابد لنا من الإشادة بما تقوم به صحيفتنا هذه من ملاحقة لما تكتبه كبريات الصحف العالمية عن السودان فالأستاذ بابكر فيصل والأستاذة سحر أحمد، يبذلان جهودا ممتازة في الترجمة كما وكيفا وأتمنى على “السوداني” وكل الصحف ووسائل الاعلام السوداني، أن تنشئ أقساما للترجمة من الانجليزي والفرنسي وكل اللغات الحية لهدف أكبر وهو ربط المتلقي بما يجود به العالم من معرفة، فلا نهضة إلا بالترجمة، ولعل هذا ما أثبته التاريخ البشري لأن اللقاح في كل شيء هو سبب الحياة.
الاستاذ بابكر فيصل بالاضافة لما يقوم به من جهد تنويري عظيم في هذه الصحيفة يقوم كذلك بتراجم نوعية في غاية الأهمية ففي عدد الخميس 10 مايو 2012 ترجم مقالاً أقل ما يوصف به أنه خطير جدا جاء في “النيويورك تايمز” للكاتب جيرارد برونير الخبير بالشأن الافريقي بعنوان (إعطاء الحرب فرصة) إذ يرى هذا الكاتب أن إسقاط حكومة الخرطوم لن يتم إلا بحرب شاملة، والحرب في رأيه أمر سيء ولكن ما يحدث الآن كارثة إنسانية أسوأ من الحرب، لذلك يطالب الكاتب العالم بأن يدعم العالم دولة الجنوب والمتمردين على الخرطوم لإحداث ربيع سوداني عنيف.
لو سألنا هذا الكاتب ما سبب الكارثة الإنسانية الجارية الآن أليست هي الحرب المحدودة التي تجري الآن؟ فإذا كانت هذه الحرب رغم محدوديتها أحدثت هذا فما بالك بجرب شاملة؟ المؤكد أنها سوف تغرق كل الاقليم في كارثة أكبر كما وكيفا وهذا أمر بديهي ولكن الغرض كما يقولون مرض.
أهمية معرفة مثل كلام بورنير ليس لكشف بؤس منطقه، إنما لمعرفة ما يخطط للسودان لاسيما وأن الاستاذ بابكر ذكر أن هذه المقالة كانت واحدة من مقالات أخرى في صحف كبيرة ومن كتاب كبار تدعو لنفس الشيء وهذا يدل على أن الطبخة قد اكتملت وبالتالي على متخذ القرار السوداني أن يعي هذا الأمر والمعرفة كما يقولون قوة.
حاشية:– اقسم بالله العظيم وأنا أضع النقطة الأخيرة في هذا المقال يوم السبت (أمس) رفعت رأسي لقناة الجزيرة فوجدتها تقدم تقريرا مصورا ظهر فيه أن مجلس الوزراء الجنوبي يجيز خريطة الجنوب الجديدة التي تضم هجليج وأبيي ثم ممثلة الأمم المتحدة تصف قصف الطيران السوداني لأراضي جنوبية بأنه جريمة حرب… أها وتاني في شنو؟.
[/JUSTIFY]

حاطب ليل- السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]