عبد اللطيف البوني

عالم سلبطة

عالم سلبطة
[JUSTIFY] الذين شاهدوا جلسة مجلس الوزراء لجمهورية جنوب السودان التي انعقدت يوم الجمعة الماضية تلك الجلسة التي أعلن فيها ذلك المجلس خريطة الجنوب الجديدة التي تضم هجليج وأبيي (الاثنين الليلة وين؟) لاشك أنه سوف يدرك أن الجنوب يدير معركته الإعلامية باحترافية عالية جدا فتلك الجلسة أعد لها إعدادا جيدا وعنصر الصناعة فيه لا تخطئه العين فترتيب وضع الوزراء بزيهم الأفرنجي الفاخر شبه الموحد والبسمات التي تشع من ثغورهم والتي تكشف عن أسنان في غاية البياض تظهرهم بأنهم في غاية الراحة والدعة وكان دولتهم معدل دخل الفرد فيها أعلى من رصيفه الكويتي وأنها أكثر أمنا من سويسرا ولعل في ذلك محاولة للرد على ما تقوله الخرطوم وآخرون عن أوضاعهم الداخلية.
الملاحظة الثانية أن كل القنوات الكبرى في العالم قد أوردت ذات الصورة المتحركة وعسكت فيها خريطة الجنوب الجديدة المكتوبة كلها باللغة الانجليزية والرئيس سلفا يمرر أصابعه فيها مركزا على أبيي و(بانتو) ثم ملء الشاشة بالخريطة كل يدل على أن العرض التلفزيوني شكل من أشكال الاحتفال أو التدشين للخريطة الجديدة لتصبح أمرا واقعا ولكن من خلف هذه المشاهد أكاد أجزم أن هذه الاحتفالية موجهة للخرطوم في المقام الأول. إنهم يريدون أن يقوم نفس الخرطوم وتفقد السيطرة على لسانها فتلعن سنسفيل الجنوب ومجلس الأمن وتغذي الإعلام العالمي بمفردات يلوكها ولعدة أيام.
الواضح جدا أن حكومة الجنوب تتطرف في مواقفها العملية لتجبر السودان لكي يتطرف في أقواله وبما أننا في عالم ظالم متحامل على السودان فإن الإعلام يتجاهل تطرف الجنوب العملي ويمسك (طب) في تطرف السودان اللفظي وهذا هو أس البلاء حتى في أفعالهم المتطرفة استطاعوا أن يوزنوها بأفعال أخرى ففي اليوم الذي أعلنوا فيه خريطتهم الجديدة التي تضم أبيي أعلنوا سحب بوليسهم من أبيي تنفيذا لقرار مجلس الأمن 2046 فتحصلوا على إشادة من الاتحاد الافريقي ومجلس الأمن بينما لم يدانوا لأنهم وضعوا أبيي في خارطتهم الجديدة وفي نفس اليوم قالت الأمم المتحدة إن ما يقوم به الطيران السوداني يرقى لمرتبة جرائم الحرب.
مطالبة الجنوب بضم هجليج إليه تجد مظلة في قرار مجلس الأمن 2046 لأنه لم يكتف بالمناطق المتنازع عليها فأضاف المناطق (المدعاة) ويمكن للسودان أن يفعل نفس الشيء ويضيف مناطق أخرى أو يرسم خارطة بها أبيي وهجليج ويقدمها مع خارطة الجنوب (وقت جابت ليها خرائط) ويظل النزاع الحدودي قائما إن شاء لمائة سنة أخرى تتحكم فيه موازين القوة المحلية والعالمية ونحن نعلم أن المجتمع الدولي مجتمع متحامل على السودان وبالتالي لن يكون منصفا بل سيكون مطففا وما على السودان إلا أن يتدرج على حسب قدرته في مقاومة هذا التطفيف العالمي ففيما يتعلق بخارطة الجنوب الجديدة أتمنى أن يقابلها السودان بأكبر قدر من التجاهل ولا يصرف عربي كثير في وصفها فإن فعل ذلك سيكون قد طرشق أحد الأهداف التي تم بها الإعلان.
[/JUSTIFY]

حاطب ليل- السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]