الطاهر ساتي

عندما تصبح الفكرة … شجرة ..!!

[ALIGN=JUSTIFY][ALIGN=CENTER]عندما تصبح الفكرة … شجرة ..!![/ALIGN] ** لم يكتف علي أمين يومئذ بنشر رسالة تلك الأم التي أرسلت لتشكو جفاء أولادها وسوء معاملتهم لها ، وكذلك لم يكتف مصطفى أمين بنشر ملخص زيارة أم اخرى جاءته لتشكو وحدتها بعد وفاة زوجها وهجرة أولادها ..لم يكتف الأخوان بنشر قضية الوالدتين ، ولكنهما اجتمعا ثم اتفقا على إطلاق فكرة عيد الأم عبر صحيفتهما، اخبار اليوم ..ونزلت الفكرة من الصحيفة إلي أرض مصر لتنبت شجرة يستظل بها أبناء العرب ، في كل مكان ، يوم 21 مارس من كل عام ، وتحتها يوشحون أمهاتهم بالمحبة والزهور والكلمة الطيبة ..وهكذا أصبحت الفكرة شجرة ذات ظلال وارفة ..بعض قصار النظر يصفون تلك الظلال بالبدعة والضلال ، وهم كمن يفتون بحرمة إهدار دم البعوض ثم يغضون الطرف عن إهدار دم ومال الشعوب .. لا عليك صديقي القارئ .. فالمهم أن شجرة عيد الأم نبتت بغرس فكرة ..!!
** وكذلك الدورة المدرسية التي تحتفل اليوم بعيد ميلادها العشرين بالولاية الشمالية ، هي أيضا فكرة جادت بها قريحة أستاذنا الراحل المقيم حسن مختار ، ثم نزلت فكرته من صفحات هذه الصحيفة إلى أرض تلاميذ بلادي وأساتذتهم منتصف السبعين ، فتبنوها وغرسوها وأصبحت بالري المنتظم شجرة ذات ظلال وارفة لتحتشد فيها طاقاتهم ، مهاراتهم ، إبداعاتهم ومواهبهم .. وقبل تلك ، هي شجرة لتلاقي أبناء البلد القارة تحت مظلة القومية ، ليتعارفوا فيما بينهم ويتآلفوا على حب وطن واحد ، ثم يشبون على ذاك الحب .. أو هكذا طرحت عبقرية حسن مختار ، عليه رحمة الله ، فكرة الدورة المدرسية ، فأنبتت الفكرة هذه الشجرة التي نحتفي اليوم بمقاصدها وأهدافها التي لاتخطئها عين ..!!
** فالمقصد ليس هو أن يأتي فريق من غرب الإستوائية ليتبارى في منافسة ما مع فريق من البحر الأحمر ، وينتصر ثم يعود بكأس المنافسة .. لا ، ما هكذا جوهر الفكرة .. ولكن على كل فريق عائد إلى موطنه الصغير يجب أن يعود بحب الفريق المنافس وموطنه الصغير ، هكذا جوهر الفكرة ، وحاصل جمع حب هذه الأوطان الصغيرة هو الذي يرسخ في قلب الطالب حب الوطن الكبير ، من حلفا لنمولي ومن كسلا للجنينة ، وما أعظم القلب الذي يحظى باستضافة هذا المليون حب مربع مدى الحياة ، بكل جميع مافيه ، أديانا كانت أو أعراقا وقبائل ..وقلب يحظى بهذا الحب المترامي الأطراف يعيش منتشيا ومنشرحا كمن يفتح عينه كل فجر لتطل على حديقة فيها كل أزاهير الدنيا ، من كل لون وشذى ..ولك أن تقارن ، صديقي القارئ ، حديقة ليست بارضها غير زهرة واحدة فقط لاغير ، وحديقة أخرى بارضها كل أنواع الزهور .. أي الحديقتين تسر ناظريك وأيهما تصيبك بالإكتئاب ..؟..ما لم تكن مصابا بداء صحيفة نيال بول أو بوباء منبر الطيب مصطفى ، حتما يبهج عقلك وقلبك قبل ناظريك منظر حديقة التنوع الثقافي .. !!
** وطيب الله ثراك أستاذنا حسن مختار وأنت تغرس فكرة جوهرها ثقل هذا التنوع الثقافي في إطار فخر الثقافة السودانية بكل ثقافتها ، وطيب الله ثراك وأنت تهب حياة الناس في بلدي فكرة نواتها هي جمع صغارنا ، كبار المستقبل ، في تظاهرة قومية قوامها جيل ينشد ويتمنى وطنا موحدا بصدق الإنتماء .. شكرا أيها الراحل المقيم على هذا الأمل .. ونأمل أن تتوفق وزارة التربية والتعليم الاتحادية وحكومة الولاية الشمالية في إدارة وتنظيم هذه الدورة ، بحيث تحقق للصغار وابائهم وأمهاتهم الهدف الأسمى ، ألا وهو ..« قوتنا في وحدتنا » ..!!

إليكم – الصحافة السبت 22/11/2008 .العدد 5538
tahersati@hotmail.com [/ALIGN]