صلاح كرار … لغز الإنقاذ في اجرأ حوار (١-٢)
التي ابطلت بمفعولها عمل عتاة الشيوخ وبذا كشف خداعهم وضعف «خوارقهم» وهاجر أهل عشش فلاتة وتم ترحيلهم إلى الإنقاذ « الحي» ولم يصدق أحد ما حدث لهم .. بل ولا زالوا في حالة إغماء مما تم قسراً وبلا وعي.. والآن تحولت «العشش» الأطلال إلى حي النزهة.. وتندروا حول نجاحهم في سكن مميز وأطلقوا عليه الوزير «دقس».
جلسنا معه منبهرين وغير مصدقين بأنه يجلس بيننا في وداعة وتواضع وهو الذي ملأ بأحاديثه وقراراته الملتهبة كل مكان لإرتباطها بعمليتنا الوطنية التي إفتقدت الدفء بجانب الدولار وترنحت أمام ضرباته القاضية كما يحدث الآن كانت سياسة التحرير أنشودة ملأت الآفاق وحلماً جميلاً إلا أن الواقع أحالها إلى كابوس الحاوي الذي إستضفناه (بالوطن) العميد «م» مهندس بحري صلاح الدين كرار عضو مجلس قيادة ثورة الإنقاذ الذي يجلس الآن بعيداً عن ظل السلطة وقريباً عن الجهازين التنفيذي والسياسي ، ويتوق الآن لتكوين حزب جديد بعيداً عن جلباب المؤتمر الوطني، تحدث معنا بصراحة عن المستور في مشواره وعن المخبأ وعن الشائعات وعن المسكوت عليه ندعوكم لقراءته سراً وجهراً..
خاض مخاطر كثيرة والإصرار على درب السياسة وسطر إسمه في أروقة التاريخ بماء الذهب الخالص.. ساح معنا في مدارات ومسارات متعددة ومناخات متنوعة.. فماذا قال العميد صلاح الدين كرار؟؟
٭ أهلا وسهلاً بك ضيفاً عزيزاً
أين ولد ونشأ العميد صلاح الدين كرار وما هو تحصيلك الدراسي؟
– أنا مولود بجزيرة مقرات بمحلية أبوحمد عام 1947
مراحل الدراسة ما بين أبوحمد وبورتسودان حاصل على ماجستير الإدارة العامة من جامعة الخرطوم
٭ التفرغ للسياسة؟
– بعد قيام ثورة الانقاذ في 1989 وحتى الآن
٭ الصعوبات في العمل السياسي؟
– العمل السياسي كله صعاب وقد عبر عنه أحد الكتاب المصريين بقوله (من يعطي جزء من حياته للسياسة عليه أن يكون مستعداً ليعطي جزء من سمعته).
٭ هل الحركة الإسلامية ذابت في المؤتمر الوطني؟
– الحركه الإسلامية ومنذ أن عادت إلى الظهور في العام 2004 أرادوا لها أن تكون تحت عباءة المؤتمر الوطني ومستفيدين في ذلك من تجربة صراعهم مع الدكتور حسن الترابي.
٭ الحركة الإسلامية أم القوات المسلحة هي التي أدخلتك مجلس قيادة الثورة؟
ـ للتاريخ كنت عضواً في الحركة الإسلامية منذ العام 1963م وتواصلت المسيرة ولم تنقطع إلى أن أصبحت بفضل الله عضواً في تنظيم الضباط الأحرار داخل القوات المسلحة ومنذ ذلك التحقت بالجيش وتوطدت علاقاتي عن طريق الحركة
الإسلامية وشاركت في إنقلاب الحركة 89 عن قناعة تامة بالرغم من أنه الآن تغيرت قناعاتي خاصة عندما أسترجع الماضي او أجتر الذكريات تهتز تلك القناعة.
٭ كيف تم إبعادك من الحكومة؟
ـ كان يرى عدد من المدنيين الذين كانوا على رأس النظام في السودان آنذاك ضد الهيمنة العسكرية وإلى يومنا هذا يخشون من العسكريين لأسباب كثيرة جداً جداً فدائماً نحن في القوات المسلحة نقول مهما تلون الضابط أو الجندي أو العسكري بلون عرقي أو قبلي أو سياسي؛ فالقوات المسلحة طبيعتها تصهر
الإنسان في القالب الوطني بمعنى أن تغلب المصلحة الوطنية على أي إنتماء آخر.
هذه طبيعة المؤسسة العسكرية ونذكر مثالاً على ذلك عندما جاءت مايو «لونو» نميري وخالد حسن عباس ومجموعتهم بأنهم قوميين عرب واتهموا عدداً منهم بأنهم شيوعيين؛ إلا أن الواقع حتى هذه اللحظة لا يستطيع الإنسان سواء في القوات المسلحة أو خارجها أن يقول لك إن هاشم العطا أو فاروق حمدنا الله أو
بابكر النور رحمه الله كانت لهم انتماءات يسارية وذلك للذين يعرفون القوات المسلحة وإنتمائها القومي فهي بعيدة عن الإنتماءات العرقية والقلبية، والإنتماءات السياسية تأتي في مرحلة متأخرة عن الإنتماء للوطن والإنتماء للمؤسسة العسكرية، دائماً نحن نقول عندما يدخل الطالب الكلية الحربية فإنه لنا مقولة مشهورة وإلى يومنا هذا «إن الكلية الحربية هي البوتقة التي ينصهر فيها اهل السودان ليصبحوا أعضاءً في المؤسسة العسكرية، فلذلك رغم إنتمائي للحركة الإسلامية لكني وإلى يومنا هذا الأولوية عندي للوطن على أي إنتماء آخر.
٭ سياسة التحرير الإقتصادي هل كانت ناجحة هل كانت مهمة وهل كنت انت جزء منها؟
ـ سياسة التحرير الإقتصادي سياسة اقتصادية معروفة ومن أدوات الاصلاح الإقتصادي العالمي، في أي بلد عندما تريد أن تطبق سياسة التحرير الإقتصادي يجب أن يكون من مطلوباته توفير شروط أساسية لتطبيقها«أخونا» عبد الرحيم حمدي هو مهندس سياسة التحرير وكان لنا آراء ولكن هذه الآراء وبمجرد أن يعبر عنها ويصدر القرار كنا ندافع عن هذه السياسة بإعتبارنا جزءاً أصيلاً من هذا النظام وجزءاً من هذه الحكومة وجزءاً من الجهاز التنفيذي لذا دافعنا عنها دفاع المستميت وأعتقد أن سياسة التحرير الإقتصادي ورغم ما صاحبها من تشوهات وصاحبها من آثار اقتصادية سالبة على الطبقات الضعيفة لكن في النهاية آتت أكلها بحلول عام1999م وكان هذا بمثابة نهاية البرنامج الثلاثي المكون من ثلاث مراحل البرنامج الأول، البرنامج الثاني، البرنامج الثالث.
ففي 1999م إنتهى مدى هذا البرنامج وحقق نتائج باهرة جداً وناجحة بداية بإستقرار سعر الصرف، كما زاد الإنتاج وانخفضت معدلات التضخم ـ ثلاثة مؤشرات مهمة جداً يقاس بها الإقتصاد سعر الصرف للعملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية التي استقرت، انخفض التضخم إلى معدلات غير مسبوقة وزاد الإنتاج في الإقتصاد بسبب السياسات، لكن للأسف الشديد عندما جاءت الطفرة البترولية عام 2000م خاصة عندما تم تصدير أول شحنة كان هنالك إنفصام بين البرنامج ا لثلاثي الذي حقق نجاحات كثيرة وجاءت مرحلة جديدة في ظل الوفرة
الإقتصادية، نذكر مثال على ذلك مؤشرات اقتصادية وأرقام حسابية في العام9991 فعندما انتهى البرنامج الثلاثي للإنقاذ الإقتصادي كان الناتج القومي الإجمالي للسلع والخدمات او ما ينتجه الإقتصاد من سلع وخدمات في القطاع الخاص والعام بلغت 9 مليار دولار.
و في 2009 قبل انفصال الجنوب حيث بلغ الناتج القومي الإجمالي نفس الناتج الإجمالي من سلع وخدمات في القطاع الحكومي والقطاع الخاص بلغت 53 مليار دولار وهذا فرق كبير جداً.
٭ أين ذهبت الـ«53» مليار دولار؟
ـ لوكان هنالك وصل بين البرنامج الثلاثي الذي انتهى في 1999م وفترة الوفرة للعملات الحرة من تصدير البترول في عشر سنوات لأن البرنامج الإقتصادي الاول كان يقوم على تحريك الإقتصاد من الجمود وتوجيهه نحو الإنتاج الزراعي والحيواني وحتى لو لم نركز على أي شىء حتى الصناعة إلا الصناعة التحويلية إذا انتقلنا من البرنامج الثلاثي إلى فترة الوفرة وأستطعنا أن نحول مشروع الجزيرة وهو بمساحته 2،2 مليون فدان تروى رياً انسيابياً من غير إستهلاك طاقة و ركزنا على الثروة الحيوانية، حيث توجد لدينا احصائيات متباينة بين 120
مليون 150 مليون رأس من الثروة الحيوانية هذه النسبة إذا استطعنا أن نصدر منها 5 ملايين رأس في السنة لتحول السودان إلى قوة اقتصادية كبيرة.
السودان لم يهتم بالميزات النسبية مثل كوريا وسنغافورا والصين التي اهتمت بميزاتها الاقتصدية ونهضت بها توجد لدينا ميزة نسبية في الإنتاج الزراعي والحيواني ولا مخرج لنا إلا الإهتمام ودعم الإنتاج الزراعي والحيواني لذلك ركز البرنامج الثلاثي الأول على الزراعة والإنتاج الحيواني فلذلك توجد المشكلة.
و في 9991م إنتهي برنامج لا علاقة له بما تم في العام 0002. حيث تحول الإقتصاد إلى اقتصاد إستهلاكي وحتى البنيات الأساسية لا أسبقية لها على الإنتاج الزراعي وأشياء كثيرة صرفت فيها هذه الأموال.
وعندما انفصل الجنوب وتوقف بترول الجنوب أنا سميتها مرحلة «الذهول» لاننا أصبحنا في حالة ذهول أين ذهبت هذه الأموال «زي الإنسان الغني وفجأة أصبح معدماً» بالتأكيد يصاب بالذهول الأموال لم تستغل في الميزات النسبية التي تميز بها الإقتصاد، وحتى نجني ثمارها في زمن الندرة.
٭ هل اختفيت حقاً من الساحة السياسية وإلى أين إتجه صلاح الدين كرار الآن؟
ـ أنا لم أختف من الساحة السياسية وإنما كنت تعنين الظهور في الساحة السياسية في المواقع أنا خرجت من آخر تشكيل وزاري في مارس 8991م وبعد سبعة أشهر ذهبت سفيراً في البحرين وقضيت ما يقارب خمس سنوات كان ممكن أن أواصل أكثر من هذه الفترة وذلك شأني شأن السفراء الذين تم تعيينهم سياسياً وعندما جاهرت بآرائي في قضايا محددة بعدها فصلت من سفارة البحرين في 2003م.
٭ حدثنا عن فترة السفارة؟
ـ أنا حقيقة كنت معترضاً على ذهابي إلى سفارة يستطيع السفير العادي أن يقوم بهذه المهمة فقد عرض علىّ العمل بعدد من السفارات جلست 7 أشهر إلى أن تقرر أن أخرج في ذلك الوقت وكان ذلك قبل الإنشقاق بين القصر والمنشية ثم قرروا أن أخرج من السودان ، خاصة اني بدأت أجاهر بآرائي وغيرها فطلب مني أن أذهب إلى البحرين وهي الدولة العربية الوحيدة التي لم تكن بها سفارة للسودان وطلب مني تأسيس هذه السفارة وهي سفارة صغيرة في بلد صغير وجلست فيها ما يقارب الخمس سنوات.
في العيد الرابع عشر للإنقاذ في العام 3002م كتبت مقالاً عنوانه «الإنقاذ وهي تبلغ سن الحلم» من المعروف أن سن الحلم 41سنة ومن ضمن ما كتبت انه يفترض في الإنقاذ التي إنفردت بالحكم 31 عاماً أن تتيح المشاركة مع الآخرين بعد 31عاماً من التمكين، حيث ما عادت هنالك خطورة تواجهها لإقتلاعها وبالتالي ليس من مصلحة الإنقاذ أن تنفرد بالحكم وعليها أن تشرك الآخرين وكان لنا رأي في أن اتفاقية السلام التي وقعت في 5002م أن لا تنفرد بها حكومة الانقاذ وأن تشارك الأحزاب الأخرى حتى لا تتحمل وزر هذه الإتفاقية إن «حدث الإنفصال وإن حدثت الوحدة يصيب الإنقاذ محمدتها.
٭ مذكرة الإصلاحيين ما رأيك فيها ؟
ـ مذكرة الإصلاحيين هي ليست المذكرة الأولى لكثير من الناس الذين حاولوا الإصلاح داخل المؤتمر الوطني، وليست هي المرة الأولى التي نحاول أن نصلح حال الإنقاذ التي الآن دخلت في عامها الـ52 يعني ربع قرن فأي انسان عاقل لا يستطيع أن يقول بإن نظام أستمر52 عاماً ليس لديه أخطاء ولا يحتاج إلى مراجعات في مسألة تطبيق الشريعة الإسلامية وباقي مسيرته وحتى قبل هذه المذكرة أو هذه الرسالة نحن نسميها رسالة إلى رئيس الجمهورية بعد احداث 22 من سبتمبر هي رسالة مفتوحة لرئيس الجمهورية ولكن سبقتها مذكرة اصلاحية في اول سبتمبر قبل الأحداث تم تجاهلها بتأثير من أعداء الإصلاح داخل المؤتمر الوطني.
عندما جاءت الأحداث بدأنا نحن كمجموعة من الإصلاحيين وأعضاء في المؤتمر الوطني وأعضاء في الحركة الإسلامية في مواقع متقدمة، منا من هو عضو في المكتب القيادي، وآخرون أعضاء في المجلس الوطني رأينا لابد أن تكون لدينا رسالة مفتوحة لرئيس الجمهورية تتناسب مع الأحداث التي تلت قرارات رفع الدعم على المواد البترولية.
٭ مقاطعة..؟
لماذا رئيس الجمهورية.. أين مؤسسات الحزب
– لأن الأحداث هي محسوبة على رئيس الجمهورية وهو رئيس الجهاز التنفيذي الذي تشارك فيه حكومة الوحدة الوطنية ويشارك فيه الإتحاد الديمقراطي بشقيه ويشارك فيه حزب الأمة.
وخاطبنا رئيس الجمهورية في ظل هذه الأحداث التي سالت فيها دماء الأبرياء، ونحن نتحمل وزر هذه الدماء، ولذلك كانت هي الرسالة المفتوحة للسيد الرئيس، وهذا ما استنكره علينا الناس في المؤتمر الوطني وقالوا الوقت غير مناسباً «يعني الرسالة متفق عليها» ونحن رددنا عليهم بان الوقت تفرضه الأحداث عندما تكون الأحداث كبيرة لابد أن يقال القول في زمنه، وما كنا نستطيع أن نصدر هذه المذكرة بعد أن يقتل الناس وتنتهي الأحداث.
نواصل
حوار : إعتماد عوض:صحيفة الوطن
[/JUSTIFY]