عبد اللطيف البوني
سمعت وشفت وجابوه لي
أوقفوا صرف العربي
في إحدى أمسيات هذا الأسبوع هاتفت إذاعة أم درمان الدكتور هاشم الجاز ملحق السودان الإعلامي بالدوحة فأبدى أسفه أن الصحافة الخليجية غير القطرية لم تكن منصفة في موقفها من السودان فلم تساويه بدولة الجنوب بل قدمت وجهة النظر الجنوبية عليه وأرجع هاشم هذا لأن مصادر هذه الصحف كلها أجنبية غربية مثل رويترز وكلها متحاملة على السودان. ومن خلال متابعتي اللصيقة للقنوات عابرة القارات مثل الجزيرة والعربية والبي بي سي، والسي ان ان، والحرة، وفرنسا 24 توصلت لما توصل له هاشم إذ يمكن أن نقول إن السودان خسر المعركة الإعلامية العالمية ومع التحامل الموجود على السودان، إلا أن هناك عوامل موضوعية وأخرى تسببنا فيها نحن بتصرفاتنا، فالإعلام مهما كان فهو تابع للحدث نعم قد يحوره وقد يعيد إنتاجه. الإخوة في الجنوب لديهم مشكلة في اللغتين الانجليزية والعربية ونحن لدينا مشكلة في اللغة الانجليزية، ولكننا في العربية بنصرف عربي كتير وهذا سبب البلوى، والجنوبيون نفعتهم قلة كلامهم العربي والدليل على صحة ما ذهبت إليه هو كل الإدانات التي حدثت لتصريحات سودانية كانت باللغة العربية تمت ترجمتها وهنا يأتي التربص ولكن كان علينا أن ندرك ذلك.
(2)
والله ظلم علينا ظلم
المناظرة التلفزيونية بين مرشحي الرئاسة المصرية اللذين يعتقد أنهما الأوفر حظا عمرو موسى وعبدالمنعم ابو الفتوح في نهاية الاسبوع المنصرم وجدت صدى إعلاميا كبيرا في الميديا العالمية والعربية وكان هناك إصرار على أن هذه أول مناظرة من نوعها في العالم العربي، طبعا في العالم الغربي هذا شيء عادي. أما القول بأنها الأولى من نوعها في العالم العربي فهذا كذبة كبرى فقد شهدت بأم عيني ديل (البموت وبياكلني الدود) في تلفزيون السودان وفي عام 1986 مناظرة بين ثلاثة من قادة الأحزاب السودانية وهم الراحل محمد إبراهيم نقد وحسن الترابي والصادق المهدي وكان ذلك في عشية انتخابات ليبرالية كاملة الدسم، وهذا يعني أننا سبقنا المناظرة المصرية بأكثر من ربع قرن من الزمان لا بل حتى في الغرب لم تكن تلك المناظرات شائعة كما هو الحال الآن ومع ذلك يقال لنا إن تلك المصرية كانت الأولى من نوعها في العالم العربي اللهم إلا إذا كان السودان بلد غير عربي علما بأن تلك المناظرة كانت لغتها العربية لا تقل إن لم تكن أرفع من تلك المصرية فالترابي والصادق كانا يتكلمان بلغة (قفا نبكي) أما نقد فكان بلغة وسط السودان. لقد شاهدت المناظرة المصرية المشار إليها فكان تركيز ابوالفتوح على أن عمرو موسى من فلول نظام مبارك المباد بينما كان تركيز عمرو موسى على أن أبوالفتوح أخو مسلم سابق. على العموم مبروك لمصر وعقبال لكل العالم العربي بما في ذلك السودان و(برضو تقول لي).
(3)
غريب ديار وغريب أهل
(لو لحظة من وسن، ترجع عني حزني/ تحملني ترجعني إلى عيون وطني/ ياوطني) لعل هذا هو حال شاعرنا الفذ المجيد وصاحب هذه الكلمات محمد مفتاح الفيتوري الذي يرقد الآن يعاني المرض والغربة في ضاحية سيدي العابد غرب الرباط مع زوجته المغربية فاقدا الصحة والهوية والإقامة ومصدر الرزق. سبحان الله محمد الفيتوري صاحب أصبح الصبح ولا السجن ولا السجان باق. الفتيوري صاحب ديوان اذكريني يا إفريقيا الفيتوري القائل (في حضرة من أهوى عبث بي الأشواق / فحدقت بلا وجه ورقصت بلا ساق/ عشقي يفني عشقي وهناى استغراق / مملوكك لكني سلطان العشاق) الفيتوري الذي قال عن السودان ياشرفة التاريخ. الفيتوري حضرت في شعره رسائل الدكتوراة؛ يرقد الآن وحيدا إلا من زوجة وابنه،،، لطفك يارب. لقد أحسن الأستاذ الإعلامي الكبير طلحة جبريل المقيم في الرباط في الاتصال المباشر بالفيتوري ونفى للعالم إشاعة موته ولكنه أكد مرضه وعجزه وحل له مشكلة الإقامة بمعارفه من نسابته ومن المؤكد أنه أسهم في فك ضائقته المالية ولكنه لم يذكر ذلك شهامة منه. الفيتوري كما هو معلوم من أم سودانية وأب ليبي نزع منه النميري الجنسية السودانية. خطفه القذافي وأكرمه ويبدو أنه الآن يدفع ثمن علاقته مع القذافي. الفيتوري سوداني الأصل والهوى والمزاج اسألوا زوجته السودانية الممثلة القديرة آسيا عبدالماجد (ام إيهاب). قرأت أن السيد السموأل خلف الله نجح في استخراج حواز سفر دبلوماسي للفيتوري وهذا طبعا كلام جميل.
(4)
عوض بابكر
إن كنا ذكرنا من قبل في هذه المساحة المؤرخين السودانيين العظماء مثل مكي شبيكة وبشير كوكو حميدة ومندور المهدي بمناسبة تكريم المؤرخ العظيم ضرار صالح ضرار أمد الله في أيامه لا بد لنا اليوم أن نذكر مؤرخا تخصص في تاريخ الفن ذلكم هو الأستاذ عوض بابكر الذي ما تناول أمرا من أمور الفن السوداني إلا أشبعه توثيقا فقد سمعته في الأسبوع المنصرم يتحدث عن كيف أنه وثق لأغاني خلف الله حمد الحماسية فذكر أنه اتصل بمعتصم فضل مقترحا عليه اغتنام فرصة وجود خلف الله لتسجيل تلك الأغاني فاتصلا بمحمود ابو العزايم الذي كان مديرا للاذاعة فوافق دون تردد. وقبل حوالى أسبوعين قدم عوض من مكتبة الاذاعة حديثا رائعا للواء محمد طلعت فريد عن غناء الجلالات في الجيش السوداني وقبل عدة شهور قدم عوض بادي محمد الطيب في حلقة كان قد أجراها معه قبل زمن طويل قدم فيها بادى أجمل أغاني سمعتها في حياتي أغاني جزيرية كان بادى يتغنى بها قبل هجرته للعاصمة واختطاف الحقيبة له ومع كل ذلك أقول إن استفادتنا من عوض قليلة جدا. أتمنى من الإذاعة أن تخصص وقتا راتبا لهذا البحر ليقدم لنا برنامجا ثابتا من مكتبة الاذاعة الصوتية رسالته التوثيق لمسيرة الغناء السوداني فياعوض بابكر والله العظيم إنت ثروة قومية بحق وحقيقة.
(5)
مسيارية
قالت إنها تطلقت من زوجها بعد جهد جهيد وليس لديها أي استعداد للدخول في تجربة أخرى ولكنها في نفس الوقت لم تكره الرجال ولا حتى زوجها السابق ولكنها ليست لديها أدنى رغبة او استعداد أن تكون في منزل به عراقي وسروال وبنطلون وجزمة راجل، كما أنها ليست على استعداد أن توقف نفسها لخدمة راجل فهي إنسانة مثقفة وعاملة وتكسب قوتها من عملها الراقي الظريف، وبما أنها متأكدة من أن هناك رجالا لا يريدون أن يوقفوا أنفسهم على وظيفة رب أسرة ولهم مشاغل أخرى أهم وأقيم إلا أنهم لم يركلوا طبيعتهم البشرية وهم محتاجين للمرأة دون التفرغ لها فإنها تبحث عن واحد من هؤلاء الرجال لتقترن به على سنة الله ورسوله وهي (ما دايرة منه حاجة وهو لا يريد منها حاجة غير الذي أجازه الشرع للزوجين) وبعد ذلك لا يهم يسمى هذا الزواج مسيار او قشار وأقسمت بالله أنها عندما تجد ذلك الرجل او يجدها ذلك الرجل ويتم الزواج إنها على استعداد أن تعلن ذلك على الملأ ومن خلال الوسائط الإعلامية لأنها تعلم جيدا أنها ليست الوحيدة التي لها هذه النظرة (مبروك مقدما)؟!!!.
(6)
الاتنين الليلة وين
هنري ابن الزاندي الذي عاش في قريتنا في سبعينات القرن الماضي وكان محبا للجو (على الطلاق ما اشرحها). حكى لنا ذات مرة أنهم في الجو قد شبعوا للطيش وأقاموا حفلة كاربة غنى فيها كل المبسوطين وقد كان هو نجمهم لأنه غنى عربي وزاندي فسألناه عن الأغنية العربية التي غناها فقال إنه غنى (الكراع ميموني) ولما لم نكن نعرف أغنية بهذا الاسم سألناه أين سمعها فقال إنه سمعها لا بل حفظها من الراديو فطلبنا منه أن يترنم بها حتى نتأكد ومن اللحن تبين أنه غنى أغنية (الله الليموني) للفنان عبد القادر سالم ويومها كان عبد القادر (طالع جديد) وبقوة. وقريبا من قصة هنري عندما كنت مدرسا في المملكة العربية السعودية مع مجموعة من الأساتذة العرب بينهم عدة سودانيين جاءنا في المكتب قبل بداية الدروس تلميذ سعودي وكان فرحا جدا فقال لي إنه شهد بالأمس حفلة سودانية رائعة فسألته عما أعجبه في الحفلة فقال الغناء وأكد إعجابه بالغناء السوداني بحفظه لأغنية من الحفلة مباشرة فسألته عن الأغنية فقال كلاما غير مفهوم فتذكرت قصة هنري وطلبت منه أن يترنم بها ففعل فاكتشفت أن الأغنية كانت أغنية شعبية وهي (الاثنين الليلة وين) ومن كلماتها (ما كنا متحابين زى العنب والتين) وأشهد الله أن التلميذ عندما ترنم بها طفرت الدموع من عيني حيث كانت الغربة والشوق والبعد عن الوطن ممسكات بدواخلي. القصد من ذكر كل هذا القول أن النغم السوداني مؤثر وقابل للانتشار في العالمين الافريقي والعربي ولا تقل لي كيف؟.
(7)
ورونا عرض أكتافكم
بعد مشاهدة مباراة المريخ مازيمبي ثم مباراة الهلال والشلف ثم مباراة أهلي شندي وسيمبا وصلت الى قناعة واحدة فقط وأتمنى أن تكون لدى قطاع كبير من الرياضيين وهو ضرورة إعادة النظر في كل اللاعبين المحترفين فقد أثبتوا أنهم كارثة على الكرة السودانية وأن الكرة السودانية لن تتقدم قيد أنملة طالما أن هؤلاء اللاعبين موجودون في أنديتنا ياجماعة الخير إن تجربة الاحتراف قد أخذت فرصتها الكاملة وأثبتت فشلها الذريع لا بل أثبتت أنه لا أمل يرتجى من هؤلاء المحترفين أما إذا علمنا أن الأندية السودانية تعطي أكبر أجر للمحترفين في افريقيا مضافا لذلك ارتفاع سعر الدولار في السودان بصورة مريعة عليه تصبح الشغلانة (ميتة وخراب ديار) فهي مكلفة ومضرة ومؤذية فمن فضلكم كفاية وخلونا نشوف غبشة كرعين هؤلاء اللعيبة وعليهم يسهل وعلينا يمهل.
(8)
الوراق العظيم
وهذه المادة في طريقها للنشر وصلتني هدية عظيمة جدا من أستاذ الأجيال البروفسير قاسم عثمان نور وهي عبارة عن معجم بمعظم الكتاب السودانيين وفي ستة قرون وأستاذ قاسم كما هم معلوم من أعظم المؤرخين والمؤرشفين؛ أمضى كل عمره المديد إن شاء الله في المكتبات والكتب والمخطوطات فأصبح المرجع الأول في إنتاج السودان الفكري وقدم عصارة جهده في مؤلفات فاقت الخمسين لعل آخرها وليس أخيرها ذلك المعجم الرهيب وإن شاء الله سوف نستعرضه في مقبل الأيام إذا أمد الله في الآجال.[/JUSTIFY]