وقال مدير جهاز الأمن والمخابرات الفريق أول محمد عطا المولى عباس إن نصف القوة المهاجِمة يتبع لدولة الجنوب، وبينما قلَّلت حكومة الخرطوم من شأن الهجوم في تعاطيها مع علاقتها بالأخيرة اختلفت ردة الفعل عن الهجوم الأخير مائة وثمانين درجة، إذ كان لرئيس الجمهورية عمر البشير رأي وُصف بالقوي مضى في اتجاه تشكيل لجنة للتعبئة والاستنفار برئاسة نائبه الأول علي عثمان محمد طه، وينوب عنه وزير الدفاع عبد الرحيم محمد حسين، وضمت في عضويتها مدير جهاز الأمن وعددًا من الوزراء.
الهجوم على هجليج وإن كان يضع علامة استفهام كبرى حول مغزاه في الوقت الذي تحدث فيه رئيس وفد الجنوب باقان أموم عن أن الخلاف أودى بهما في قاع البئر وأنه لا خيار أمامهم غير اتخاذ السبل للخروج منها، ومما لا شك فيه أن الهجوم الذي جاء في الوقت الذي يستميت فيه أعضاء وفد المفاوضات الحكومي برئاسة إدريس محمد عبد القادر قد شكل لهم حرجًا بالغًا وهم يذودون عنه بالحجج والدموع بإزاء المناهضين له سواء من داخل الحزب أو من الأحزاب الأخرى، ليس على مستوى الإعلام وعلماء الدين فحسب إنما داخل المؤتمر الوطني نفسه والجدير بالذكر أن أهم مخرجات أديس التي أثارت جدلاً كبيرًا في اليومين الماضيين تلبية الرئيس لدعوة نظيره إلى زيارة جوبا، فبالرغم من قبول مؤسسات الحزب بالزيارة وترحيب الحكومة بها، جهرت عدة أصوات من قيادات الحزب مثل قطبي المهدي والقيادي بالحزب والحكومة د. أمين حسن عمر برفضها للزيارة باعتبار أن جوبا التي ما زالت تأوي حركات التمرد وتدعمها غير مأمونة على الرئيس، لاسيما وأن ثمة قيادات بالجنوب أعربت في وقت سابق عن ضرورة اعتقال الرئيس متى حطّ رحاله بجوبا، فضلاً عن أن بعض منظمات المجتمع المدني الجنوبي التي تبنت ذات النهج غير مأمونة على سلامة الرئيس، ورأي آخر اعتبر الزيارة حرقًا للمراحل وأن مستوى العلاقات بين البلدين لم يرق حتى الآن لمثل تلك الزيارة، ظهور الآراء المضادة داخل الحزب لقراراته دفع الحزب عبر مسؤوله عن الإعلام والتعبئة بدر الدين أحمد إبراهيم للتصريح بأن أي حديث لغير الأجهزة المعنية أو الأفراد المختصين هو تصريح شخصي ولا يمثل مؤسسات الحزب.
عودًا على بدء فإن الاعتداء على هجليج بكردفان يستدعي ملابسات الهجوم على كادوقلي في يونيو الماضي والذي تم وطائرة وفد الحركة بقيادة ياسر عرمان لم تستقم في فضائها بعد، ليبدأ الهجوم من المطار نفسه لاغتيال الوالي أحمد هارون الذي كان في وداع الوفد آنذاك، ومن قبل وأثناء مفاوضات نيفاشا في 2002 عمد جيش الحركة لاحتلال مدينة توريت فما كان من الرئيس إلا أن أمر بوقف المفاوضات، إلى أن استعاد الجيش توريت، وعلى ذات الصعيد فإن الحكومة ورغم مضيها قدمًا في المفاوضات لم يمنع ذلك البشير من دعوة ولاة الولايات لفتح معسكرات الدفاع الشعبي، لإعداد ألوية الردع ضد المتربصين بأمن وسلامة البلاد، وخصّ الخرطوم بإعداد سبعة ألوية.
على الصعيد الولائي دمغ المسؤول عن آلية الاستنفار والإسناد بجنوب كردفان أحمد جميل الله الحركة الشعبية بنقض العهود والمواثيق، وأوضح أن الأوضاع في هجليج آمنة تمامًا، وأن الهجوم الذي استهدف حقول النفط كان محدودًا، مؤكدًا أن خسائر قوات الحركة الشعبية كبيرة في جانب القتلى والجرحى، وأكد لـ «الإنتباهة» أن قوات الجيش والدفاع الشعبي على أهبة الاستعداد لمواجهة أي اعتداء على مستوى الولاية كلها.
في تقاطعاتها المختلفة منذ الانفصال ظلت الخرطوم تتهم جوبا بدعم ورعاية الحركة قطاع الشمال التي تحالفت مع حركات دارفور، وتشير إلى الأدلة التي تشي بتورطها في ذلك، ولكن المفارقة في حادثة هجليج الأخيرة أن الإعلان عنها جاء كفاحًا على لسان سلفا كير ميارديت في اجتماعه مع مجلس تحرير الحركة، ليجيء الرد الفوري من رئاسة الجمهورية برد الصاع صاعين لدولة الجنوب وتعليق زيارة البشير، تلك إذن هي مؤشرات تفيد أن للحديث ما بعده.
[B] الأصداء العالمية للهجوم [/B] قال تقرير نشره موقع «أول آفركان دوت كوم» بعنوان قمة جوبا اختبار لمصداقية الخرطوم وجوبا ولّدت القمة المنتظر انعقادها في أبريل القادم نقاشًا صحيًا في جنوب السودان عن الآثار السياسية والدبلوماسية والمعنوية التي ستولدها زيارة الرئيس البشير حيث تعتبر الزيارة المرتقبة للرئيس السوداني عمر حسن البشير أول زيارة له للجنوب بعد انفصاله غير أن الأحداث الأخيرة قد جعلت هذه الزيارة المرتقبة في مهب الريح، وبحسب سودان تربيون، فقد ذكرت الإذاعة السودانية أمس أن الرئيس السوداني عمر البشير قد علق زيارته إلى جوبا بعد الهجوم على هجليج ليبرز السؤال الهام حول ما إذا كانت الأحداث ستتطور إلى أن تنقلب إلى حرب شاملة تطحن أبناء البلدين؟ويبدو أن دولة جنوب السودان لا ترغب في أن تُميل كفي الميزان لصالح الحرب حتى ولو على الصعيد الإعلامي حيث نفى الناطق الرسمي للحركة الشعبية نية حكومة دولة الجنوب إشعال الحرب بين البلدين قائلاً: ما يزال القتال مستمرًا ولكننا لا نريد أن يتحول الاشتباك إلى حرب وإننا نلزم أنفسنا بجميع الاتفاقيات الموقَّعة بيننا وبين السودان، وبالرغم من كل هذا القتال نحن ملتزمون بالسلام، جاء ذلك عقب الكلمة التي ألقاها رئيس دولة الجنوب سلفا كير ميارديت في افتتاح اجتماع الحزب الحاكم في جوبا صباح أمس، والتي زعم فيها أن الهجوم جاء ردًا على قصف القوات السودانية لمواقع نفطية بولاية الوحدة الحدودية، حيث أكد كير في كلمته عدم رغبة جوبا في استئناف الصراع مع الخرطوم، وبحسب موقع ياهو نيوز فإن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قد ناشد الطرفين التزام الهدوء، وقال المتحدث الرسمي باسم الأمم المتحدة مارتن نيسيركي أن مون قد دعا البلدين لوضع حد للاشتباكات واحترام الاتفاقيات الموقَّعة بينهما لاسيما اتفاقية أمن الحدود، وأضاف: يجب على البلدين الاستفادة من الآليات السياسية والأمنية القائمة لمعالجة خلافاتهما بالوسائل السلمية، حيث كان الهدف من المحادثات المقترحة بين البشير وكير تخفيف حدة التوتر الذي دفع البلدين إلى حافة الاحتراب.
صحيفة الإنتباهة
ندى محمد أحمد ــ إنصاف العوض
ع.ش[/SIZE][/JUSTIFY]
